الإثنين 2024-12-16 01:49 ص

على المفك!

12:13 م

لا بصيرة لمن لا يرى أننا في أزمة، حالة الاحباط التي سادت الأردن بحاجة ماسة لعلاج عميق وفوري، من يتابع خلجات قلوب الأردنيين على منصات التعبير الشعبية يصاب بالدوار، يمكن أن يقال هنا إن هذا الانفعال سيزول مع الزمن، ولا بأس من أن يُنفّس الشعب عما يجري في صدره، ولكنني أرى غير هذا، ربما تخفت حالة التعبير الملتهبة السائدة حاليا، لكن أثرها في الوجدان الشعبي الأردني لن يزول، إلا بعلاجها..

حالة الاحباط، أو الشعور بقهر الرجال، الذي استعاذ منه رسولنا عليه الصلاة والسلام مؤلمة إن كانت على صعيد فردي، حتى بلغت أن يستعيذ منها نبي، فكيف بها إن كانت على صعيد وطن وشعب، وبشكل يكاد أن يكون عاما وشاملا؟
ليس لدي مقترحات محددة، لكننا بحاجة لانتصار من أي نوع، ينزلنا جميعا من على المفك، الذي بات ينخز وجداننا الجمعي، خاصة وأن ثمة شعورا عاما أن ما سببه المفك المزعوم في يدي الشاب الشهيد محمد جواودة رحمه الله، أصاب قلب كل أردني، ولا بد من علاج يداوي الجرح قبل أن يتسع أو يسبب «غرغرينا» وطنية لا سمح الله!
ثمن العلاج مهما غلا لا يساوي المرارة التي قتلتنا، ولا وقت لدينا لإلقاء اللوم على هذه الجهة أو تلك، فما حدث حدث، طبعا في بعض البلاد يجرى فحص كيفية معالجة الأزمة عبر لجنة تحقيق مستقلة لمعرفة اين وقع الخطأ، تجربتنا مع لجان التحقيق في الماضي لم تكن سارة، إضافة إلى ما استقر في الوجدان الشعبي من مقولات عن اللجان، من مثل: إذا أردت ان تقتل عملا فشكل له لجنة، البعض يعتقد أن العلاج قد يتجه نحو البحث عن كبش فداء لصلب كل تبعات القصة على صدره، هذا ليس حلا، ثمة راي آخر يتوقع أن تكون الحكومة برمتها «ضحية» لقاء طي الصفحة، وفتح صفحة جديدة ينشغل بها الأردنيون بالحكومة الجديدة، كل هذه السيناريوهات مدار حديث الناس، وكل هذا في المحصلة لا يهم، بقدر التوصل إلى قناعة مشتركة أن جرح الناس بحاجة للتداوي على أي نحو من الأنحاء، وباقل قدر من الخسائر!
بالمناسبة، نحن نعلم أن الشعور العام في الأردن مناهض للاحتلال، وأن «التطبيع» يجري على ارتفاعات شاهقة، لكن الإنصاف يقتضي أن نقول إن ثمة تطبيعا شعبيا ايضا حتى وإن كان محصورا، من هنا، يجب أن لا ينصب كل غضبنا على التطبيع الرسمي مع العدو، فثمة إنصاف في أن يأخذ التطبيع الشعبي حصته من الغضب، فالشعب ليس بريئا أيضا، أو قل بعضه القليل جدا، ومن الإنصاف أن يتجه اللوم أيضا ليس إلى الجهات الرسمية فقط، بل لمن يتساهل في التعامل مع العدو، ويعتبر التجارة معه عملا طبيعيا، الأرقام في هذا المجال صادمة، مثلا، ازداد عدد الشاحنات الأردنيّة التي نقلت بضاعة من ميناء حيفا إلى الأردن بثلاثة أضعاف خلال عامين. فإذا كانت تصل شهريا 300 شاحنة أردنية محملة بالبضاعة إلى ميناء حيفا في عام 2011، ففي عام 2013 ارتفع العدد إلى 900 شاحنة شهريا. ثمة رقم صادم أيضا يقول إن حجم التجارة بين إسرائيل والأردن وصل في عام 2014 إلى نحو 500 مليون دولار (المصدر صحيفة المصدر الإسرائيلية التي تصدر بالعربية على النت) من يتاجر مع إسرائيل ليس الحكومة فقط، بل جزء من تجار الشعب، الذين لا يهمهم غير الربح، هؤلاء أيضا هم جزء من الشعب وجزء من المشكلة!
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة