الأحد 2024-12-15 12:27 م

لماذا يتأخر الدعم العربي ؟

11:46 م

المساعدات الخارجية مرتبطة بالمصالح وليس بحسن النية .
ليس من حقنا الا أن نتفاءل بالمستقبل ، ونتظر بفارغ الصبر وصول المساعدات العربية ، وخاصة ان رئيس الوزراء د. فايز الطراونة اعلن ان الحكومة الاردنية لم تتلق الا 19 مليون دينار من اصل 870 مليونا مساعدات خارجية كان متفقا عليها.

واذا علمنا باننا اصبحنا في منتصف العام، فان الامر اصبح مخيفا بالنسبة للخزينة والموازنة العامة التي كان من المفترض ان تتسلم اكثر من نصف المساعدات المقرة، لكن لا حياة لمن تنادي، فما هو السبب ؟ هل هناك ضغوط تمارس على الاردن ؟ ام ان هناك انتظارا لقطار التغيير الدائر في الاقليم ؟
من الافضل الإقرار بان اية مساعدات خارجية لا بد وان تكون مشروطة ببرامج او حتى اوقات او طرق صرف او سياسات اقتصادية او سياسة محددة او حتى سلوكيات معينة.
والحمد لله بان كل ما قيل عن استجابة اردنية لضغوط عربية او اجنبية في الموضوع السوري او غيره ثبت لغاية الان عدم صحته، والمواقف الرسمية الاردنية معروفة ، لكن ما زالت المساعدات لم تتدفق بعد، وهذه قضية لم تعد محتملة.
والصحيح ان الحكومة او حتى الدولة الاردنية يجب ان لا تربط المساعدات العربية او الاجنبية بحسن نية المانحين 'وخوفهم من الله وبحثهم عن الأجر في الآخرة' لان هذه الناحية غير موجودة ، فالعلاقات الدولية تقوم على المصالح التي هي المحرك الاساسي ، وبناء على ذلك فإن الموقع الجغرافي والوزن السياسي للدول هو الذي يحدد قيمة التعاملات السياسية والمالية.
واذا اتفقنا على ذلك فإن للأردن دورا أساسيا في الاقليم ودورا في صيانة السلم وحفظ الحدود مع ثلاث دول عربية هي المملكة العربية السعودية والعراق وسورية، واي تساهل او تخاذل او عدم مقدرة على حماية تلك الحدود فان التكلفة السياسية ستكون عالية، من هنا وجب على الجميع دعم الاردن لان في ذلك دعم للاستقرار في المنطقة.
واذا شبهنا الربيع العربي بالزلزال الذي ضرب اوروبا الشرقية بعد انهيار جدار برلين 1989 ، فان الحالة الاولى وجدت حلا لدى الاتحاد الاوروبي الرأسمالي الذي تداعى على الفور- ورغم اختلافه الايدلوجي مع اوروبا الشرقية- لمد يد العون المالي لها فورا حتى لا تنهار تلك الانظمة وتتعدى القوى السياسية والاقتصادية حدود اوروبا، وكلنا يعرف مشروع 'مارشال' لإعادة إعمار اوروبا.
و يبدو ان الوضع في الاقليم ليس بعيدا عن حال اوروبا عند انهيار الجدار ، فالوضع اليوم مهترىء نتيجة إدامة الاحتلال الاسرائيلي وبعد عدة حروب وازمات في لبنان والعراق والسودان والصومال واليمن وسورية وجلوس قوى اقليمية جديدة الى الطاولة، الامر الذي غير الكثير من اصول اللعبة ومفرداتها.
المطلوب ان لا يقتصر الدعم العربي على دولة واثنتين وان لا يكون المقصود من الدعم 'اسكات الجوع'، بل ان الامر ملح لاطلاق مشروع مارشال عربي لإعادة الأمل لدى المواطن العربي بامكانية إعادة اعمار البلدان العربية بعد الخراب الكبير الذي جرته الانظمة القمعية الفاسدة او ما جلبته الظروف السياسية المحيطة.
و الحل إطلاق مشروع عربي نهضوي كبير يخصص له ما لا يقل عن مئة مليار دولار يتم صرفها على مساعدة الدول العربية للخروج من ازمتها وعجزها الاقتصادي لتعزيزاقتصادياتها نحو الانتاج الفاعل في الماكنة العالمية وإشاعة الديمقراطية وثقافة المساءلة وحقوق الانسان حتى نلحق ركب الحضارة والمدنية، واذا تأخر هذا المشروع فالجميع خاسرون ! .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة