الأحد 2024-12-15 11:37 ص

وصفي .. يستحق الرثاء المرّ

07:11 ص

يسأل سائل: هل كل من كتبوا عن وصفي وأنا منهم بالمناسبة، يعرفونه ويدركون كنه عقليته القائدة، ويفهمون عمق استراتيجيته في التخطيط لبلد شهد منذاك الوقت تحديات السكان والنهوض الاقتصادي والسياسي بالتزامن مع المراوحة الاجتماعية؟ الجواب هو لا بالتأكيد ولكن مجرد أن نرى شابا يستذكر وصفي حتى دون أن يعطيك فكرة عن إنجاز واحد له.

وصفي ليس الفارس على حصانه الأبيض الذي ينتظرنه العاشقات ولا المهدي الذي دخل الى مغارته في انتظار عودته، فلقد رحل الى سبيله مع الأخيار والرجال الأبرار وهو يستحق منا النعي بما هو أهل له ويستحق الرثاء المرّ، لكن كان من الأجدى لو أن من كتب بصدق وجمع الحقائق والوقائع الصادقة عن الرجل ومرحلته السياسية كان ممن زاملوه ومن كانوا على خلاف سياسي معه وهم كُثر، ممن سعوا الى الحكومات والوزارات وسلطة المنصب وحال بينهم شخصية عملاقة كوصفي، فأورثوا الحقد واستخبأوا الجحود حتى ماتوا أو هرموا.
وصفي لم يخرج على الناس فجأة مبشرا بجنة عدن، وينام على طاولة مليئة بالكاميرات والمايكروفونات من فرط الحديث عن إنجازاته وبطولاته، بل نبتت قامته مع اليتمّ والغربة، وسار على درب الرجال الشرفاء، غمس خبزه في صحن الزيت والزعتر، وذاق طعم الفقر والحاجة، ولبس الخشن، وداس على شوك الحياة، وقاد سريته في جيش الإنقاذ وآمن بعروبته وقدّس قضية فلسطين وحارب على أرضها، وعاد الى وطنه ليضع أساسات جديدة قوية للبناء الثقافي والاقتصادي العام لدى الشعب، وخاض معارك سياسية ليس لها أجندات خارجية أو مصالح ذاتية.
على هذا الشعب وهذه الدولة أن لا تحبس نفسها في صندوق أحلام مكتوب عليه وصفي التل، فوصفي قام بواجبه خير قيام وترككم على طريق قويم ، بل يجب عليهم أن يبدأوا بالتغيير نحو الأفضل، عليهم أن يلدوا الرجال الذين يعرفون معنى الإيثار والتضحية، ويربوهم تربية الرجال، حيث الأمانة والصدق والشرف الوطني عقيدة عندهم لا ترتبط بأسماء العائلات والشخصيات والأصول والمنابت، بل باسم وطن إذا أردنا لأبنائنا أن يعيشوا فيه بكرامة آمنين مطمئنين.
وصفي قتلته عروبته وفروسيته ووطنيته والشهامة، قتلته رؤاه لوطن كبير راسخ شامخ كالطود العظيم وسط هذه الصحراء، حيث لا يسلم الجواد الأصيل من لدغ الأفاعي الصماء، قتلك مروءته وشجاعته التي أغاضت الأعداء، وأوغرت صدور الجبناء، ولكن ما يقتلنا أن هناك من لا يزال يقتله بالروايات الكاذبة، ويقتله ظلم ذوي القربى، ويظلمك تاريخ اختبأ بين طيات تقارير الجهلاء وألسنة المؤرخين الأدعياء ؟!
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة