الأحد 2024-12-15 13:37 م

هام جداً .. عن فواتير الكهرباء!

07:34 ص

أحاديث الحلاقين ليست مملة كلها، ففيها أحيانا ما ينبىء عن ميزان تقيس به حال الناس، خاصة وأن «صالون الحلاقة» يشبه الصالون السياسي غالبا، أو قل هو برلمان صغير، يجتمع فيه كل الناس، من كل الطبقات والتوجهات ومستويات الوعي، وهو أيضا مصدر معلومات لمن يبحث عنها، وهو ما يحصل معي عادة، حين أزور حلاقي مرة في الشهر على الأقل، وإن كنت في غالب الأحيان أدعي النوم، لأهرب من بعض أسئلة «عزيز» حلاقي المفضل!



بالأمس أثيرت في البرلمان الصغير قضية «فتلت» مخي، وأجابت عن سؤال كان يدور في رأسي ولم أجد له جوابا، وهو سر تذبذب قيم فواتير الكهرباء التي أتتني في الأشهر الأخيرة، فمرة تأتي الفاتورة صغيرة الحجم، رقيقة الأرقام، ومرة تأتي مضاعفة، ثقيلة على القلب والنفس والجيب، ولأنني مواطن على باب الله، وأثق بالجهات ذات العلاقة، وعلاقتي بالأرقام من أسوأ ما يكون، لم يخطر ببالي قط أن أراجع فواتيرهم، أو أقرأ محتواها الرقمي المعقد، بل كنت أدفع صاغرا وأنا أتحوقل وأستعيذ بالله من قادم الأيام، إلى أن طرقت مسامعي رواية نقلها أحد أعضاء برلمان صالون الحلاقة عن موظف في شركة الكهرباء، قال لهم أثناء إحدى جلسات «الصالون» المفتوحة، أن الشركة «عملت عملة» كسبت منها ملايين، حيث عمدت إلى تبكير قراءة العدادات في شهر، بحيث جعلته عشرين يوما، ثم أردفت هذا قبل أن يفرح المواطن بالفاتورة الصغيرة، بتأخير قراءة العدادات حتى أصبح الشهر تقريبا خمسة وأربعين يوما، وبهذا تغيرت قيمة الفاتورة أو تضاعفت، لأن استهلاك كمية عشرين يوما يدخلك في الشريحة المخفضة، أما استهلاك الخمسة وأربعين يوما فهو يدخلك في شرائح أعلى، وأثمان أعلى!


عدت إلى البيت وأنا أغلي، وفتشت عن فواتيري لآخر ثلاثة أشهر، وتأكد لي صحة الرواية، وأول ما لاحظته فراغ الخانة الخاصة بفترة الاستهلاك من نحو ثلاثة فواتير (هي المقصودة بالعَمْلة كما يبدو!)، ثم عودتها فجأة في الفواتير اللاحقة، وهو أمر بحد ذاته يجلب التساؤل إن لم يكن الاتهام!


وللعلم، فإن الشرائح الدنيا التي تستهلك كهرباء أقل، لا تدفع الكثير مقابل استهلاكها، فالشريحة الأولى مثلا، من 1-160 كيلو تدفع ثمن الكيلو 33 فلسا، كما هو مبين على ظهر الفاتورة، أما الشريحة الثانية وهي من 161-300 فثمن الكيلو فيها 72 والثالثة 86 والرابعة 114 وتتصاعد الشرائح حتى يصل سعر الكيلو لمن يستهلك أكثر من ألف كيلو إلى 265 فلسا للكيلو!


فتخيلوا ما مغزى هذا الكلام، وكيف تقفز فاتورتك إلى أرقام جالبة للجلطة، فقط بسبب أن قارىء العداد جاءته تعليمات أن لا يزورك إلا في يوم حددوه له «هم» علما بأنني لاحظت أن زيارات قارىء العداد لا تتم في يوم محدد من الشهر، فمرة يأتيك يوم 11 من الشهر، ومرة يوم 14 وأخرى يوم 10 ومرة يوم 15، ومع كل يوم يتأخر فيه المحترم، قد تنتقل من شريحة استهلاك إلى أخرى، وأنت لا تدري، ما يعني أن فاتورتك مرشحة للزيادة، وتحت رحمة توقيت زائر الكهرباء، مع أن الأصل والمألوف والواجب أيضا أن يزورك قارىء العداد في وقت محدد كل شهر، لأن المناطق مقسمة بين «القراء» ولا عذر لأحد فيهم للتلاعب بقيمة فاتورتك وفقا لوقت «تشريفه!» لك!


هل ما تقدم عمل مشروع وقانوني؟ أم يضاف للضربات التي تقع على رأس المواطن، الذي لا يدري من أين تأتيه الضربة القادمة، والمخفي أعظم!


ألا يحق لنا كمواطنين أن نقاضي شركة الكهرباء على تصرفها؟ فمن يعلق الجرس؟


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة