الرقم مثير جدا،وهو الرقم الذي اعلنته منظمة الصحة العالمية حول وجود مليون اردني يتناولون الكحول،والرقم مفزع،لان رقم مليون شخص،يعني ان اغلب العائلات بها شخص واحد على الاقل يتناول الكحول.
القصة لا تتم قراءتها فقط على مستوى الحرمة الدينية ولا على مستوى التنديد الاجتماعي،اذ ان الرقم يفضح حجم التغيرات الاجتماعية حصريا في البلد،وهو البلد الذي كان محكوما بشدة لمعايير العيب،التي تستمد جذرها الاساس من الدين،وما فيه من حلال وحرام،وهي معايير متوارثة ومعتمدة اجتماعيا.
وبرغم الفقر يتدبر كثيرون المال لشراء المشروبات وفي ذات الدراسة كلام عن ان نسبة كبيرة تستهلك الخمور الرخيصة او مشتقات السبيرتو،اي اننا امام مرضى وجثث مقبلة على الطريق بحاجة الى مليارات من اجل علاجها من امراضها،ومن نتائج افعالها الاجتماعية جراء تعاطي هذه المواد.
المفارقة ان الكلفة النهائية ستدفعها الخزينة لعلاج هؤلاء ولغايات الردع،وكان الاولى تخصيص هذه المبالغ لتحسين حياتهم من الاساس،بدلا من البخل بها،ودفعها اضعاف مضاعفة لاحقا.
على ذات المسرب،تقرأ ارتفاعا في نسبة المدخنين،وارتفاعا في نسبة الطلاق،وارتفاعا في نسبة العنوسة،وارتفاعا في مستويات شكل الجريمة وعددها،وارتفاعا في مستوى الفقر والبطالة،وعدد الذين يدخلون الى مواقع الانترنت الاباحية هنا،هو الاعلى ربما عربيا مقارنة بعدد المستخدمين ونسبتهم،وارتفاعا في حوادث السير،والحبل على الجرار في كل ما لا يسر الخاطر.
كنا نسمع سابقا عن جريمة فردية فقد تبقى حديث القرية الف عام،لكننا نسمع عن فنون جديدة،لا تتوقف عند حد اقدام الشخص على قتل والده ووالدته وحرق وجه جارته ثم القفز من اعلى برج في عمان.
هذا يقول ان المجتمع قد تغير فعليا،حتى لو كان بعضنا مازال يكابر ويأبى الاعتراف،لغايات الوجاهة المفتعلة.
كل مانراه خلفه اسباب محددة،فالوازع الديني اختفى،من البيوت والمدارس والشارع،ولم يعد هناك اي تأثير ايجابي للتوجيه الديني،لان الكلام محنط،يتطوع به اناس يتسببون على الاغلب بالنفور،فيما غابت اسماء مؤثرة عن وجدان الناس،لصالح فراغ مفتوح تتم تعبئته هذا الايام بكل شيء آخر،من الرياضة وحدها،وصولا الى تجريب اي شيء آخر في هذه الحياة.
الفقر والبطالة وقلة الدين خطفت الناس نحو مجتمع جديد،يكاد ان ينفجر تحت ضغوطه الاجتماعية،والمعروف هنا ان حدة الفقر كلما ازدادت جلبت معها منسوبا اعلى من الجريمة والبحث عن ملذات لتسكين الغضب.
هذا يفسر هنا ارتفاع نسبة المدمنين على الكحول،وبات عاديا في عمان ان ترى شبابا صغار العمر يقفون دون حياء لشراء المشروبات،وكثيرا ما ترى فتيات يتوقفن لذات الغاية واغلبهن اما طالبات جامعيات او يعشن لوحدهن لظروف مختلفة،فعرق الحياء طق كما يقال في المثل العامي.
سياسات الحكومات تواصل رفع الاسعار وخفض الدعم،ولايتم فتح ابواب للعمل،وتتراجع الوظائف،وقيمة الدينار،وعلينا ان نتوقع تغييرات اعمق بعد قليل.
الذي يتابع الاخبار يوميا يعرف ان الدنيا لم تبق كما كانت،والملاذ الوحيد للانسان للتخفيف من همومه اي الدين بات يقدم عبر نسخ منفرة او مشوهة،وفي حالات اخرى عبر نسخ غير مؤثرة،ففقدنا هنا كل شيء.
الناس لاينقصها وعظ ولا ارشاد،ولا نحن في هذه المرتبة اساسا،لكننا نقول بصوت عال،ان البلد تغير،وفي طريقه الى تغييرات كثيرة،مالم يتنبه كثيرون،وهؤلاء لا يلقون بالا للتغيرات الاجتماعية الخطيرة التي تعصف بالناس،وتعيد انتاجهم بشكل جديد،فلا هم يقاومون،ولا غيرهم يتركهم في حالهم حتى يصمدوا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو