لو لم تتوحد المعارضة السورية, بقواها الرئيسية, في مؤتمر الرياض الأخير فلما اتخذ مجلس الأمن بإجماع خمس عشرة دولة القرار الذي اتخذه أمس الأول (الجمعة) بشأن حلِّ الأزمة السورية فالحجة التي كان يلوذ بها الروس سابقاً هي أنه لا توجد معارضة حقيقية وأن كل الذين يقاتلون نظام بشار الأسد مجموعات إرهابية مثلها مثل «داعش» و «النصرة» لا تفهم إلا لغة العنف والقوة ولا يجوز أن تكون طرفاً في أي حلٍّ سلمي لهذه الأزمة .
وبالطبع, وهذه حقيقة ستؤكدها تطورات الأيام المقبلة, فإنَّ ما جعل الروس أكثر واقعية وجعلهم يذهبون إلى نيويورك ومجلس الأمن هذه المرة وهم أكثر مرونة وأكثر استعداداً للمساومة والأخذ والعطاء وبيع «صاحبهم» في سوق النخاسة وبأقل الأثمان هو أنهم اكتشفوا بعد نحو شهرين من تدخلهم العسكري في سوريا أنهم ورغم استخدامهم لأقصى قوتهم, برَّاً وبحراً وجوّاً, لم يحققوا أي إنجاز فعلي على الأرض وأن موازين القوى بقيت على ما هي عليه بل ربما مالت قليلاً لحساب المعارضة السورية التي وضعها إنجاز الرياض على أرضية صلبة إنْ عسكريّاً وإن سياسياً .
لقد بدأت روسيا تشعر أنها إنْ لم تتعامل مع هذه الأزمة بالواقعية المفترضة والمطلوبة بل والضرورية فإنها سوف تغرق في المستنقع السوري لا محالة كما غرق الاتحاد السوفياتي في المستنقع الأفغاني فكانت نهايته وكان زواله ولذلك فإنَّ بداية التلاؤم مع الحلول المطروحة كان استقبال فلاديمير بوتين «الباسم» لوزير الخارجية الأميركي جون كيري وكانت تلك السهولة, التي وصلت حدَّ الانقياد, للموافقة على المبادرة الأميركية والذهاب إلى نيويورك بقناعة تامة بهذه المبادرة .
منذ, البدايات كان رأي الذين نظروا إلى الأمور من زاوية واقعية, أنَّ التدخل العسكري الروسي في سوريا لن يكون أكثر مما أصبح يسمَّى في مجال الإرهاب: «ضربة الذئب المنفرد» وأنَّ الروس قد يستطيعون تحريك الأزمة السورية ويحصلون على بعض «المكاسب» التكتيكية وبخاصة بالنسبة للأزمة الأوكرانية وانعكاساتها عليهم لكنهم وفي كل الأحوال في النهاية سيضطرون وبالتأكيد إلى ارتقاء منصة المساومة والبيع والشراء.. وربما الإكتفاء من الغنيمة بالإياب إذا وفَّر لهم الأميركيون ما يحفظ ماء وجوههم.. إنْ في أوكرانيا وإنْ في الشرق الأوسط.
إنَّ تدخلاً في سوريا كتدخل الاتحاد السوفياتي في أفغانستان يتطلب اقتصاداً متيناً وأرضية صلبة وهذا في حقيقة الأمر غير متوفر لروسيا التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة زادتها العقوبات الأميركية والغربية تفاقماً وصعوبة وكل هذا والمعروف أنَّ الروس أدركوا وخلال أيامٍ قليلة أن عواقب تدخلهم في سوريا ستكون كارثية وإن عليهم: «ألا يركبوا رؤوسهم» وأنْ يبادروا إلى حلَّ هذه العقدة بأصابعهم حتى لا تصبح عصية على الحل وحتى إنْ هم استخدموا أسنانهم .
كان الروس يلوحون بسلاح الغاز الذي يصدرونه إلى ألمانيا وفرنسا وتركيا والسويد والعديد من الدول الغربية كلما طرأت مشكلة بينهم وبين إحدى الدول المستوردة لكنهم لم يستطيعوا أن يلعبوا هذه اللعبة هذه المرة فالأتراك سارعوا إلى رأب الصدع بينهم وبين إسرائيل وعقدوا معها صفقة للحصول على هذه الطاقة بسهولة وتركمانستان التي تعتبر رابع دولة منتجة لهذه المادة في العالم سارعت إلى إبرام اتفاقية مع الهند وباكستان وأفغانستان جعلتها في غنىً عن الغاز الروسي الذي هو أعلى كلفة مقارنة بالغاز الإسرائيلي والغاز المصري.. والتركمانستاني.. والغاز الليبي.. والملاحظ هنا هو أن الأوروبيين ومعهم الولايات المتحدة قد تعاملوا هذه المرة مع الأزمة الليبية بكل جدية والمؤكد أن غاز ليبيا هو أحد أسباب هذه الجدية !!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو