الأحد 2025-01-19 07:55 ص

نصف خطوة

09:09 ص

أخيرا كشفت الحكومة عن معدل العبء الضريبي الذي يتحمله الأردني، على لسان وزير المالية د. أمية طوقان، الذي أكد أن العبء الضريبي يبلغ 30 %، وهو أقل من المعايير العالمية، بحسب ما قال الوزير.

قد يكون كلام الوزير صحيحا لو كانت الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن بمستوى لائق ويحترم حق العيش الكريم، ويغني دافع الضريبة عن شراء هذه الخدمات من صحة وتعليم ونقل.
ما يقوله الوزير صحيح لو أن سياسات الإنفاق العام شفافة وواضحة وينطبق عليها مبدأ تقييم الأثر، خصوصا وأن مليارات الدنانير التي يدفعها الأردنيون كضرائب لا يعرفون كيف تنفق، وما نتائج إنفاقها؟
الوزير أعلن معدل العبء الضريبي في إطار شرحه لمشروع قانون الضريبة، وتضمن حديث طوقان تفاصيل حول إعفاءات الأفراد والأسر ونسب الضريبة المفروضة عليهم.
الحكومة أبقت على قيمة الدخل المعفى من الضريبة للأفراد والأسر، كما هو حاليا، وبذلك تكون الحكومة استجابت للمطالب بالإبقاء على الإعفاءات لهذه الفئة كما هي، ما يعكس إدراكا وتفهما لمدى تأثير مقترح تخفيض الإعفاءات على الطبقة الوسطى.
بحسب المقترح السابق، كانت الحكومة تفكر بتقليص الإعفاءات من 24 ألفا للأسرة نزولا إلى 18 ألفا، ونصفها للأفراد، والغاية توسيع دائرة دافعي الضريبة، وشمول أفراد جدد ضمن الفئة التي تسدد ضريبة الدخل.
التصور النهائي اختلف، وفي الصيغة النهائية للقانون الموجود اليوم بين أيدي النواب، أبقت الحكومة على قيمة الإعفاءات، لكنها تلاعبت بالنصف الثاني من المعادلة، والمتعلق بنسب الضريبة المفروضة على المبالغ التي تزيد عن الإعفاءات.
ما تفعله الحكومة بتغيير النسب، أنها ستزيد الضريبة المقتطعة من الأفراد والأسر المشمولين بالضريبة أصلا، لتزيد أعباء هذه الفئة الملتزمة بتسديد الضرائب.
بحسب القانون المطبق حاليا، تسدد الأسر أو الأفراد نسبة 7 % عن كل دينار من الاثني عشر ألف دينار الأولى التي تزيد على المبلغ غير الخاضع للضريبة، وترتفع النسبة بعد ذلك وصولا إلى 14 % عن كل دينار.
المقترح الحكومي الجديد يقضي بزيادة هذه النسب لتبدأ من 10 % عن كل دينار من 10 آلاف دينار الأولى التي تزيد على المبلغ المعفى، وترتفع إلى 15 % على العشرة آلاف الثانية، وصولا إلى
20 % عن كل دينار مما تلاها.
الزيادة ليست قليلة، وشملت جميع الشرائح، من الفئة التي يزيد دخلها السنوي على 24 ألف دينار للأسرة، بمعدل 2000 دينار شهريا.
وفق القانون الحالي كانت الفئة الأولى التي دخلها بحدود 2500 دينار مثلا تسدد 700 دينار سنويا، ووفق المقترح سيرتفع ما تتحمله إلى ألف دينار، أما النسبة الأعلى فكانت 14 %، وتصل إلى 20 %، وهذه النسب مرتفعة وتشجع فكرة التهرب الضريبي لمن يستطيع، وتثقل كاهل الأسر متوسطة الدخل.
الحكومة عمليا عادت نصف خطوة، وهي ماضية في تنفيذ نصف الخطوة الثانية المتعلقة بنسب الضريبة.
فكرة زيادة النسب لا بأس بها، لو نجحت السياسات الحكومية بزيادة المداخيل للأسر والأفراد، بتحقيق معدلات نمو عالية، أما زيادة الأعباء الضريبية دون ذلك، فتلك خطيئة ترتكب بحق الطبقة الوسطى أو من بقي في رحابها.
الأَولى في هذه المرحلة أن تفكر الحكومة بتقليص عدد المتهربين من الضريبة وليس عدد الطبقة الوسطى، التي يتطلب الحفاظ عليها أفكارا خلاّقة، وإلا فعليها أن تعترف أولا بعجزها عن تحقيق هذا الهدف، ثم تلجأ بعد ذلك لمعاقبة الملتزمين من قطاعات وأفراد وتزيد عليهم الضريبة! وهذه 'شطارة' في غير محلها.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة