الخميس 2024-12-12 13:29 م

مكاتب احتيال تتخفى خلف التوظيف ..

12:38 ص

الوكيل - مقابل 20 دينارا فقط تدفعها ثمنا لطلب توظيف، نوفر لك وظيفة مرموقة، براتب هائل في إحدى الدول الخليجية، دون الحاجة إلى شهادات علمية أو أية خبرات في مجال الوظيفة.


هذا العرض المغري قدمه أحد أصحاب مكاتب التوظيف في الزرقاء قبل 3 أعوام لشاب جاء يبحث عن عمل، لكن العشرين دينارا تضاعفت 25 مرة، وأصبحت 500 دينار، لزوم رسوم الإقامة والسفر وعمولة المكتب، دفعها الشاب من 'دم قلبه' وانتظر السفر ثلاثة أشهر، ليكتشف بعدها أنه كان أحد ضحايا مكاتب التوظيف الوهمية، التي تستغل حاجة طالبي العمل.

ويقول الشاب، الذي شعر بالحرج من نشر اسمه وطلب تسميته بـ'صابر': 'أردت تمضية الوقت بانتظار دوري عند الحلاق فأمسكت إحدى صحف المحافظة المجانية، وبدأت تقليب صفحاتها إلى أن وقعت عيناي على إعلان عن توفر وظائف في الإمارات والسعودية برواتب عالية جدا'.

ويضيف 'لم أتردد بالاتصال الفوري برقم الهاتف المرفق بالإعلان، فرد رجل في غاية التهذيب وأكد لي توفر العديد من الوظائف، وطلب مني زيارة مكتبه في شارع الملك حسين (السعادة) لشرب فنجان قهوة والاطلاع على الوظائف المتوفرة'.

ويقول ناولني صاحب المكتب ورقة تضم قائمة من الشركات، وعدد الوظائف التي تحتاجها، والراتب المخصص لكل وظيفة، فاخترت شركة عالمية تعمل في مجال الأنظمة الكهربائية، لأنها الأقرب إلى تخصصي الدراسي في الجامعة، فطلب مني سيرتي الذاتية حتى يحصل على موافقة مبدئية على قبولي في العمل، وهو 'ما منحني شعورا بالراحة من أن الرجل صادق في تعامله معي'.

ويضيف 'بعد 4 أيام تلقيت اتصالا من صاحب المكتب يبارك لي قبولي في الشركة، وطلب مني الحضور فورا وإحضار أوراقي الثبوتية وجواز السفر وشهادتي الدراسية، حيث ناولني استمارة وخلال قيامي بتعبئتها، قال لي: إن ثمن الطلب 20 دينارا، فدفعتها فورا'.

ويقول صابر 'واصلت الاتصالات واللقاءات مع صاحب المكتب وفي كل مرة كان يطلب رسوما لقاء تعقيب المعاملة، وطوابع دخول، وتأشيرة، وإقامة إلى أن بلغ مجموع ما حصل عليه 500 دينار، إلى أن 'جاءت اللحظة التي لم يعد يرد فيها على اتصالاتي، وعند توجهي إلى المكتب وجدته مغلقا وعلمت من مجاوريه بأنني وقعت ضحية نصاب استغل حاجتي الشديدة إلى العمل'.

ويضيف صابر أنه تعرّف إلى عشرات الشباب ممن وقعوا ضحايا لهذا المكتب، ومنهم من تكبد عناء السفر إلى دولة الإمارات العربية بعد حصوله على عقود عمل، تبين لاحقا أنها مزورة، ما اضطرهم إلى العودة للأردن، وملاحقة صاحب المكتب الذي ما يزال مجهول الهوية الحقيقية أمام القضاء.

ولا تقف قصة مكتب التوظيف الوهمي وحيدة في هذا السياق، حيث ابتكر 'نصابون' وسائل عديدة لاجتذاب الشباب الباحثين عن عمل في الخارج، هربا من تدني الرواتب في المملكة، والتي لا تكاد تكفي في كثير من الأحيان لدفع أجرة وسائل النقل العام.

وعلى سبيل المثال تمتلئ جدران المحال التجارية في الزرقاء بملصقات تدعي توفر وظائف في فنادق من فئة الخمس نجوم، وأخرى في شركات الطيران أو النفط برواتب خيالية، فضلا عن امتلاء صفحات الصحف المجانية في المحافظة بإعلانات مماثلة، وصولا إلى وسائل التواصل الالكتروني 'فيسبوك وتويتر' ورسائل البريد الالكتروني، التي لم تخل هي الأخرى من فرص عمل وهمية.

حمد، وهو شاب تخرج من جامعة خاصة، يروي تجربته مع احدى هذه الوظائف، بقوله إن الإعلان المنشور على 'الفيسبوك كان مغريا'، فالوظيفة في مجال التسويق براتب يتعدى 500 دينار، وانه عند ذهابه إلى المقابلة اكتشف أن الراتب تصاعدي، يبدأ من صفر وقد يصل إلى 300 دينار في الشهر، في حال تمكنه من بيع 500 علبة كل يوم، وبمعدل 12 ألف عبوة شهريا، من نوع رديء من كريم الشعر (جل).

ويقول حمد إنه تابع 20 إعلانا، خلال 6 أشهر جميعها كانت وظائف وهمية، بعضها كان يتطلب دفع رسوم لقاء توفير الوظيفة، 'وبعضها الآخر سخرة وبلا أَجر'.

كذلك، يقول الشاب ربيع إن أحد أصحاب المكاتب تبين لاحقا أنه موظف مفصول من المكتب، عرض عليه توفير تأشيرة عمل 'حرة' إلى المملكة العربية السعودية، لقاء 1200 دينار أردني، إلا أن المبلغ تضاعف ليصل إلى 5 آلاف دينار، بحجة تثبيت الإقامة ونقل الكفالة، ويقول بعد أن دفعت 200 دينار 'عربونا'، 'اختفى صاحب المكتب ولم أجد له أثرا.

أما إعلانات الوظائف الوهمية، الأشد خطورة، فهي ما يندرج تحت باب 'التحرش الجنسي'، باستغلال حاجة بعض الفتيات إلى العمل، خاصة الوظائف التي تشترط حسن المظهر دون أي خبرة.

وفي هذا الصدد تقول إحدى الباحثات عن عمل إن بعض أصحاب المكاتب 'يقومون' بالإعلان عن توفر وظائف للفتيات، وفي العادة تكون وظائف مكتبية، براتب مقبول إلى حد ما.

وتضيف ما إن تبدأ الفتاة بالعمل 'حتى يبدأ صاحب العمل بالتحرش الجنسي، اللفظي أو الجسدي'، وفي حال رفضها أو صدها يتم إنهاء خدماتها فورا بحجة 'عدم مقدرتها على أداء الوظيفة المناطة بها'.

وتقول إنها علمت عن قبول فتيات قاصرات للعمل في بعض هذه الوظائف، وأن بعضهن تعرضن لانتهاكات جنسية خلال عملهن الذي لم يتجاوز 3 أسابيع، لكنهن خشين أن يخبرن عائلاتهن، وقالت إن بعض أصحاب العمل 'الوهمي' يختارون الفتيات الأشد حاجة للمال أو القادمات من أحياء شعبية، لاعتقادهم بأن حاجتهن الماسة إلى المال قد تدفع بهن للقبول بـ'تقديم أو ممارسة خدمات جنسية مقابل راتب'.

في الجهة المقابلة، يقول الناطق الإعلامي في وزارة العمل هيثم الخصاونة إن الوزارة تتعامل مع أي شكوى تردها في هذا الخصوص بشكل فوري، حيث تقوم فرق التفتيش بزيارة أي مكتب يرد بحقه شكوى واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

وأضاف أن المكاتب المرخصة من الوزارة 'لا تتقاضى أي مبلغ مالي حتى لو كان دينارا قبل توفير الوظيفة وتوقيع العقد'، مضيفا أن أجرة هذه المكاتب 'لا تتعدى 7 % من قيمة العقد الموقع، خاصة وأن هذه المكاتب قدمت كفالات حسن التزام لدى الوزارة وفي حال ارتكابها أي مخالفة بحق طالبي العمل تقوم الوزارة بتعويض المواطن المتضرر من هذه الكفالات'.

وأوضح الخصاونة أن المشكلة تكمن في المكاتب غير المرخصة والتي تدّعي توفير فرص عمل، مبينا أنه في حال ضبط أي مكتب غير مرخص يتم إغلاقه وتحويل صاحبه إلى الجهات القضائية، داعيا باحثي العمل إلى إبلاغ الوزارة بشكل فوري عن أي مكتب أو جهة تتقاضى أموالا لقاء طلبات العمل، أو أية أموال قبل توفير فرصة العمل الحقيقة وتوقيع العقد.

ورغم أن الزرقاء تحتضن 54 % من الصناعات الوطنية، من حيث حجم رأس المال، الأيدي العاملة، خطوط الإنتاج. فضلا عن الصناعات الاستراتيجية، إلا أن معدلات البطالة هي الأعلى بين محافظات المملكة، فقد وصل معدل البطالة في الزرقاء إلى 15.9 % مقابل 15.3 % في المملكة، بحسب الإحصاءات الرسمية. إلا أن مطلعين على السوق الزرقاوي يؤكدون أن المعدل يتجاوز في الواقع التقديرات الرسمية، ليصل إلى %25.

الغد


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة