الإثنين 2024-12-16 12:37 م

ليس مكسباً للدولة المدنية!

01:15 ص

هناك من أخذ انكفاء مقتدى الصدر عن ممارسة السياسة, وحلّ تجمعه المعروف بالتيار الصدري, وعودته الى الحوزة في النجف, بمثابة تعبير عميق ناتج عن تجربة حقيقية بضرورة فصل الدين عن السياسة, لاحتفاظ رجل الدين ورجل الزعامة المذهبية المتوارثة بنقاء دعوته ونظافة دوره.. فالسياسة كما وجد الرجل نفسه غاطساً فيها, ليست نقية ولا نظيفة!!

الاكثرية لم يفهموا انكفاء الصدر هكذا, فقد مارسه من قبل, وألف جيش المهدي وحلّه من قبل.. وقبل عشرة أيام عنّف في خطبة من داخل حسينية حي الشعلة في بغداد نواب تياره لانهم خالفوا تعليماته بشأن رواتب وتقاعد النواب والوزراء, ووصفهم.. بالفساد!!
- هل انكفاء الصدر مناورة؟ وماذا تهدف؟ العارفون بالشأن العراقي يقولون لا يمكن للرجل ان يتخلى عن زعامته الدينية. فقد شهد تياره اكثر من تراجع وخاصة في البصرة والجنوب, ولكن مع ذلك فهناك مليون ناخب بغدادي يصوتون له ولحلفائه.. ولبغداد سبعون نائباً في المجلس الوطني!!
عراقيون ساسة يقولون: إن انكفاء الصدر ليس الا اعلان حرد على طهران, لانها تؤيد انجاح رئيس الوزراء المالكي لدورة ثالثة.. في الانتخابات القريبة القادمة. وليس الا طريقة لازعاج الاميركيين الذين يريدون هم ايضاً وضع المالكي في رئاسة الوزراء مرة ثالثة!!
ماذا بشأن الحوزة في النجف؟! العراقيون يقولون أن السيستاني هو مع قم, ومع الولي الفقيه مهما حاول ان يكون عراقياً!! وعودة الصدر الى الكوفة هي معادل هام في توازنات النفوذ المذهبي. فآيات الله يتحالفون ضد الخصم, لكن لا يوجد رجل دين يخضع لرجل دين آخر. طالما أن «خُمس الامام» يتم دفعه, وهي مبالغ تكفي لاقامة جهاز سياسي ضخم, وجمعيات خيرية, ومستشفيات وتمويل كل تحرك شعبي مطلوب.
والصدر لن يسمح بابقاء مليون ناخب في بغداد خارج الانتخابات طالما انه استنكف, كما أنه لن يُجير هذه الاصوات لأحد.. حتى لو كان حليفاً. فهل يرشح الصدر نواباً ليسوا من الطاقم الذي أوصله الى مجلس الشعب في الانتخابات الماضية؟؟
تحرّك الصدر قد يغيّر معادلات كثيرة في اجواء العراق المضطربة. ولكنه في كل الظروف ليس كسباً للدولة المدنية في بلاد الرافدين. واعلانه الخروج من عالم السياسة ليس دعماً لمبدأ فصل الدين عن السياسة!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة