الأحد 2024-12-15 23:48 م

عاصفة الرئيس

07:43 ص

وسط هذه التعقيدات التي تواجهها المنطقة، تستفرد اسرائيل، بالقدس، وهذا الاستفراد ليس جديدا، حتى لا يتم التركيز هنا فقط على قرار ترمب، باعتباره الفاجعة الوحيدة التي تنزلت على القدس.



ماهي الاجراءات الفعلية التي اتخذها العرب والمسلمون في الاساس، لتثبيت هوية المدينة، امام مانراه من واقع صعب جدا، في المدينة، من حيث تهجير سكانها، وتغيير ملامح المدينة الثقافية والدينية، وتحويل المقدسيين الى مجرد عمالة بأجور منخفضة عند الاحتلال الاسرائيلي، واغراق القطاع التجاري بالديون، والضرائب، وغرامات البيوت التي تبنى دون رخص رسمية، اضافة الى سحب بطاقات الاقامة، وغير ذلك من اجراءات مستمرة على مدى ستين عاما؟.


لم يقف احد في وجه كل هذه الاجراءات منذ عام 1948، بل على العكس تم ترك المقدسيين فرادى، والكل يدرك ان المقدسي اذا صدر قرار بهدم بيته كونه قام بالبناء دون رخصة، فلن يجد احدا يدفع له قيمة الغرامة، من اجل انقاذ البيت، مثلما لن تجد العائلة التي يتم سجن معيلها، احدا ينفق عليها، في غيابه، وهو الامر ذاته عند تعليم المقدسي جامعيا وغير ذلك.


خذلان المدينة ليس جديدا، فهو برنامج مستمر على مدى عقود، والكل يتحرج ولايجيب عند سؤاله لماذا تركنا القدس، البعض يقول لك ان تحويل الاموال مستحيل، والبعض يقول لك ان هناك حساسيات كثيرة، وحسابات معقدة، وعند قيامنا بتعداد الاسباب التي يتذرع بها كثيرون، نجدها بلا عد ولاحصر، بداية من الاثرياء الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وصولا الى النظام الرسمي العربي، وغير ذلك من جهات يمكن توجيه اللوم اليها اليوم، كونها تخلت عن السوار الشعبي الذي يحمي المدينة.


معنى الكلام، ان المحنة التي تسبب بها ترمب، ليست الاولى، اذ ان اول محنة، كانت في سقوط الجزء الغربي من المدينة عام 48، ثم سقوط الجزء الشرقي عام 67، وماتم خلال هذه العقود، هذا فوق ان معاهدات السلام مع الاسرائيليين، من جانب اطراف كثيرة، وعلى رأسها السلطة الوطنية الفلسطينية، تسبب بضرر كبير للقدس، حين ثبت ماتم التحذير منه، ان اسرائيل لن تلتزم بشيء، وستواصل برنامجها في المدينة المحتلة، بعد ان حصلت على شرعية بالاعتراف الفعلي بالقدس الغربية عاصمة لها، واعلن العرب انهم لايريدون سوى الشرقية.


معنى الكلام، انه بدون اجراءات فعلية، من اجل القدس، فلا شيء سوف يتغير، فقد اعتاد العالم على ردود الفعل التقليدية، والاسرائيليون ذاتهم، لايهمهم كل هذا العداء العربي والاسلامي، ومالم تقع اضرار فعلية على اسرائيل، فأن برنامج الاحتلال مستمر حتى النهاية.


مناسبة الكلام، اننا امام ظرف في غاية القسوة، والاهانة في الوقت ذاته، وهو ظرف لايمكن تجاوزه الا بأجراءات مختلفة، اجراءات على ارض الواقع، واذا بقيت ردود الفعل سياسية، وبذات الطريقة فأن عاصفة ترمب على القدس، سوف تمر، وتصل نهايتها، ونحقق نحن خسارة جديدة.


يبقى السؤال: لماذا لايعلن العرب والمسلمون عن اجراءات عملية، غير الاجتماعات والبيانات والاتصالات، وهل يعقل ان حجم التقييد الدولي والاميركي للمنطقة، يصل الى الدرجة التي لايجد فيها العرب والمسلمون، غير ذات الوسائل التي ثبت فشلها مرارا؟!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة