من بين الأسباب التي دفعت بحركة حماس إلى السير في طريق المصالحة مع السلطة الفلسطينية، الكلفة المالية الباهظة لحكم قطاع غزة. وفي جلسة حوار مغلقة مع قيادات في حركة حماس، خُصصت لمناقشة دوافع قبول حماس بالمصالحة وتشكيل حكومة توافق وطني، تساءل أحد القادة: 'هل سمعتم عن حزب يحكم بلدا ويدفع من ماله لخزينة الدولة؟ نحن كنا ندفع من جيوبنا رواتب ونفقات حكومة القطاع'.
لكن حماس التي سعت إلى التخلص من عبء غزة المالي، لم تتوقع أن تمتنع حكومة المصالحة عن دفع رواتب موظفي الحكومة المؤقتة، وجلهم من المحسوبين على الحركة، فتفجرت أول أزمة في وجه الحكومة بعد أقل من أسبوعين على تشكيلها. وتبارى قادة حماس في غزة بكيل الاتهامات لحكومة رامي الحمدالله.
أزمة الرواتب طارئة، لكنها لن تكون الأخيرة في طريق حكومة التوافق. قبل أن تتشكل الحكومة بأيام، حرص زعماء في حماس على التأكيد، في ذات الجلسة المغلقة، بأن الحكومة الجديدة ليست حكومة حماس، 'ولسنا مسؤولين عن قراراتها وسياساتها'.
حكومة المصالحة في نظر حماس تعبير عن مأزق الخيارات لدى الطرفين؛ الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يعد لديه ما يفعله بعد فشل جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فلم يجد أمامه غير السير في طريق المصالحة لملء الفراغ السياسي، حسب تشخيص حماس. وحماس هي الأخرى، وباعتراف بعض قادتها، اصطدمت بالجدار في غزة، ولم تعد تحتمل، أخلاقيا وسياسيا، بقاء أكثر من مليون فلسطيني تحت حصار مزدوج؛ إسرائيلي ومصري، ناهيك عن الحصار السياسي الذي تعيشه الحركة بعد سقوط حكم الإسلاميين في مصر، والحملة الخليجية الشرسة على جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.
ومن بين الأسباب 'المهمة' التي دفعت أبو مازن إلى السير في طريق المصالحة، حسب تقدير قادة في حماس، الصراع المحتدم مع محمد دحلان؛ القيادي المفصول من حركة فتح، والمدعوم من دولة خليجية.
قبل أن تتفجر أزمة الرواتب في غزة، كان اعتقاد حماس أن الأمور في المرحلة الأولى ستسير على نحو حسن، ولن تواجه الحكومة مشاكل تعطل جهود المصالحة، فيما ستظهر المشاكل بقوة وتهدد عملية المصالحة، عندما يقترب الطرفان من الملف الأمني في الضفة الغربية؛ وهنا المعضلة الكبرى في نظر حماس. فالأجهزة الأمنية في الضفة الغربية ركن أساسي في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وقد وجدت لغاية أساسية هي حماية أمن إسرائيل، ولا يمكن للأخيرة ومن خلفها أميركا أن تسمح لحركة حماس بأن تكون جزءا من المؤسسة الأمنية.
إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية على غرار ما يحصل في قطاع غزة، لن تكون عملية سهلة، وقد تؤدي إلى فشل جهود المصالحة. يضاف إلى ذلك ملف إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ودخول حماس إلى مؤسساتها، والذي تم التوافق بشأنه في اتفاق القاهرة قبل سنوات. لكن الاتفاق المذكور يخضع لتفسيرات شتى من الطرفين.
يُظهر زعيم حماس خالد مشعل إخلاصا شديدا لفكرة المصالحة، وهو أكثر قادة الحركة احتراما وثقة بمحمود عباس. لكن لا فتح كلها ولا حماس على شاكلة زعيميهما؛ فقد كشفت أزمة صغيرة كأزمة الرواتب أن حكومة المصالحة لا تحظى برعاية قطبي المعادلة الفلسطينية، فما قيمة المصالحة إذن؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو