الأحد 2024-12-15 14:48 م

عن الكرك

01:43 ص

عبدالهادي راجي المجالي

ورد تحقيق في وكالة أخبارية نحترمها ونجلها عن العادات القديمة في الكرك بالتحديد عن الطهور والولادة ويقول التحقيق في إحدى فقراته :- (واذا كان المولود ذكرا فتذبح الذبائح وتقدم الحلويات ......أما اذا كان المولود أنثى فلا يخفى على معظم الأهل انزعاجهم ثم لا مباركون ولا مباركات) – أنتهى الاقتباس-

أنا لا اعرف هل هذا تشويه للعادات هناك أم عرض للحقائق ...؟
لقد عشت طفولتي في الكرك وأتذكر كيف كان أبي يدلل البنات وحين يأتي من السفر تحظى البنات في العائلة بالعطايا كلها , أتذكر اننا تعلمنا من تفاصيل التاريخ كيف اشعلت الكرك ثورتها في العام (1910) لاجل عيون سيدة وهي مشخص المجالي وكيف أنشد الثوار على أسوار القلعة :-
يا سامي باشا ما نطيع ولا نعد رجالنا
لعيون مشخص والبنات ذبح العساكر كارنا
وبارودنا يرعد رعيد ومدافعك ملكا لنا .
أنا لا أريد أن أتطرق لكامل ما ورد في التحقيق كونه مليء بالتشويه والتضليل ولكني سأتطرق الى جزئية البنات وحدها ...هل يدرك الكاتب أن أول النساء اللواتي تخرجن من الجامعات العراقية في نهاية السبيعنيات وبداية الثمانينيات هن من الكرك ؟ ..هل يدرك كاتب التحقيق أن أول من امتهن مهنة التمريض في الستينات هن نساء الكرك وهل يدرك الكاتب العزيز أن الرجل الكركي كان يشعر بالتفاؤل حين يكون بكره أنثى باعتبار أن وجه الأنثى يجلب الرزق أكثر من وجه الذكر ... وهل يعرف كاتب ما يسمى تجاوزا – تحقيق صحفي- أن البنت كانت تقدم على الذكر في العطايا وحتى في التعليم ...بصراحة لم اشاهد كركيا في حياتي عبس ومنع طقس المباركة لأن المولد كان أنثى ..وهذا باختصار هو تشويه وتلويث مقصود لعاداتنا وأعرافنا .
في ظل الحراك الشعبي وفي ظل الأزمات وفي ظل الانضباط الذي تمارسه الكرك في قضايا المسيرات ..فهل يتم تقديم صورة هذه المدينة عبر تحقيق يقول إن المرأة الحائض اذا زارت وليدا فيجب غسل الوليد أربعين مرة ..وأن الطهور كان يتم للذكور في الكرك بعمر (15) عاما ...أنا مستغرب من أين جاء الكاتب بهذه المعلومات ؟ أتذكر ان طهوري تم بسن (5) سنوات .
على كل حال زوجتي كركية واختي كركية وأمي كركية ..ولم ألحظ في حياتي تميزا ضد المرأة من أية عشيرة كركية ...ولم يقم أبي بمنع المباركات حين يكون المولود أنثى ولم أشاهد في حياتي كركيا ذبل وجهه أو اصيب بانتكاسة لأن زوجته أنجبت أنثى ...هذا تشويه لتاريخ الناس وتشويه مبرمج لإرثنا وعاداتنا وتقاليدنا ,اظن أن الكرك في هذه المرحلة تحتاج لمن يكتب عن تاريخها وحضورها وعن حركة أهلها ووعيهم السياسي المتقدم وليس عن الطهور وزيارة الحائض للمواليد ومنع المباركات حين ترزق العائلة بأنثى ....لا أظن بأن هذا الأمر يسمى صحافة .

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة