حينما تجد هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة خارجة الولايات المتحدة، (ومرشحة الرئاسة فيها اليوم) وقتا لتكتب مقالا عن كتاب ثعلب السياسة الدولية، وحكيمها أيضا، «النظام العالمي» الصادر في العام 2014 (نشرته في واشنطن بوست الأميركية، 4/9/2014) فهذا يعني أن هذا الكتاب ومؤلفه، يمثلان مُلهما لحكام العالم، الذين يحاولون رسم أقدار البشر، وكتابة سيناريوهات مستقبلهم، قاطبة!
ما يهمني هنا في عجالة كهذه، التوقف مليا أمام نظرة كيسنجر تجاه الحركات الإسلامية، وتصنيفها الغريب، كي نفهم طريقة تفكير من يستلهمون الرؤية الكيسنجرية، تجاه هذه الجماعات، وطريقة تعاملهم معها!
يقول كسينجر في دراسته للجماعات الإسلامية، أن النظام العالمي لا يقف في وجهه إلا الإسلام، وهو يرى أن المشهد برمته ينقسم الى حطب وشرارة، أما الحطب فهم الشعوب الإسلامية الساكنة. وأما الشرارة فهي الحركات الإسلامية العاملة للإسلام التي تحاول إشعال الحطب.. ومهمتنا، كما يقول، ويعني الغرب، بشكل أساسي هو: إبعاد الشرارة عن الحطب والحيلولة دون الاتصال بينها لتكون الشعوب بعيدة عن معركة الحركات الإسلامية، والمهمة الثانية معرفة مستوى الخطورة بين أنواع الشرارات والمسافة التي تبتعد وتقترب فيها من الشعوب. والعمل لتبقى هذه الشرارات في صراع مع بعضها، عن طريق الاستعانة ببعضها ضد البعض.. ويقسم كيسنجر تلك «الشرارات» الى خمس درجات من مستويات الخطورة :
1 – أقلها خطورة – الجماعات التي تهتم بالعقيدة فهي وإن كانت تشكل خطراً ولكن ممكن الاستفادة منها لأنهم يكفرون جمهور المجتمع ولكثرة وسهولة خلافاتهم وانقساماتهم.
2 – يأتي بعدهم في الخطورة: الذين يهتمون بالجانب الخلقي والقيم مثل جماعة التبليغ والجماعات الصوفية وهؤلاء لاشك فيهم خطورة لأنهم يحملون قيما مشتركة، والنظام العالمي ليس له قيم مشتركة فالقيم الغربية مختلفة عن القيم الصينية عن اليابانية، وهؤلاء ممكن الاستفادة منهم لأنهم يتولون قيادة المجتمع ويحيدون عن الصراع مع الغرب ويحشرونه في زاوية ضيقة.
3 – المستوى الثالث من الخطورة: عند الجماعات التي تهتم بالثقافة والبحث فيحققون الكتب وينشرون المخطوطات وهؤلاء لا شك فيهم خطورة عظيمة لأنهم يعملون على إحياء الوعي عند المسلمين فيعلمون أن لهم أمجاداً فيطالبون بإعادة أمجادهم ولكن خطورتهم أقل.
4 – المستوى الرابع من الخطورة: هم الذين يهتمون بالجانب القتالي في الإسلام الجماعات الجهادية وهؤلاء لاشك فيهم خطورة ولكنهم يبنون تنظيما محكما في ثلاث سنوات ويهدمونه بمغامرة خلال ثلاث دقائق.
5 – أما المستوى الخامس من الخطورة: وهم الأخطر على الإطلاق الذين يأخذون بالإسلام على شموليته ويغطون كل الجوانب/ إذا رفعنا أي شعار رفعوه معنا، فإن قلنا حقوق الإنسان قالوا نعم لحقوق الإنسان، ولكن بمفهومهم لا بمفهومنا، وإن قلنا الديمقراطية قالوا نعم ولكن بمفهومهم فإذا رفعنا أي شعار رفعوه معنا وجيروه لصالحهم/ وهؤلاء خطورتهم تكمن في أمرين اثنين كما يرى: أولا صعوبة كشفهم وسهولة تغلغلهم فينا، فربما يكون الذين يعدون الدراسات في الكونغرس منهم. وثانيا أنهم وجدوا شكلا وتصورا لشكل الدولة والمستقبل الذي يريدون فهو جاهز لديهم.
بقليل من التأمل، يمكن فهم فحوى السياسات الغربية والشرقية على حد سواء، تجاه الحركات الإسلامية، وأخذ العبرة مما يجري، إن كان ثمة من يعتبر!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو