الأحد 2024-12-15 23:28 م

في الأردن السوريّون مصدر "حنق دائم"

12:45 م

الوكيل - قال جيرمي بوين مراسل 'بي بي سي' الموجود الآن في دمشق، انه توقف في رحلة بين العاصمة وحلب على خمسين نقطة تفتيش نصفها تابع للحكومة والاخر للمعارضة، واشار الى الكيفية التي تغيرت فيها معالم سورية ودمشق بالتحديد في العامين الاخيرين حيث تندلع حرب اهلية ادت الى مقتل 70 الفا او اكثر، وتشريد الملايين.


ونقل عن طبيب في المستشفى العسكري كان يجاهد للبحث عن الكلمات المناسبة قوله : هذه ليست حياتنا، هذه ليست بلادنا، حيث قال انه كان يدعو اصدقاءه من بريطانيا لقضاء عطلهم في سورية، هذا لم يعد قائما، فالسوريون انفسهم لم يعودوا بمأمن في بلادهم، فهم ان لم يقتلوا بالغارات، تدمر بيوتهم او يشردون من بيوتهم ووطنهم.

وفي ظل غياب الامن والقانون تنتشر العصابات التي تستفيد من الفراغ كي تمارس نشاطاتها الاجرامية، وليس غريبا ان تزداد حالات الاختطاف في سورية وبمعدلات تثير القلق. وقد كان الاختطاف في بداية الانتفاضة مدفوعا بدوافع طائفية حيث اتهم طرفي النزاع بممارسته لكن الاشهر الاخيرة شهدت زيادة في النشاطات الاجرامية وعصابات المجرمين الباحثين عن ثراء سريع، واصبح الخطف للفدية تجارة مربحة.

ونقل عن رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان في بريطانيا ان الناس باتوا يختطفون من اجل الحصول على المال مقابل الافراج عنهم. ولم يكن الاختطاف معروفا في سورية قبل الانتفاضة وسجلت اول حالات اختطاف في صيف عام 2011 قام بها ناشطون يدعمون المعارضة واخرون يدعمون النظام، وكانت العمليات هي رد على عمليات قام بها الطرف الاخر ولاجباره على الافراج عمن اختطف من جماعتهم.

وفي الوقت الذي يصعب فيه تقدير حالات الاختطاف لان الكثير ممن كانوا ضحاياه يرفضون الحديث عن معاناتهم الا ان نشاطات الاختطاف تطورت مع تطورت الحرب حيث انتقل النشاط من المناطق الريفية الى المدن.

وعادة ما يستهدف الخاطفون رجال الاعمال واصحاب الحرف العالية مثل الاطباء. ويقول ناشطون ان الرهينة في بعض الاحيان تعرضت للقتل مع ان الفدية وصلت للخاطفين. وفي الكثير من الحالات لا يمكن السيطرة على الوضع، وكان الرئيس السوري بشار الاسد قد اصدر قرارا بإعدام من يقوم بخطف شخص وتعذيبه وانتهاكه جنسيا او قتله، لكن القرار لن يترك اثرا على الاوضاع المتردية في البلاد.

الإثراء السريع

ونقلت صحيفة 'واشنطن بوست' في تقرير لها عن نديم خوري، مدير مكتب 'هيومان رايتس ووتش' في بيروت قوله ان عمليات الاختطاف عادة ما تحصل في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة او بدعم تكتيكي من جماعات الشبيحة المؤيدة للحكومة.

ويقول التقرير ان الحكومة والمعارضة متهمتان بعمليات اختطاف، وفي مناطق المعارضة فالاختطاف يتم من اجل الحصول على مال لشراء الاسلحة حسب منظمات حقوق الانسان. ونقل التقرير قصة رجل كان خارجا من بيت صديقه في دمشق، منتصف شهر شباط (فبراير) عندما اوقفته جماعة ووضعته في سيارة حيث اعتقد ان الامن من اعتقله، لكنه وضع في مكان معزول لايام، وطلب منه الخاطفون معلومات عن والده، فعندما قال لهم انه مات غضبوا وظلوا يطلبون معلومات عن عمله، وعندها عرف انهم وراء المال، وخلال اختطافه حلقوا شعره وضغطوا عليه كي يكشف عمن يدعم في الحرب. ومن خلال نقاشاتهم عرفهم انهم من جماعات النظام، وبعد اسبوعين لم يأكل فيها سوى اربع وجبات اطلق سراحه حيث دفع شقيقه الفدية (10 الاف دولار).

ويقول انه يريد مغادرة سورية لكنه خائف، خاصة ان هذه العصابات لا يمكن معاقبتها لانها مدعومة من النظام. وفي قصة اخرى تحدثت سيدة عن عملية اختطاف والدها صاحب محل المجوهرات في دمشق، وكيف طلب الخاطفون ذهبا بقيمة 57 الف دولار، واتصلوا بها، حيث ذهبت لعمها للمساعدة، وفي تفاصيل القصة اصبحت متهمة نفسها بالتخطيط لقتل والدها، ومع ان والدها تركه الخاطفون بعد الفدية الا ان علاقتها مع عائلتها انقطعت وقررت ترك دمشق الى الشمال للفرار من سورية ومن ذكريات ما حدث.

السوريون 'مشكلة'

وفي تقرير اخر تحدثت الصحيفة عن معاناة السوريين في الاردن حيث اشارت الى حنق الاردنيين على تدفق اللاجئين لبلادهم واشارت الى حالات تحرش وشعارات تكتب على البيوت التي يسكن فيها السوريون.

ورصد التقرير المزاج العام في الاردن حيث تحول الضيوف الى مصدر للحنق والاستفزاز، ونقلت عن لاجئ في مدينة المفرق قوله 'استقبلونا اولا كضيوف واخوة' ولكنهم ‘الآن يتعاملون معنا كلعنة’.

وفر منذ الازمة اكثر من نصف مليون سوري، حيث باتوا يشكلون نسبة خمس عدد السكان في الاردن. وفي الوقت الذي يقيم قسم منهم في مخيم الزعتري الا ان غالبية المهاجرين يقيمون في المدن حيث اصبحوا مصدر حنق ويشكلون ازمة كبيرة لم تشهدها البلاد منذ عقود.

ويتوقع المسؤولون الاردنيون ان تصل تكاليف دعم واستقبال اللاجئين السوريين الى مليار دولار، حيث يتم الحديث عن اثر استمرار الهجرة من ناحية اقتصادية ذلك ان اللاجئين ينافسون الاردنيين في الاعمال.

وبحسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي فإن كل لاجئ سوري يعبر الحدود يكلف الاردن 3 الاف دولار سنويا، فيما تقول وزارة الصحة انها انفقت نصف ميزانيتها على تقديم الخدمات للسوريين، وتحتاج 350 مليون دولار كميزانية طارئة، وبحسب احصائيات وزارة العمل فهناك 160 سوريا يعملون بطريقة غير شرعية حيث يقبلون العمل باجور قليلة في المخابز وورشات تصليح السيارات.

السوريون حرمونا من طعامنا

ونقلت عن مواطن من المفرق قال انه انتقل لعمان، العاصمة بعدما خسر عمله بسبب السوريين 'تدخل مخبزا وتجد سوريا، وتذهب الى مصنع وهناك سوريون'، واضاف 'لم يعد هناك مكان للاردنيين في الاردن'. ويفرق خبراء في الاردن بين موجة المهاجرين العراقيين والسوريين فالذين هربوا من العراق جلبوا معهم اموالا للاستثمار وخلقوا فرص عمل وبالمقابل فالسوريون يأتون ليأخذوا فرص العمل.

ويشكو السوريون من سوء معاملة ارباب العمل لهم، حيث يطلب منهم العمل لوقت طويل يمتد احيانا لـ 18 ساعة وباجر هو ثلث ما يأخذه الاردني. وقال سوري هرب من درعا يعمل في مدينة الزرقاء ‘في الاردن ينظر اليه اقل من عبد’. ويبدو ان السوريين تحولوا بحسب مسؤول في جمعية لمساعدتهم الى ‘الشماعة التي تعلق عليها كل مشاكل البلد’.

ويشير التقرير الى ارتفاع اسعار اجور البيوت بنسبة 300 بالمئة، حيث تتجمع عائلات سورية معا لدفع الاجر، وتعيش معا في بيوت مزدحمة. وهناك شعور بين الكثير من سكان المدن خاصة الشمالية الذين اتهموا السوريين بأخذ بيوتهم ومعيشتهم وقالوا انه لم تتخذ الحكومة اجراءات فسيقومون هم بالتصرف منفردين.

دعونا من سورية

وعلقت صحيفة 'الفايننشال تايمز' على الموقف البريطاني في مقال كتبه ماكس هيستينغ تحدث فيه عن الرغبة الغربية لتقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية. واشار الى ما قاله ويليام هيغ، وزير الخارجية للبرلمان البريطاني عن وجود ادلة عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي. وتحدث عن رغبة هيغ بشحن الاسلحة للمعارضة مع نهاية الحظر على التصدير. ويضيف الى ان الكثير من القصص المرعبة تخرج من سورية، وان قلة من المراقبين من تشك في ان ايام الاسد في السلطة باتت معدودة وان المعارضة تسيطر على مناطق واسعة ولكن النظام يحتكر الاسلحة الثقيلة ويسيطر على الجو ويتلقى دعما من روسيا وايران ويمكنه مواصلة القتل لوقت اطول.

ويضيف ان ديفيد كاميرون رئيس الحكومة يعتقد ان هناك 'واجبا اخلاقيا' على بريطانيا كي تكون في المقدمة لدعم وتدريب المقاتلين مثلما فعلت في ليبيا. ويقول ان الوزراء يعبرون عن قلق وقلة صبر من التدخل العسكري والامني وهذا راجع الى طبيعة المعارضة المنقسمة، ومن حقيقة ان اكثر الجماعات الملتزمة بقتال الاسد هي اسلامية، وفي حالة انتصارهم فلن يخدموا المصالح الغربية او يتعاونوا معها.

ويشير الكاتب الى عامل العراق وافغانستان الذي جعل الكثيرين في الغرب يخافون من التدخل العسكري، لكن الحكومة قد تقول ان كل التدخلات ليست مثل العراق’ لقد عارضتم انتم والجنود الذهاب لليبيا وانظروا كيف نجحت’ اي العملية وليست في بناء نظام ديمقراطي.

وتحدث الكاتب عن الدعم الصيني والروسي لنظام الاسد، وعن موقف موسكو تحديدا الذي ينبع موقفها من لعبة محصلتها صفر وتتعارض فيها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها مع مصالح روسيا، ففلاديمير بوتين، يخشى من الاسلاميين ويدعم العلمانيين.

تحذير

وعن سورية يحذر الدبلوماسيون الروس الغرب بقولهم كونوا حذرين حول من ترغبون بانتصاره، ويناقش بالقول ان لا فصيل اقوى من الاسد. ولكن دعاة التدخل يشيرون الى عجز الغرب ووقوفه مكتوف الايدي امام ايران وروسيا وهي تساعد النظام على ارتكاب جرائمه، ويرون ان احسن طريقة للتأثير على الحكم في سورية ومنع الاسلاميين من السيطرة عليه هي دعم المعارضة بالسلاح.

ويطرح الكاتب سؤالا في النهاية لماذا نحن؟ لماذا يجب على فرنسا وبريطانيا ان تقود الجهود لتحقيق التغيير في سورية؟ مشيرا الى ان واشنطن مترددة وخائفة من انهيار سورية واثره على المنطقة، الاكراد، والعراق وتركيا واضطراب غير محسوب في كل المنطقة، كما ان اوباما يخشى من تأثير المواجهة في سورية على التوصل لتسوية دبلوماسية حول الملف النووي مع ايران.

-(القدس العربي)


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة