اثار «تحذير» الرئيس الايراني حسن روحاني من ان بلاده قد تنسحب من الاتفاق النووي في حال واصلت الولايات المتحدة سياسة «العقوبات والضغوط»، القلق الكبير إن لم نقل «الهلع» لدى عواصم دولية عديدة فضلاً عن أمين عام الأمم المتحدة غوتيرس الذي وصف (خطة العمل الشاملة المشتركة) وهو الاسم «الرسمي» لاتفاق دول 5+1 مع طهران الذي تم التوقيع عليها في تموز 2015، بانها «اهم الانجازات الدبلوماسية التي تعكس السعي الدولي الى السلم والأمن، داعيا «المجتمع الدولي» الى بذل اقصى جهد بغية عدم السماح بنسف هذا الاتفاق والحفاظ عليه «بأي ثمن».. كذلك كان حال موسكو التي قال عضو مجلس الاتحاد الروسي للشؤون الدولية اوليغ وروزوف: انها تعتزمم التدخل، وستبذُل كافة الجهود الممكنة من اجل اقناع «ايران» بالحفاظ على الوضع الراهن.
واشنطن من جهتها وعلى لسان مندوبتها في الامم المتحدة نيكي هايلي، قالت في ما يشبه «اللامبالاة» بان الاتفاق النووي الايراني «يجب ان لا يُعتَبَر كبيرا لدرجة لا يمكن تمزيقه».. في الوقت ذاته التي رفعت اصبعها مهددة بانه لن يُسمح لايران (تحت اي ظرف) بامتلاك السلاح النووي. مُستدرِكة بان العقوبات الاميركية الجديدة «لا» علاقة لها بالصفقة النووية. داعية الى مواصَلة معاقبة ايران لـ»تجاربها الصاروخية، ودعم الارهاب وتجاهل حقوق الانسان وانتهاك قرارات مجلس الامن».
الامور التي بدت وكأنها قد هدأت بعد ان تراجَع ترمب، ولو مؤقتاً عن «وعوده» تمزيق «اسوأ اتفاق في التاريخ» وراوغ بالقول: انها تخرِق «روح الاتفاق» بعد ان اكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها الدورية ان ايران ملتزمة بنود الاتفاق بشكل كامل، ها هي المسألة تعود الى المربع الاول، لكن جديدها هذه المرة، هو ان التهديد بتمزيق الاتفاق اصبح مُتبادَلا وجاء على لسان الرئيس الايراني نفسه، ما يعني ان «الورقة» التي طالما اعتبرها ترمب «سلاحاً» اميركيا خالصا، يمكنه اخذ الصراع مع طهران الى درجة اكثر سخونة، باتت «مُشترَكة»، وان الاخيرة لم تعد راغِبة بالتمسك بالاتفاق اذا كان سلاح «العقوبات» الاميركية قد تم اشهاره علنا، وبالتالي فان المعسكَر المنافِس او المُعادي لروحاني في ايران وخصوصا بعد فوزه بالرئاسة وهزيمته مرشح المحافظين ابراهيم رئيسي، قد اصبح (المحافظون) يتوفرون على مزيد من «الذخيرة» لمواصلة الهجوم على سياسة روحاني الخارجية، كما هو معني وخصوصاً في هذه الأيام وخلال سعي روحاني لحصول تشكيلته الوزارية الجديدة على ثقة مجلس الشورى، مواصلة الانتقادات التي لم تتوقف على سياساته الداخلية، وبخاصة الاقتصادية منها، حيث يتهمونه فيها بالإخفاق في تنفيذ وعوده، وازدياد البطالة وارتفاع الاسعار ووصول نسبة التضخم الى 40%.
قد يرى البعض ان تهديدات روحاني ومن على منبر مجلس الشورى، مجرد «مُغازَلَة» لخصومه، وانه معني بالمصادقة على الحكومة الجديدة التي تُناقَش الآن في المجلس، الاّ ان تصريحاً كهذا لا يمكن ان تنحصر اصداؤه في اروقة مجلس الشوري، لأن مجرد التلويح به وعدم «استخدامه» لكبح واشنطن عن مواصلة فرض العقوبات، يعني إضعاف روحاني في فترته الرئاسية الثانية، التي لن تكون – على غرار الفترة الأولى – سهلة، بل ستمنح اشرعة معسكر المحافظين رياحاً جديدة، كي يواصلوا التقليل من أهمية «انجازات» روحاني المتواضعة، وبخاصة اقتصاديا وان كانت سياسياً وعلى المستوى الاقليمي خصوصاً تبدو «وفيرة»، بمعنى ان طهران حاضرة في ملفات المنطقة بقوة، وهذا باعتراف خصومها الذين رأوا في «الاتفاق النووي» مثابة «رُخصة» لها من المجتمع الدولي، كي تمضي قُدُماً لتعزيز نفوذها ودورها الاقليميين، وهي امور غير مؤكدة وتخضع لصراع ارادات ما يزال مستمراً، وان بدت في لحظة ما وكأن طهران تُحقّق نقاطاً عديدة تُضاف الى رصيدها على اكثر من ساحة «عربية» سواء في سوريا ام العراق ام اليمن.
الصراع الداخلي في ايران بين ما يوصفون بالإصلاحيين وعلى رأسهم روحاني وظريف، وبين المحافظين وهم أقوياء وكثر، لا يمكن حصرهم فقط في الحرس الثوري او وسائل الاعلام المحسوبة عليهم ولا حتى في مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي كان محسوباً لصالح «الإصلاحيين» قبل وفاة رئيسه هاشمي رفسنجاني، الى ان تم مؤخراً تعيين محمود هاشمي شهروردي رئيساً له.
هذا الصراع الذي لم يتوقَّف بين المعسكرين منذ عقود مضت على العام 1979، ما يزال محتدماً، يستخدم الطرفان فيه كل ما يتوفرون عليه من اسلحة، و»الاتفاق النووي» هو آخر»ساحة» بينهما، ما يعني انه حتى لو تم تمزيقه ايرانياً (ونحسب انه لن يتم) فان روحاني وظريف سيبقيان تحت نار المحافظين، في اطار صراع محموم للوصول الى السلطة، وبخاصة في الظروف الداخلية الراهنة والحديث المتصاعد عن الوضع الصحي للمرشد الروحي خامنئي، وصراع الوراثة... بينهما.
من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل الاتفاق النووي، وبخاصة في ظل «تمسّك» الدول الخمس الاخرى..ببنوده كافة، فضلاً عن ان طهران لن تسمح بحرق «ورقة» كهذه في يدها، وسط «تزاحم» الاوروبيين وشركاتهم للاستثمار فيها وتوقيع عقود ضخمة، منها النفطي (توتال مثالاً) وغير النفطي (شركات تصنيع السيارات) ناهيك عن ان «تمزيقاً» اميركياً مُستبعَد أيضاً، وان ترمب سيجد صعوبات ومعارضة قوية وانتقادات لاذعة اذا ما واصل التلويح بتمزيق هذا الاتفاق وبخاصة من حلفائه، الذين لا يتورعون على انتقاده ووصف سياساته وخطابه، بأنه «خطاب صدامي وعدواني مُفرِط»، على ما قال – وعن حق – وزير الخارجية الالماني سيغمار غابرييل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو