الإثنين 2024-12-16 01:29 ص

ما هو أبعد من خان شيخون!

06:57 ص

نهاية الشهر الماضي أكدت السفيرة الأميركية بالأمم المتحدة نيكي هايلي، أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية- الإسرائيلية (ايباك)، أنه سيتم ضرب كل من يعادي إسرائيل بـ'الكندرة'. وقالت 'أنا أرتدي حذاء ذا كعب عال ليس من باب الموضة، بل لأضرب به مجددا في كل مرة يحدث فيها شيء خاطئ'.



وتابعت ان 'إدارة ترامب تختلف عن إدارة أوباما فيما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل، وأنا لم آت إلى هنا كي ألعب، بل لتأكيد عودة الولايات المتحدة للقيادة، إن القرار 2234، الذي صدر نهاية العام المنصرم (قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي) كان بمثابة ركلة بالبطن، شعرت بها الولايات المتحدة'، مؤكدة أن هذا الشيء 'لن يتكرر مستقبلا'.


كلام هايلي جاء بعد 10 أيام من قيام الجيش العربي السوري بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات من مطار الشعيرات ردا على هجوم إسرائيلي. وقتها صمت العالم ولم نسمع أي تنديد بالغارة الصهيونية.


الجمعة الماضية، وجهت بوارج أميركية ضربة بـ59 صاروخ توماهوك لمطار الشعيرات، أصابت 29 منها أهدافها وحاد الباقي عن الهدف، وبررت أميركا ضربتها بامتلاك سورية أسلحة كيماوية، واستخدامها ضد أطفال خان شيخون، وانتصارا لهم، دون أن تنتظر نتائج التحقيق لتظهر إن كانت الحكومة السورية هي من استخدم الكيماوي أم هم الإرهابيون في 'النصرة' و'داعش' وغيرهما من تنظيمات إرهابية.


لا أريد الدخول بمتاهة استخدام الجيش السوري لأسلحة كيماوية من عدمه، فاستخدام السلاح الكيماوي، مهما كان مصدره، مرفوض، ولكنني هنا أستعير موقف مندوب بوليفيا بمجلس الأمن الدولى ليلة الجمعة، حيث ذكّر العالم أن الولايات المتحدة ذاتها قامت بتضليل المجتمع الدولى عبر وزير خارجيتها الأسبق كولن باول، مشيرا إلى جلسة المجلس حول العراق فى 5 شباط (فبراير) 2003 حين عرض باول صورة لأسلحة، زعم أنها أسلحة دمار شامل في العراق، وتبين فيما بعد أنها صور زائفة وغير حقيقية. المندوب البوليفي أشار إلى أنه بعد الصورة الأميركية والغزو بدأ قتل وتشريد الملايين من العراقيين، وأن ظهور 'داعش' كان مرتبطا بهذا الغزو للعراق، داعيا للاستفادة من الدروس التاريخية.


لم تنتظر واشنطن والدول الغربية نتائج التحقيق باستخدام أسلحة كيماوية من قبل الجيش السوري من عدمه، وهي لا تريد أن تفكر ولو للحظة بإمكانية أن يستخدم الإرهابيون الفارون من ساحات القتال والمنكفئون عسكريا تلك الأسلحة لتغيير ميزان المعارك على الأرض، ورفضت التفكير بأن من يقتل ويجز الرؤوس ويسبي النساء، وسبق له استخدام الكيماوي في غوطة دمشق وخان العسل، وهو ما أثبتته التحقيقات الدولية، يمكن أن يلجأ لمثل تلك الخدع ويقتل الأطفال في سبيل الوصول لأهدافه الإرهابية.


ولنبقَ في سياق التفكير داخل الصندوق، وليس عبر المشاعر والصور، مدفوعين بأحقاد دفينة ومدى حب أو كره النظام السوري، فإنه يتحتم علينا أن نستذكر أن الأميركان هم أنفسهم من لفقوا صور الكيماوي العراقي بمجلس الأمن لتبرير احتلال بغداد، وهم أيضا من شنّوا الغارة تلو الأخرى على ليبيا خارج الشرعية الدولية، وهم أيضا من قصفوا المدنيين في الموصل قبل أسبوعين وقتلوا عشرات الأطفال.


وبعد؛ فقد كشفت جريدة 'هآرتس' الصهيونية عبر محللها السياسي سرّ الضربة الأميركية لمطار الشعيرات، مشيرة الى أن المطار هو الذي خرجت منه الصواريخ التي ردّت على الاعتداء الإسرائيلي، وأن أميركا بضربتها تلك تريد إرسال رسالة لدمشق، مفادها أن أمن اسرائيل خطٌّ أحمر، وهو ما كانت قد ألمحت إليه مندوبة واشنطن بمجلس الأمن.


فقبل التهليل والتطبيل والتزمير للضربة الأميركية لسورية، فكّروا مليا ولا تنسوا التاريخ، فأميركا لم تضرب مطار الشعيرات كرمال عيون أطفال خان شيخون الأبرياء، والذي ما يزال قاتلهم طليقا ويجد دعما دوليا، وإنما كرمال عيون بني صهيون.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة