الخميس 2024-12-12 18:47 م

فوبيا إسمها معركة ‘درعا’ تثير قلق الأردنيين

09:26 ص

الوكيل - يرسم الأردن سيناريوهات متعددة لما سيكون عليه المشهد قريبا في عمق حدوده الشمالية مع سورية بعدما أرسل الرئيس السوري بشار الأسد رسالة واضحة عبر احدى القنوات الفلسطينية يحدد فيها أولويات معركته العسكرية في اخضاع المتمردين المسلحين تحت عنوان قرب إستحقاق معركة درعا مباشرة بعد الإنتهاء من معركة القلمون.


هذه الأولويات التي تحدث عنها الرئيس السوري بصورة واضحة وعلنية خلال استقباله وفدا من انصاره الأردنيين مؤخرا أثارت الكثير من الهواجس السياسية والأمنية لدى المؤسسة الأردنية لكنها انتهت في الوقت نفسه بتنشيط حركات الإستشعار والإتصال خلف كل الأضواء مع مؤسسة الأمن السورية تحت عنوان تبادل المعلومات والتقييم فيما يخص العدو المشترك وهو الجماعات المتشددة.

التيار السلفي والجهادي الأردني المؤيد لصورة علنية لجبهة النصرة المتمركزة بدورها في منطقة درعا حيث مسرح عملياتها الرئيسي بدأ يجمع الملاحظات ويراكم التحذيرات من اي تسهيلات أردنية يمكن أن تقدم للنظام السوري. محامي التنظيمات الجهادية موسى العبد اللات حذر مجددا عبر ‘القدس العربي’ من الحسابات الخاطئة التي يمكن ان يتورط بها صانع القرار الأردني اذا ما شارك في أي حملة تستهدف المجاهدين خصوصا في سورية.

جرعة التخدير بالنسبة للعبداللات كانت مضاعفة عندما قال بأن بعض المعطيات تشير لأن النظام في الأردن يحاول مغازلة النظام السوري المجرم معتبرا ان هذه المغازلة لا تنطوي على أي حكمة من اي نوع ويمكنها ان تخلط الكثير من المعادلات والأوراق مضيفا: اتجاهات الشعب الأردني واضحة في الوقوف ضد نظام دمشق ولا مجال للمزاودة عندما يتعلق الأمر بمصالح الأردن.

نفس المنطق يستخدمه السفير السوري في عمان الجنرال بهجت سليمان وهو يتحدث باسم الشعب الأردني المناصر لسورية بشار الأسد كما وصفها مع وجود قلة من هذا الشعب الطيب كما قال سليمان ضد سورية وهي قلة تورطت في التآمر أو انزلقت نحو الإرتزاق أو تأثرت بالدعاية المضادة.

وجهة نظر رئيس الوزراء الأردني الاسبق الجنرال معروف البخيت وهو أيضا خبير عسكري وأمني تتمحور حول المفاجأة التي سجلها الجيش السوري طوال السنوات الثلاث الماضية بعدما تمكن بصلابة من الصمود معاكسا لتلك السيناريوهات والنظريات التي كانت تتوقع انهياره إما بالانشقاق او بالضخ الميداني.

البخيت تحدث امام ‘القدس العربي’ عن فهم خاطىء تمأسست عليه حسابات الأطراف التي فكرت في البداية بتقويض المؤسسة السورية وهي وجهة نظر تنسجم مع ما يقوله المحلل الاستراتيجي الدكتورعامر السبايلة وهو يشير الى أن المؤسسة العسكرية السورية لاعب اساسي كان في الماضي القريب وسيبقى خصوصا عندما يتعلق الأمر بطاولة التسوية.

لا يخفي خبراء من وزن البخيت شعورهم بان المعارضة السورية خصوصا في الخارج تبرز نفسها أحيانا على شكل ظاهرة صوتية فبعض المعارضين لا يوجد لهم ولو مسلح واحد في الميدان السوري والقوات المسلحة السورية أظهرت قوتها وصلابتها وفي وضع يشير الى تقديم الدعم اللوجستي والسياسي والمالي لها من لاعبين كبار في المنطقة والعالم. هذا الوضع الميداني والواقعي مع تنامي شعور الدول القوية بان الجماعات الأصولية المتشددة تتحشد في شمال وجنوب سورية خلق تعقيدات مبالغ فيها على المستوى الميداني.

وفي الوقت الذي يقول فيه الناطق الرسمي الأردني محمد المومني بان أهم ما يقلق بلاده هو وجود دولة سورية قوية قادرة على احتواء مشكلاتها خلف الحدود مع الأردن تراقب السلطات الأمنية ما يوصف بانه جيش من المسلحين المجاهدين، الأمر الذي يعكس في الواقع مخاوف يصفها احد المراقبين السياسيين بـ’فوبيا درع′.

هذه المخاوف تنامت في الآونة الأخيرة لدى الأردنيين حيث بدأ كبار المسؤولين منهم يرددون عبارات واضحة يفهم منها بأن عمان قلقة ومتوترة من العدد الكبير للمتطرفين والجهاديين الذي يتجمع في العمق السوري بعد الحدود الشمالية.

مخاوف من هذا النوع سمعتها ‘القدس العربي’ من المومني ومن رئيس الوزراء شخصيا الدكتور عبد الله النسور مما يعكس تزايدا في مستوى القلق انعكس في الواقع على الأحكام القضائية القاسية التي صدرت من محكمة امن الدولة طوال الأسابيع الماضية بحق من تصفهم السلطات بالمتسللين الى سورية وهم سلفيون مجاهدون يحاولون تلبية نداء الواجب كما يصفهم العبداللات رافضا مسلسل العقوبات المغلظة بحق كل من يحاول العبور نحو الضفة الأخرى في الوطن السوري الذي يحكمه الظلم والطغيان كما يقول.

جبهة النصرة بدورها تبدو الطرف الاقوى في المعادلة ميدانيا في درعا، ونشاطات الأمير السعودي بندر بن سلطان تتمركز في عمق ومحيط مركز حدود نصيب في درعا وسط محاولة سعودية محمومة لتقليص حضور السلفيين الجهاديين من جبهة النصرة لصالح قوات علمانية من المعارضة السورية يتردد ان السعودية تدعمها.

هذه المؤشرات مجتمعة تعني بأن نيران تصفية الحسابات مع النفوذ الميداني العسكري لفصائل المعارضة المسلحة تقترب من حدود الأردن الشمالية لأن أولويات بشار الأسد التي جدد التأكيد عليها أمام أنصاره الأردنيين تقول بأن معركة استعادة درعا ستبدأ فورا بعدما أسماه بتحرير القلمون.

ما يمكن قوله باختصار وبساطة أن الوضع معقد جدا في درعا والأردن يراقب ما يجري عن كثب وبحالة قلق.

القدس العربي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة