الخميس 2024-12-12 08:39 ص

كيف تكتمل اطراف المعادلة

03:49 م

إن المراقب للمشهد الاردني من خارج حدود الوطن والوطنية أحيانا إما أن يكون معزيا لما يرى ما يحصل من فوضى على مستوى الشعب وتخبط بقرارات مؤلمه من قبل الحكومات المتعاقبة التي ما ان تلبث البدء بترتيب اوراق عملها حتى ينتهي الطموح الواهم وتبدأ من جديد قصة لملمة وريقات ذلك الطموح لينتهي بترك الوزارات وامتطاء السيارات الخاصة ، أو تجد مراقبا شامتا يعتسل الخبر السيء تلو الآخر متمنيا المزيد من الفوضى والعبث بمقتدرات الوطن التي هي في النهاية للمواطن ، فليسأل كل واحد منا بعين العقل وبتجرد من العنجهية والنخوة السلبية العابثة والغوغائيه – هل هذا ما نريد ! ، هل نريد ان يتحول مشهدنا الى فريقين متقاتلين مكون من أخوة وابناء عمومة وأسهار وفي النهاية نجد ان الكل خاسرا خسارة لا يمكن تعويضها قد تنتهي بنشامى ونشميات الاردن في مخيمات على حدود الدول المجاوره لا قدر الله.

أيها الأخوة ، يا أبناء الوطن الحبيب ، يا من تأبى انفسهم وكبريائهم وكرامتهم ونخوتهم ان يكون للخراب والعبث مكانا في قواميسهم، يا من كانوا دوما يمدون ايديهم لمساعدة الملهوف والوقوف جنبا الى جنب مع كل من ينادي ويستنجد ، فكيف للايدي الطاهره التي تعودت ان تكون بيضاء دائما ممتدة ومنقذة لكل من يستنخي بها ان تتحول لايدي عابثة مخربة ! كلنا نعلم ومتاكدين بان هذا ليست من شيم الاردنيين فطوبي لكل اردني واردنية.
إن الوطن يمر الآن بظروف اقتصادية خانقة تكاد ان تجتث الاخضر واليابس ، فالاردن يعيش في ضائقة مالية طويلة المدى لا يمكن التخلص منها والحد من أثارها القاتلة حتى المؤقتة منها بقرارات مؤقتة حالها حال ترقيع شوارعنا وبمسيرات تفتح الباب على مصراعية للعابثين والممتنّين لأعداء اللاردن.
بداية فانه لا بد من الاشارة الى أن الحال الاقتصادي للوطن يئن تحت وطأة الديون الخارجية والانخفاض في الناتج المحلي والدخل القومي والارتفاع الشديد في فجوة ميزان المدفوعات والارتفاع المتواتر في حجم التضخم الذي هو ليس ببعيد عن التضخم العالمي والظروف الاقتصادية الدولية. أضف الى ذلك ارتفاع معدل البطالة وانخفاض حجم الصادرات والتراجع في حجم السياحة الخارجية ، ناهيك عن الضغوطات الداخلية والاقليمية التي تعتبر عوامل سلبية أمام التقدم. هناك الكثير مما يمكن ان يقال، لكن الوطن أحوج ما يمكن الى جهود الجميع وكل الاطراف فعلى مستوى المواطن لا بد من فهم الواقع الاقتصادي الذي أدت العديد من العوامل الى ما هو عليه ، فمنها عوامل خارجية خارجة عن السيطرة وحتى التعامل معها احيانا كالظروف الاقتصادية العالمية التي كادت ان تطيح بدول ذات اقتصاديات عملاقة وكبيرة وكادت ان تدمر مقومات اقتصاد كثير من الدول التي تقع ضمن منظومة عالمية لها ما لها من التطور والتقدم حتى انها فاقت مرحلة التقدم عند بعض تلك الدول، ناهيك عمّا يحدث في المنطقة من تسارع وتيرة الفوضى والاضطرابات السياسية التي تؤثر بشكل واضح على الاقتصاد الاردني وحتى على المستوى النفسي والمعنوي للمواطن الاردني.
أما على صعيد العوامل الداخلية فحدّث ولا حرج ، فمن محدودية الموارد والاعتماد على المعونات الدولية التي تقريبا نضبت والى الطبقية النتنة حيث ما ينفقه بعض مربي الكلاب على كلابهم يزيد عن دخل العديد من العائلات الاردنية ، ناهيك عن جشع الكثير من التجار والمستثمرين ، وعن المتهربين من دفع الضرائب وعن العابثين بمقتدرات الوطن وعن نسبة الجريمة التي اصبحت للاسف ترتفع بشكل ملحوظ ، هذا اضافة لمشكلة المياه والطاقة . اما على مستوى القوانين وتطبيقها فالحديث بهذا الشان ذو شجون مبكية ، لدرجة ان المواطن اصبح يفضل ان يحل مشاكلة وبطريقته الغوغائية احيانا وببعدا عن القانون بسبب المدة الزمنية التي تاخذها القضايا لدى القضاء ناهيك عن الاجراءات العقيمة والحكومة الالكترونية التي نسمعها في الاعلانات فقط ، اضف الى كل ذلك ان لدى كل مواطن الكثير مما يقال حول معاناته التي يعيشها ودور الجهات الحكومية والمجتمعية في التخفيف منها حسب وجهة نظرة. اضافة لما ذكر من عوامل داخلية فلا بد من الاشارة الى احد اهم هذه العوامل واكثرها حساسية كمكافحة الفساد والقاء القبض على الفاسدين قبل ان يفسدوا شريحة من الشعب ولكي ينالون عقابهم عن طريق القضاء الذي نتمنى ان لا تكثر حالات السبات لديه . اما على مستوى الاصلاح فقد قطع الاردن اشواطا ليست بسيطة في ضوء قلة المصادر ومحدوديتها.
إن معاناة الوطن والمواطن أصبحت أحوج ما يمكن الى طرح حلول قد تساهم في الحد من المعاناة ، وهذه الحلول أرى ان تكون على مستوى الحكومة والمواطن على حد سواء - فالكل مسئول - فعلى مستوى الحكومة اقترح مايلي:
1. البدء بوضع خطة استراتيجية طويلة المدى للتعامل مع الوضع الاقتصادي الراهن ومع مقومات التنمية.
2. إعادة النظر في طريقة توزيع الدعم وقيمته وايجاد أليات جديده ليصل الدعم فقط لمستحقيه كأن تقوم الحكومة مثلا فقط برفع الدعم عن المشتقات النفطية على أساس جهة وحجم الانفاق ، فمثلا ان يتم رفع الدعم فقط عمن يمتلكون السيارات الفارهة ذات الدفع الرباعي واصحاب القصور وأصحاب البنايات الكبيره والنوادي وبرك السباحة وغيرها من مظاهر الطبقية.
3. رفع نسبة الجمارك والضرائب على التبغ وعلى الخمور وكل وسائل واماكن البذخ كالملاهي والنوادي الليله وعلى معدات برك السباحة وقطع غيار سيارات السباق والسيارات الفارهه ورسوم استقطاب الخدم ورسوم تصاريح واستقطاب العمالة الوافدة وغيرها من رسوم وضرائب مباشرة وغير مباشرة يمكن دراستها بسهولة من قبل فرق عمل متخصصة لدى الجهات المعنية.
4. البدء بدعم برامج استخدام الطاقة الشمسية وبدائل الطاقة الاخرى كاعفاء كل ادوات ومستلزمات الطاقة البديلة من الضرائب وتشجيع المواطن على استخدامها من خلال توقيع اتفاقيات شراكة خاصة بين الحكومة والبنوك لتمويل تلك الاستخدامات بقروض ميسرة طويلة الاجل.
5. أن تقوم القنوات الفضائية الاردنية الرسمية ان امكن بعمل برنامج - لقاء مع وزير - مكون من عدة حلقات للتواصل المباشر مع المواطنين والرد على طلباتهم واتهاماتهم بكل شفافية وشرح للمعاناة الاقتصادية التي يمر بها الوطن بارقام واضحه والسماع الى الحلول المقترحة من قبل المواطنين لكي لا يتم معالجة جانب وخلق مشكلة في جانب آخر.
6. البدء بتطبيق سياسات تقشفية على مستوى السياسات النقدية والمالية من قبل البنك المركزي مما لذلك أثر في هذه الظروف على دعم القوة الشرائية للدينار الاردني لكي لا يصحو المواطن في ذات ليله ليرى ان قيمة بيته او ارضه او سيارته التي يحمل بها اسطوانة الغاز انخفضت الى النصف.
7. عمل برامج تشجيع خاصة للاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة وتمويل ومنح جوائز خاصه لاي فكرة او بحث من شانها ان تخفض من تكلفة الطاقة واستخداماتها على مستوى الوطن.
8. عمل شراكة استراتيجية بين الحكومة وشركات رائدة عالمية في مجالات انارة الشوارع وحتى مباني الحكومة والاماكن العامه باعمدة الطاقة الشمسية بتكلفة راسمالية اقل من تكلفة مشاريع الطاقة الكبيرة كمشاريع الطاقة النووية ومشاريع الطاقة البديلة المنتجة من تدوير ومعالجة النفايات.
9. التركيز على مشاريع القيمة المضافة على مستوى القطاعات التنموية .
10. اعادة النظر في الكثير من القوانين والاجراءات الحكومية كقوانين تشجيع الاستثمار وقوانين ضريبة الدخل والقوانين الخاصة بالتقاعد والشيخوخه وقوانين الجمعيات التعاونية وقوانين العمل التطوعي وقوانين الترشيح للمجالس المحلية والنيابية - لكي لا نرى جهله في مجالس النواب والمجالس المحلية - وعليها يقاس المناصب الحكومية الاخرى، أضف الى ذلك تطوير النظام القضائي بحيث يكون قادرا على التعامل مع احتياجات الوطن والمواطن بشكل أسرع مما هو علية والابتعاد عن بيروقراطيات الاجراءات وتطوير الاجراءات القضائية والتعامل مع الفجوات القانونية بشكل يخفف من الاضرار والاعباء على اطراف العمل القضائي والقضايا.
11. ان تتم الاستعانة بالمتخصصين والعلماء للادلاء بدلوهم واعطاء ارائهم حول القضايا الراهنة والمستقبلية وايجاد الحلول الناجعة والأخذ بها فعليا لان الوزير المعني قد لا يكون لدية المعرفة او الخبرة او حتى التخصص المناسب للقيام بالعمل او حتى اعطاء التوجيهات اللازمه بهذا الخصوص كما هو لدى الكثير من المواطنين ، حيث اذا كان الوزير اساسا مغلوب على امرة فماذا يمكن ان يحدث من تطوير وتغيير.
12. محاربة ووقف جميع أشكال المحسوبية والواسطة التي تمرر من خلالها ملفات القليل بل القليل جدا من المؤهلات والخبرات، لان الاردن لم يعجز عن ولادة الخبراء والمختصين والعلماء والقيادين واصحاب الخبرة التي للاسف لم يستطيع الكثير منهم استخدامها داخل وطنهم بل تعطى وبشكل يشهد له العالم لدول الخليج وبقية اصقاع العالم.
13. هنالك الكثير الكثير الذي يمكن طرحة من حلول ، لا يسعني اقتراحها الآن لكي لا أطيل على القارئ أكثر مما أطلت ولكي يعطي كل شيء بوقتة وللجهة المناسبة.
اما على مستوى المواطن فهنالك الكثير الذي يمكن ان يقوم به لتخفيف المعاناة على نفسة والاقتصاد ومن ذلك على سبيل المثال وليس الحصر ان يقوم الآن وفورا بعمل حسبة بسيطة على انفاقه على التدخين والموبايل ويقرر فورا تخفيض ما يدخنه يوميا بعدد سجارتين صباحا وسيجارتين مساء ، سيجد انه سنويا بهذا القرار سيوفر تقريبا 140 دينارا وهذا القرار سيكون أثرة علية أفضل من قرار رئيس الحكومة بمنح دعم بقيمة 70 دينار سنويا للفرد، أرجو ان يقاس على ذلك التوفير في الانفاق على الموبايلات وغيرها من عادات استهلاكية مدمرة لدخل الاسرة الاردنية. كما لا بد من التفكير جليا بالابتعاد النهائي عن ثقافة العيب لكي نستطيع في يوم من الايام ان نتحدث عن العمالة الوافدة بكل اريحية وحزم لان هذه العمالة اجهدت الوطن والمواطن وارقام حوالاتها يشهد لها البنك المركزي والنظام المالي في الوطن ، وللاسف فان سبب ذلك هو أرباب العمل والمواطن على حد سواء ووجود فجوة قد تكون في القوانين او الاجراءات بهذا الشان. فمتى يأتي اليوم الذي لا يوجد لدينا عمالة وافدة ! الاجابة عند الحكومة والمواطن نفسة وعند أرباب العمل.
لا بد من اصلاح انفسنا قبل ان نصلح الغير ، لان اصلاح النفس فيه قوة للشخص مؤثرة في الآخرين وفي الحكومة أكثر بكثير من الاضرابات والمسيرات التي هي اساسا وسيلة ضاغطة تكون سلبية في معظم الاحوال ، لكنها تزيد العبء والتكاليف على الاقتصاد ومقتدرات الوطن في كل الاحوال. واخيرا أسأل الله عزوجل الهداية لنا جميعا وان نرى الاشياء بعلاقنية وليست بعنجهية وان يهدي الحكومة لما يحبة ويرضاة ويلهمهم المعرفة والحكمة لاتخاذ القرارات السليمة بوقتها وحجمها المناسبين .

الدكتور جميل سالم الزيدانين
أردني مقيم في الامارات العربية المتحدة
jzaidanin@yahoo.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة