الأحد 2024-12-15 22:48 م

فلسطين .. حس موسيقي يخترق حصن الإعاقة

12:42 م

الوكيل - لم يختر هؤلاء الأطفال الفلسطينيون الظلمة المطبقة على جفونهم، لكنهم لم يستكينوا لها. فمن جذوة متقدة جذبتهم للموسيقى ومن حس مرهف ولدت أنغام وألحان تبرهن أن وراء ما نخاله ظلمة حالكة موطن نور مكنونا في ذواتهم، تلمسته سكاي نيوز عربية من خلال هذه المواهب الواعدة.


'تعلم الموسيقى لا يحتاج إلى عيون وإنما إلى إحساس وذوق ومشاعر'، هذا ما قاله الطفل نور دبابسة ذو الـ13 عاما أثناء دخوله إلى حصة تعلم الموسيقى لذوي الإعاقة البصرية في معهد 'إدوارد سعيد للموسيقى' فرع بيت لحم جنوبي الضفة الغربية.

فقد أطلق معهد 'إدورد سعيد للموسيقى' برنامجا تعليميا متخصصا لتعليم الموسيقى والتعبير عن الذات من خلال التفريغ الغنائي، للأطفال من ذوي الإعاقة السمعية، لتصبح الموسيقى سلاحهم في مواجهة ظلمة تلازمهم.

التمسنا تغيرا في نفسية هؤلاء الأطفال وولد لديهم شعور بالفخر والحماس والاندفاع نحو حب تعلم الموسيقى
هذا البرنامج التعليمي التخصصي الموسيقي مبادرة هي الأولى في فلسطين إن لم تكن في الشرق الأوسط كله. وعموما يرتكز التدريب في هذا المعهد على تعلم الموسيقى في البداية من إعطاء الأطفال دروس في جوقة، وكذلك تنمية إحساسهم بالموسيقى من خلال الاستماع واستخدام الصوت بشكل صحيح.

مقامات من نور
هذه التجربة الموسيقية عاشها الطفل محمد على مدار 3 سنوات في المعهد. ويبلغ محمد من العمر 9 سنوات، وهو في الصف الأول الأساسي، وأحد 15 طفلا من ذوي الإعاقة البصرية موزعين على ثلاث محافظات فلسطينية هي بيت لحم ورام الله والخليل.

ومنحت هذه التجربة تعاطيا مختلفا لمحمد مع محيطه، فقد استبدل ملامساته اليومية المرتبكة للجدران الباردة، التي لا تعطي إلا شعورا بالنقص والخوف، بلمسات واثقة رشيقة من خلال تجربته الأولى مع آلة القانون الموسيقية، وهي تجربة رسمت البسمة على وجهه الطفولي المشرق.

ورغم أن محمد لم يلحظ الجمهور من حوله أثناء حصة تعلم الموسيقى، فإنه جذب أنظار كثيرين إليه حين فاجأهم بالخامة الصوتية الشجية المليئة بالحب والأمل، وهو يصدح منشدا 'أعطني الناي وغني فالغناء سر الوجود'.

وقد ذكرت هالة جابر معلمة الموسيقى في المعهد، والمشرفة على تعليم الأطفال من ذوي الإعاقة البصرية،'أن الأطفال ذوي الإعاقة البصرية يتمتعون بكثير من الأمور التي تميزهم عن أقرانهم، لأنهم يتمتعون بسرعة كبيرة في الحفظ، وبذكاء ملحوظ أيضا'.

وتسعيد هالة جابر ذكرى أول درس لها مع هؤلاء الأطفال ملخصة 'شعرت بالصدمة كبيرة حين قدمت لهم أول درس في الغناء الموسيقي، إذ وجدت أن لديهم شغفا وحبا وانجذابا كبير نحو تعلم الموسيقى، كما أنهم يستمعون إلى النص والأوتار الصوتية الغنائية بشكل جيد ويتقنونها. والمفاجيء أنهم يحفظونها بسرعة كبيرة تفوق سرعة أي طفل عادي على الحفظ'.

فقد كان طريق هالة جابر الذي سلكته مع هؤلاء الأطفال على امتداد الدروس الموسيقية سلسا لقولها 'لم أواجه أي صعوبة أثناء إعطائي الدروس الموسيقية لهؤلاء الأطفال فهم يتمتعون بحس عال، وهذا مفتاح نجاحهم'.

الطفل جورج جريس ثلجية (12 عاما) استطاع أن يألف بعض الأغاني من كلماته وألحانه الخاصة
خارج أسوار العتمة
هنا للموسيقى أكثر من مغزى، فجمالها وهي تعزف بأنامل هؤلاء الأطفال وتردد ألحانها على شفاههم لايخفي وقعها النفسي عليهم. فتعلم الموسيقى ساعدهم على إحداث تغيير إيجابي، وهذا ما أكدته ترتيل جواريش وهي مدرسة رياضة للأطفال ذوي الإعاقة البصرية في مدرسة الشروق للمكفوفين، وتقول إن 'الموسيقى أضحت أداة للعلاج النفسي، فقد لمسنا تغييرا في نفسية هؤلاء الأطفال وولد لديهم شعور بالفخر والحماس والاندفاع نحو حب تعلم الموسيقى'.

تضيف ترتيل 'بعض الأطفال حفظوا عددا من الأغاني الجديدة، إضافة إلى تلك التي تعلموها في المعهد بمبادرة شخصية، ولم يكتفوا بذلك بل إن الطفل جورج جريس ثلجية (12 عاما) استطاع أن يؤلف بعض الأغاني من كلماته وألحانه الخاصة، وهو يستطيع أيضا أن يعزف على البيانو والطبلة'.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة