الأحد 2024-12-01 07:30 ص

يوم دامي على الاردنيين

03:16 م

أحمد المبيضين - شهد الاردن يوم أمس السبت وقوع العديد من جرائم القتل البشعة والانتحار والتي تميزت كل واحدة منها ببشاعتها عن الاخرى، الامر الذي بات مصوراً للأردنيين ، على انهم امام عرض مسرحي مرعب ، او انهم يشاهدون لقطات من فيلم 'أسودت' مشاهده لجذب انتباههم ، الا ان الواقع كان اصعب وانهم فعلا امام جرائم حدثت وارتكبت وبكل دم بارد، وان الصدمة الحقيقية كانت كالواقعة فوق رؤوسهم ان جميع هذه الجرائم حدثت في بيوت أردنية .

فمسامع الاردنيين وصفحاتهم الفيسبوكية ، وبعد ان تعطرت خلال الايام الماضية بمنشورات عيد الفطر السعيد والتهنئة به ، وتزينها بروحانيات رمضان ووداعه ، تكحلت يوم أمس بنشر ومشاركات الاردنيين بين بعضهم البعض لما يدور ويحدث في الاردن من جريمة تلو الجريمة وقائع انتحار متعددة ، من دون معرفة ماهية الاسباب والدوافع ، والتي كانت جميعها حوادث مفجعة تقشعر لها الابدان .

فبداية مع جريمة القتل التي وقعت في الساعات الاخيرة في يوم الاول من امس الجمعة ، والتي كشفت واعلن عنها من قبل مديرية الامن العام فجر يوم أمس السبت بقيام مواطن في منطقة كفرنجة بمحافظة عجلون على إطلاق النار ' 6 رصاصات ' على شقيقته الخمسينية ، ليرديها قتيلة تسبح في دمائها ، ولتليها الحادثة الاخرى بعثور الاجهزة الامنية على جثة حدث يبلغ من العمر 15 عاماً في منطقة سهلية بالقرب من نادي الضباط في الحي الشرقي بمدينة اربد ، والتي باشرت بدورها الاجهزة الامنية المختصة بالتحقيقات لكشف ملابساتها ودوافع ارتكابها .


اما الجريمة التي وقعت تباعاً بمقتل شاب ثلاثيني اثر اصابته بعيار ناري ،جراء مشاجرة وقعت بالقرب من مخابز السلام في مأدبا .

وكانت الجريمة والتي لحقت بالجرائم السابقة والتي وقعت بأكملها في غضون ساعات ، بمقتل أربعيني طعنا على يد شاب عشريني في منطقة ماركا، إثر خلافات بينهما .

وبالانتقال من القتل الى الانتحار ، اصابت أنفس الاردنيين مساء امس وبعد مضي ساعات طويلة وكلها حزن وتشاؤم ، والشعور بالامتعاض والاستياء لما حدث ، ليصلهم من جديد عبر الواتساب والفيسبوك والتطبيقات الذكية الاخرى الخاصة بالأخبار العاجلة ، خبر انتحار شاب عشريني يعمل حارساً لإحدى العمارات على شنق نفسه بواسطة حبل داخل تسوية العمارة التي يعمل بها في منطقة جبل الحسين بالعاصمة عمان ، ومن دون معرفة بعد الاسباب والدوافع لإقدامه على انهاء حياته في دقائق .

وبعد مضي يوم حافل بالجرائم والانتحار وقبل ان ينتهي بدقائق ، كُتب على الاردنيين ان يلقوا برؤوسهم على الاوسدة بمطالعتهم لحالة انتحار جديدة وقعت منتصف الليلة الماضية ، بإقدام مواطن في العقد الرابع من عمره ، على الانتحار شنقاً في لواء القطرانة بمحافظة الكرك ، مع الاشارة هنا وبحسب مصادر أمنية لموقع الوكيل الاخباري ' انه يعاني من اضطرابات نفسية ' .

يوم مر على الاردنيين من لحظة استيقاظهم وحتى نومهم على خبر جريمة قتل او انتحار تلو بعضها البعض ، من دون الدراية في الوهلة الأولى عند سماع او قراءة الخبر للأسباب والدوافع ، وخاصة ان احدى تلك الجرائم، الجاني فيها ليس بغريب وأنه أحد أفراد الأسرة المجني عليها هو الاخ، فخلال الـــ24 ساعة الماضية فقط ، سُجل في دفاتر الضبط للأجهزة الأمنية والطب الشرعي وذاكرة الاردنيين 4 جرائم قتل تفنن مرتكبوها في القضاء على ضحاياهم، وحالتين انتحار ، مما يجعلنا نضيء الضوء الأحمر وندق ناقوس الخطر للأمن المجتمعي ، والبحث بعمق عن ماهية الأسباب التي دفعت لارتكاب هذه الجرائم وبكل دم بارد .

خبراء اجتماعيون ونفسيون قالوا لموقع الوكيل الاخباري ، ان ارتفاع معدل الجرائم في الأردن ، وخاصة ان معظم الجرائم التي ارتكبت خلال يوم واحد تقع ضمن نطاق غير المعقول والغريب على مجتمعنا السمح ، والذي يشير بمضمونه تلك الجرائم ان الأمر أصبح يشكل خطورة كبيرة على الأسرة الأردنية ، معللين بذلك إن الظروف الاجتماعية أثرت على سلوك المواطن، وجعلته يقوم بتصرفات جنونية ضد أسرته واصدقائه والغرباء دون وجود ادنى درجة' للتفكير والوعي'، اضافة الى الضغوط الاقتصادية التي مرت على المواطن في الآونة الأخيرة ، والتي هي من المؤكد كانت احدى المسببات في الوقوع بالأعمال الخاطئة والمستهجنة والبعد عن الوازع الديني واللجوء الى تعاطي المخدرات والمسكرات ، وذلك لحسب 'اعتقادهم' انها المفر الوحيد للهروب من الواقع ونسيان الديون المالية وتكاليف متطلبات الحياة اليومية المعيشية ، لتكون الحادثة بعد ذلك إما بالانتحار او ارتكاب جريمة وبدم بارد .

وأضافوا ، ان ما حدث يوم أمس ليس بمعقول وهو غريب كل الغرابة والى حد كبير عن عادات و تقاليد و اعراف مجتمعنا الاردني ،لافتين الى أن المواطن الاردني لطالما قد عاش تحت ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة وشديدة ، وان معاناتهم كانت ومازالت مستمرة، الا انه أصبح ومن الواضح عدم التغلب والسيطرة عليها جعلته يشعر بالاكتئاب وعدم القدرة على التمييز مما يخلق لديه الحالة الكاملة لفقدان العقل والادراك وموت جميع المشاعر الداخلية الانسانية .

وطالب الخبراء الحكومة الاردنية، بضرورة إنشاء مركز أبحاث اجتماعية يُعنى بالأسرة أولاً لحمايتها والمساعدة في استمراريتها لبحث القضايا الأسرية وتحديد الاسباب والحلول للقضاء عليها نهائياً، والمهمة الثانية لهذا المركز هو لتسليط الضوء على الاطفال وغرس الآداب والأخلاق الحميدة لديهم كالتسامح والأمانة وحب الآخرين، وذلك لما فيه من مساهمة بوقف العنف داخل نطاق الأسرة، وبالتالي يوقف العنف في المجتمع ، الى ذلك الاهتمام بقطاع الشباب ومساعدتهم في محاربة الفقر والبطالة وما تسببت به في الوقت الحالي من إحباط وتوتر وتمرد على الاهل وافتقاد الشعور بالطمأنينة ،وتحويله وبكل بساطة الى إنسان انفعالي ' همجي' في جميع تصرفاته وسلوكياته ،ليفقد لاحقاً السيطرة على نفسه ويرتكب مختلف الجرائم اثر حدة الضغوط المحيطة به .

مصدر أمني اكد لموقع الوكيل الاخباري ، ان ما حدث في الاردن من شماله وحتى جنوبه ، أصبح بالفعل يحتاج الى اجراء الكثير من المراجعات في المجتمع ، وخاصة داخل الاسرة ، فلا يمكن للعقل البشري ان يقوم بطعن شقيقته وتركها ملقاة امامه وعدم السماح لاحد بالتدخل، اضافة الى الذي قام بإطلاق النار على اخر في مشاجرة ، لتليها طعن شاب لرجل يكبره بالعمر ، وانتحار شاب وانتحار آخر ، لافتاً الى انها جرائم تخلت عن كافة الجوانب الانسانية والبشرية ، وانها باتت تزعزع الامن المجتمعي ،مؤكداً ان القضاء سيتخذ اشد العقوبات بحق المجرمين وفي القريب العاجل ، وذلك لكي يرتدع من يلجأ الى تعاطي المخدرات والمسكرات وليكون سبيلاً للحد من الجريمة .

وأوضح المصدر ، إن السبب الرئيسي من أسباب ازدياد معدلات الجريمة هو تباطؤ تطبيق الإجراءات القانونية الجنائية بحق الجناة ، اذ ان الاجهزة الامنية تتمتع بسرعة القاء القبض على الجاني وفي وقت قياسي ، الا ان تطبيق الإجراءات القضائية الصادرة بحقهم والبطيء في تنفيذ العقوبة، يساهم حتماً في انتشار الجريمة وبشكل كبير.

وختاماً .. مهما كانت الظروف المحيطة بالفرد ، ومهما كانت بطبيعة حالها قاسية ومؤلمة وقوية، الا انه ومن المحال أن تُفقد الاخ مشاعره الاسرية تجاه شقيقته ، وقتلها من دون ان ترمش له طرفة عين ، ولا يمكن ايضاً ان نجد رجل قد اصبح في اواخر عمره ويفضل الانتحار كمفتاح لإنهاء حياته التي اصبحت في اخر مطافها ، جرائم تثير في النفس الريبة والخوف والاستغراب على ان هنالك واقع مخفي يعيشه هؤلاء ليكون اداة لتحقيق الاجرام والعنف المجتمعي ، والذي يُلزم الجهات المعنية بضرورة التدخل واجراء الدراسات الاجتماعية والحياتية والنزول الى الشارع واجراء احدث عمليات الاستقصاء ، للحد من ظاهرة جاءتنا غريبة ودخيلة على مجتمعنا الاردني الطيب بأصله البسيط في معيشته والذي قد يكون شغله الشاغل عند النوم ووضع الرأس على الوسادة ، هو التفكير بكيفية تأمين لقمة الخبز لأسرته واطفاله غداً ، وهو متوكل على الله ومتيقن ان الله لن ينسى عبداً توكل عليه ولجأ اليه .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة