الأحد 2024-12-15 11:47 ص

عمر الحياة

07:15 ص

يستطيع العلماء تحديد عمر الإنسان البيولوجي بوساطة عدة قياسات واختبارات: ضغط الدم، نسبة السكر، مستوى الكولسترول، نسبة محيط الخصر إلى الحوض، حدة الإبصار، مرونة الجلد، انتشار الشيب، سعة الرئة، وغيرها.

أما الأشجار فيقاس عمرها الزمني من خلال عدد الحلقات الدائرية المتكونة في ساقها، حيث كل دائرة تحتوي دائرة أصغر منها وهكذا، وكذلك يستطيع مربو المواشي، وخبراء الأغنام تحديد عمر العنزة بطريقة سريعة بسيطة: يفتحون فمها على اتساعة شدقيه، ثم يقدرون العمر، استناداً إلى عدد الأضراس، والطواحين والقواطع المتبقية في الفكين، فالعمر لدى الأغنام منوط بسقوط الأسنان؛ ففي أواخر عمرها تعود الأغنام درداء (بلا أسنان)، كشاهد على مرور الدهر عليها!!.
وبعيداً عن القياسات التي لا تعطي صورة واضحة دوماً، فإن للإنسان ثلاثة أعمار متداخلة متشابكة متواشجة!!، ويعتقد الكثير منا، أنها متشابهة، وذات معنى واحد، إلا أن أكواماً من الفوارق تتشكل بينها: فلكل عمر منها ما يميزه، ويجعله مختلفاً عن غيره كماً وكيفاً!!.
العمر التقليدي للإنسان، هو الزمن المحسوب من لحظة الولادة، وحتى استصدار شهادة الوفاة، من دائرة الأحوال المدنية، وهذا يختلف بالطبع، عن العمر الثاني للإنسان، والذي يسمى العمر البيولوجي، فالكثير منا، يعتقد أن العمر، هو ما يشعر به الإنسان!!، أو ما يحسُّ به!!، أي إنه يعبر عن الوضع الصحي الشامل المتكامل للإنسان!!.
ولهذا فالعمر البيولوجي لا علاقة له بتاريخ الميلاد والوفاة، فقد ترى إنساناً في العقد الثامن، وعليه سمة وهيبة ابن الثلاثين، وفي الاتجاه المعاكس قد ترى رجلاً أربعينياً محني الظهر مجعود الوجه، راعش اليدين!!.
علماء الشيخوخة، دعوا أكثر من مرة، إلى اعتماد العمر البيولوجي (الحقيقي) لغايات التقاعد، فالعمر التقليدي، قد يظلم البعض ممن يتمتعون بصحة جيدة، وقدرات شبابية عنفوانية متأججة، ولو أنهم تجاوزا الستين (سن التقاعد)!!.
وفي غمرة هذا الصراع بين أعمار الإنسان المختلفة، يضيع عمر هام للإنسان، كثيراً ما نغفل عنه ونتجاوزه: هو عمر السعادة والهناء، ويحكى أن رجلاً بائساً مرَّ في مقبرة، ووجد امرأة تبكي على قبر، مكتوب على شاهدته: عاش صاحب هذا القبر ثلاثة أيام فقط!!، فقال لها الرجل مستنكراً، أن من يعش ثلاثة أيام، لا يستحق أن يبكى عليه هكذا يا أختاه!!، فكفكفت المرأة دمعها، وقالت: انظر إلى شواهد هذه القبور؛ فستجد أن هذا عاش أكثر منهم، فنحن في هذه القرية نسجل على شاهدة القبر عمر السعادة للميت فقط!.
هنالك من تشغله الأسنان المتساقطة أو المنخورة، فيعمد إلى طقم أسنان من البورسلان، ليستطيع ازدراء الطعام؛ ليسمن وتزداد حلقات خصره اتساعاً، وينسى في غمرة عيشه وكده، أن يحيا عمر حياته، ويعيش يوماً واحداً من سعادته.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة