الأحد 2024-12-15 22:48 م

لن تنجح انقرة في تغيير قواعد اللعبة .. »الجديدة»!!

08:16 ص




ليس صدفة ان يتزامن الاتصال الهاتفي «المُفاجئ» بين الرئيسين الاميركي والروسي، مع ارتفاع وتيرة التصريحات التركية التي يواصل اركان حكومة احمد داود اوغلو (بما في ذلك هو شخصياً) اطلاقها والحديث عن «ضرورة» انسحاب قوات سوريا الديمقراطية, من محيط بلدة إعزاز ومطار «مِنِّغ» الذي حررته من عصابات داعش وجبهة النصرة.



ما تم تسريبه في شكل عاجل ولافت عن الاتصال الهاتفي, في شأن تطابق رأييهما حول «ايجابية» ما تم التوصل اليه في ميونخ بعد اجتماع المجموعة الدولية المُكلفة الملف السوري مع بعض المنظمات الدولية, الهادف في الاساس الى وقف «تدريجي» لاطلاق النار وادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة «بلا استثناء»، يشي بأن الرسالة الاميركية الروسية المشتركة, كانت موجهة الى انقرة تحديداً (دع عنك غيرها) بأن عليها ان تكف عن «عَبَثِها غير المجدي، بعد ان تغيّرت موازين القوى الميدانية وبعد ان لم يعد اي تأثير لمحاولات عرقلة او تأجيل هزيمة الارهابيين الذين استثمرت فيهم تركيا كثيراً وطويلاً، ولم تحصد غير الخسائر والخيبات, ولم تنجح في إحداث اي تغيير يُذكر في معادلة التحالفات والاصطفافات، ما بالك بعد أن دخلت موسكو على خط الأزمة وقامت انقرة بعمليتها الخرقاء في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، تلك العملية التي آذت تركيا اكثر من غيرها, وأنهت في واقع الحال دورها في الأزمة السورية على النحو الذي رأيناه في «تحييد» سلاحها الجوي ولجم اي محاولة لاستخدامه او التهديد به، لأن روسيا حسمت أمرها في هذا الاتجاه وقالت في العلن وهي تعني ما تقول ايضا: بأن ردها لن يَتأخّر, وبأن انقرة ستدفع ثمناً باهظاً اذا ما اقدمت على خطوة مماثلة وسيكون الرد ساحقاً.


ما علينا..


لن تحسم قذائف المدفعية التي اطلقها الجيش التركي على مواقع قوات سوريا الديمقراطية، معارك تحرير ما تبقى من ارياف حلب الشمالية, وهذه القوات لن تنسحب من محيط إعزاز او تجبن امام بضع قذائف لا قيمة لها في معركة تبدو محسومة لصالح القوى الوطنية السورية والجيش العربي السوري، وليس الوصول الى إعزاز وتل رفعت والاشراف المباشر على المراكز الحدودية مع تركيا سوى مسألة وقت، لكن مجرد حديث انقرة عن «قواعد الاشتباك» التي طبقتها يوم اول من امس وما تزال تلوّح باستمرارها في هذا الاتجاه, يعني ان احتمالات تدهور الاوضاع في الشمال السوري (الجنوب التركي) واردة, في ظل تحرّش الجيش التركي بالقوات السورية الحكومية, تحت مزاعم بأن الجيش السوري اطلق نيرانه على نقطة حدودية في لواء اسكندرون المحتل (هاتاي التركية الان) الامر الذي يُثير المخاوف بامكانية اندلاع معركة «صغيرة», وربما تكون محسوبة في البداية لكنها يمكن أن تنزلق الى ما هو أسوأ, بعد الحديث المُبالغ فيه والمُضخّم والذي هو بغير تأثير ميداني, عن تعزيزات جوية واخرى بَرِّية مُحتملة في قاعدة انجرليك التركية المخصصة اصلاً لاستخدامات حلف الاطلسي العدوانية ومَنْ يدفع اكثر.


البيان الذي صدر فجر امس عن الخارجية الاميركية, دعت فيه تركيا بـ»التوقف» عن قصف مواقع «الكرد» والجيش السوري, في الوقت ذاته الذي دعت فيه «الكرد» الى عدم استغلال الفوضى والسيطرة على المزيد من الاراضي مصحوباً (البيان) بتعبير عن «قلق» الادارة الاميركية ازاء الوضع في شمال حلب, تفوح منه (كالعادة) رائحة النفاق الاميركي وإمساك العصا من المنتصف, خصوصاً أن الازمة (في ظاهرها) ناشبة بين «اصدقاء» لواشنطن, فالكرد السوريون مقربون من ادارة اوباما, كذلك الاخيرة معنية (حتى الان) بإرضاء انقرة وعدم اغضابها, رغم احساسها بأن سياسة اردوغان وتقلباته وتصريحاته «العصابية» غير المتوقعة, باتت تثير حفيظتها, لولا أنها في حاجة اليها لاسباب اميركية مُتزلِفة ومنافقة معروفة.


لا يستطيع اردوغان وداود اوغلو, المُضِي قُدماً في فرض قواعد اشتباك على الاراضي السورية, مهما حشدا من مدافع وعتاد ودعماها بتهديدات وتحذيرات وتصريحات مُكابِرة, تُخفي فشلاً وعجزًا لم يعد أحد في العالم يُنكرهما, بل ثمة سياسيون أتراك يقولون في العلن: ان السياسة التي انتهجتها الحكومة تجاه سوريا اوصلت البلاد الى وضع صعب, فُرص الخروج منه بلا خسائر تكاد تكون معدومة, خصوصاً ان تركيا باتت الان في مأزق مُميت, ما يتعين على تركيا تطبيع العلاقات مع روسيا وتسوية ازمة اللاجئين, لأن واشنطن لن تصطدم بموسكو من اجل انقرة على ما قال السفير التركي السابق لدى العراق وبريطانيا اونال تشينيكوز حرفياً.


هنا تكمن المشكلة او القُطبة المخفية, فليس بمقدور اردوغان ان يعلن حرباً مفتوحة على سوريا عبر اكذوبة محاربة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري PYD كي يغير موازين القوى في شمال حلب, ويحول دون الهزيمة الساحقة التي تلوح في الافق لـ(مَرْعِيِّيه) من الارهابيين, الذين اعتمد عليهم طويلاً لفرض مشروعه العثماني الجديد على المنطقة العربية عبر اقامة نظام عميل له (ولغيره) في سوريا.


ثمة قواعد «لعبة جديدة» في المنطقة, تم التوافق عليها, بعد أن قالت الميادين كلمتها, ويبقى على اردوغان ومَنْ يُسانِده في الاقليم أو يتحالف معه, أن يستخلصوا الدروس والعِبر... قبل فوات الاوان.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة