منذ عقود طويلة والحديث في الاوساط العربية دائر عن فقدان لغة الخطابة مع العقل الغربي واستخدام المفردات والروابط التي تستنهض هذا العقل للتفاعل مع القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضايا والعربية على وجه العموم، ويدور الحديث اكثر عن الحاجة الى ماكينة اعلامية ناطقة باللغات الاجنبية الاوسع انتشارا لشرح القضايا العربية لغير الناطقين بها، فاللغة اداة تعبير وتفكير، ونحن نتحدث مع انفسنا منذ عقود الازمات المتناثرة، ونعتب ونعاتب الغرب على انحيازه للكيان العنصري غافلين عن امتلاك هذا الكيان لمنظومة اعلامية متكاملة داخل البلدان الاجنبية بالاضافة الى امتلاكه التنظيم الفاعل للتفاعل مع قضايا تلك البلدان المحلية وتشكيله لوبيات ضغط اقتصادية واعلامية فاعلة في كل دول القرار الكوني.
لقاء الملك الاخير مع صحيفة الواشنطن بوست حظي بمتابعة واسعة وكثير من المتابعين توقفوا عند عبارة القاء القبض على اربعين داعشي اغلبهم من اصول فلسطينية حسب النسخة الانجليزية للمقابلة والتي اغفلتها الترجمة العربية بنسختها الاردنية فقط في سلوك غير مفهوم، سمح بالاثارة والجدل حيال المفردة تاركا المجال للخيال المُتصيد والخيال الخصب للتعاطي مع التوصيف والتصنيف للتركيبة الوطنية في الاردن، والذي جاء في سياقه المنطقي المتلاقي مع العقل الغربي وفي سيرورة الربط بين الارهاب والقضية الفلسطينية بوصفها احد ابرز اسباب الارهاب والتطرف وليس في سياق التفريق كما حاولت بعض العقول فهم النص بحسن نية او بسوئها فالفهم ايضا تخالطه النيات.
الجميع يعرف ويعترف بأن الملك عبد الله يمتلك هذه القيمة، اي التواصل مع الغرب بلغة يفهمها الغرب ويضرب على اعصابه الحساسة، ونجح من خلال حمله المنفرد للقضية الفلسطينية في تغيير توجهات غربية وامريكية رغم اجابته المتواضعة عن تأثيره واثره على القرارات الامريكية الاخيرة، وهذه سمة الملك يعرفها من التقاه عن قرب، وقد استخدم الملك هذا التوصيف ايضا في معرض حديثه لمجموعة من الكتاب والاعلاميين قبل فترة، كاحدى ادوات الضغط على الادارة الامريكية الجديدة لثنيها عن قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس وتحفيزها للضغط على الكيان الصهيوني لوقف الاستيطان، وهذا ربط ذكي افتقدناه طويلا في الحوار مع الغرب وتحفيزه للتفاعل مع قضايانا العربية على قاعدة مصالح الغرب نفسه وليس فقط عدالة قضيتنا كما نتعامل منذ عقود فالسياسة مصالح وعواطف.
نعرف اكثر من غيرنا فلسفة الحُكم الهاشمي القائمة على السماحة والتسامح كاساس للحكم قبل العدل، ونعرف شيفرة المواطنة في الاردن القائمة على معادلة لا تدخل فيها التفرقة على الاصل والمنبت كما يحاول ويجتهد وكلاء ومقاولي الاصول والمنابت في الاردن لتكريس مبدأ المحاصصة بدل التمثيل السياسي، ونعرف ان المناصب قائمة على معادلة اقتصادية وعائلية ومحاسيب ونسب واستزلام وليست على اي معادلة غيرها وعلى الكفاءة في اضيق الحدود، ونعرف ان الفوارق في المواطنة قائمة على اسس طبقية ومدى اقترابها من دوائر صنع القرار وليست على اي اساس آخر، ومحاولة التخييط بهذه المسلة تجاوزتها الحالة الاردنية والمجتمع الاردني منذ زمن وبقيت فقط في اصحاب العقول المعقوصة من جهة واصحاب الحقوق المنقوصة من جهة اخرى وهم طبقة قليلة مستفيدة من هذه المعادلة.
لأول مرة يتم فيها استخدام هذا التوصيف بطريقة ذكية تخدم الفكرة وتخدم المآلات المقصودة منها، ودليل الذكاء في الاستخدام انعكس على نتائج الاستخدام ، وشاهدنا جميعا حجم الاستدارة الامريكية النسبي على المسار الفلسطيني وحجم الانزعاج الصهيوني من هذه الاستدارة، والاصل ان نقيس كل عبارة وموقف بحجم اثرها على الصراع العربي الصهيوني، فالبوصلة نحو القدس وفلسطين هي البوصلة الصادقة وعلى الجميع قراءة ردود الفعل الصهيونية على تأثير هذه العبارة واثرها على القرار الامريكي ثم تحديد موقفه وتموضعه خلف هذا الموقف.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو