الإثنين 2024-12-16 05:49 ص

عبقرية الشعب المصري

08:44 ص

كان الاعتقاد السائد أن شعب مصر يخضع دائمأً للحاكم المستبد ، ابتداءً من الفرعون وانتهاء بآخر ثلاثة رؤساء جمهورية ، بل إن المملوكين أي العبيد قفزوا إلى السلطة وحكموا مصر وأسسوا دولة المماليك كما أن العبد الأخشيدي حكم مصر كذلك ، بل إن محمد علي باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة ، جاء عاملاً لحساب الدولة العثمانية ، فتحول إلى حاكم مطلق ، ورأس سلالة من الملوك الذين حكموا مصر حتى عام 1952.

الشعب المصري لم يكد يعرف الثورة ضد الحاكم المستبد ، فقد كان الحكام المستبدون ينتزعون السلطة من حكام مستبدين ، وهكذا لم يكن للشعب المصري قول فيمن يحكمه.
كان التفسير المنطقي لهذه الحالة أن مصر تعتمد أساساً على ميـاه النيل ، مما يتطلب حكماً مركزياً قوياً ، يشرف على توزيع المياه وحسن استغلالها ، ويحافظ على وحدة اراضي الدولة التي تعتمد على مورد واحد لا يقبل التقسيم.
هذا الشعب انتفض في 25 يناير 2011 بشكل أذهل العالم ، يكفي أن صور جوجل الجوية قدرت عدد المحتجين باكثر من 30 مليونأً ، وهذه أكبر عملية احتجاج عرفها التاريخ ، ليس في مصر فقط بل في العالم بأسره.
ثورة يناير أسقطت حسني مبارك ، وفتحت الباب لقيام ديمقراطية حقيقية ، ولكن سرعان ما تم اختطاف الثورة من قبل الفصيل الذي كان آخر من انضم إلى الثورة وأسهم فيها.
حكم الإخوان المسلمين أثبت الفشل في قيام الديمقراطية ، وأدى إلى إقصاء الآخرين من الشركاء في الثورة ، وارتكب أخطاءً فادحة ، وحاول أخونه الدولة ، وإحلال الإخوان وأصدقائهم محل المسؤولين الآخرين في إدارة الدولة ، حتى إن معلقاً قال إن الإخوان انتحروا وهم في الحكم ويوشكون على الانتحار في المعارضة!.
كيف استطاع الشعب المصري أن يجدد ثورته في يونيو 2013 بحشود شعبية فاقت حشود يناير ، ويحقق المعجزة مرة أخرى.
التفسير الوحيد هو أصالة الشعب المصـري وارث أقدم دولة في التاريخ ، ومؤسس أول حضارة عرفها البشر ، وفيه مخزون إنساني عريق تم استيقاظه ، ليفاجئ نفسه قبل أن يفاجئ الآخرين ، وليذهل العالم ويفرض احترامه على شعوب الأرض.
بعد ألآن لن يسمح الشعب المصري لمستبد أن يحكمه.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة