الأحد 2024-11-24 10:39 ص
 

الأوقاف تنشر خطبة الجمعة

7c5d55185132fec82c8acdaecc63a52e
09:15 ص

الوكيل الإخباري - نشرت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية خطبة الجمعة على خطباء المساجد في الأردن .

اضافة اعلان


وجاءت الخطبة بعنوان يوم عاشوراء وارتباط أمتنا بهويتها . 


وتاليا نص الخطبة :
بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان خطبة يوم الجمعة الموافق 05-08-2022م
( يوم عاشوراء وارتباط أمتنا بهويتها )
الْحَمْدَ لِلَّهِ الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، نحمده ونستعينه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة حق تنجينا من عذاب أليم ، عليها نحيا وعليها نموت ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
مع استقبال الأمة لشهر الله المحرم، فإنها تستقبل في هذه الأيام المباركة من هذا الشهر المبارك ذكريات إيمانية تجدد للمسلمين ارتباطهم بتاريخهم وهويتهم ووظيفتهم في هذه الحياة، وتبعثُ في الأمة روح الإيمان بالله سبحانه وتعالى التي تحلى بها سيدنا موسى عليه السلام حين خرج من أرض مصر مع بني إسرائيل، بعد أن ذاقوا الوان الظلم والعذاب من قِبل فرعون الذي أمرهم بعبادته من دون الله عز وجل، يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ القصص4-5.
فبعث الله تعالى له سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، ليستنقذ بني إسرائيل من هذا الظلم والطغيان، فأرسل إلى فرعون جندياً من جنوده، وهو الماء الذي كان يفتخر بأنه يجري من تحت قصوره، ليصبح في تلك اللحظة سبباً في هلاكه وغرقه، قال تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ الأنفال: 54، لذلك فقد كان هذا اليوم المشهود من أيام الله تعالى التي يتذكرها المؤمنون بالشكر على إظهار قدرة الله تعالى وعظمته وكبريائه وعزّته حين نجّا سيدنا موسى عليه السلام، من فرعون الذي استكبر في الأرض بغير حق وادعى الألوهية وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ إبراهيم: 5، أي: "بنعَمه عَلَيْهِمْ، فِي إِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ أَسْرِ فِرْعَوْنَ، وَقَهْرِهِ وَظُلْمِهِ وَغَشْمِهِ، وَإِنْجَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ عَدْوِهِمْ، وَفَلْقِهِ لَهُمُ الْبَحْرَ، وَتَظْلِيلِهِ إِيَّاهُمْ بِالْغَمَامِ، وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ".
عباد الله: لقد كانت هذه الحادثة العظيمة، دليلاً على ارتباط هذه الأمة المباركة بالأمم المؤمنة السابقة وأن دين الإسلام هو دين الأنبياء السابقين عليهم السلام، وأن نبينا عليه الصلاة والسلام هو اللبنة الأخيرة في هذا الصرح المهيب للرسل والأنبياء الداعين إلى دين الله سبحانه وتعالى، فقد كان يوم عاشوراء يوماً معظماً لهذا السبب، وقد كانت قريش تعظّم هذا اليوم قبل الإسلام وتصومه، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصومه قبل بعثته، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها قَالَتْ: «كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، صَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ هُوَ الفَرِيضَةُ، وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» سنن النسائي، وأما القدر المشترك بين هؤلاء الأنبياء جميعاً فهو تأييد الله تعالى لهم ونصرته إياهم وكما خرجَ موسى عليه السلام من مِصرَ بسبب الظلم الواقع على بني إسرائيل، كذلك خرج نبينا صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بسبب ظلم أهلها في رحلة الهجرة المباركة، وكما نصر الله تعالى موسى عليه السلام وقومه المستضعفين في الأرض، وجعلهم خلفاء وأئمة، وأدخلهم الأرض المقدسة، كذلك نصر الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وأقام بهم أمّة في المدينة المنورة، لذلك أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم صيام ذلك اليوم شكراً لله تعالى على إظهار الحق ونصر أوليائه، وحين سأل عن سباب صيام اليهود لهذا اليوم قالوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» صحيح البخاري.
وفي هذا الحديث دلالة واضحة على العناية بمناسبات الأمة لأنها تربطها بهويتها، وتدعوها إلى التمسّك بتاريخها وحضارتها، وأن يكون لبعض الأيام والأوقات مزيد تخصيص لتنزل الرحمات، كيوم الإسراء والمعراج، ويوم الهجرة النبوية المشرّفة، وذكرى المولد النبوي المبارك، فكلّ هذه الأحداث تستدعي من المسلمين شكر الله تعالى على النعم العظيمة التي أولاها لهذه الأمة، كما ورد في القرآن الكريم الكثير من أخبار الأمم السابقة التي نستلهم منها الدروس والعبر والعظات، فما أحوجنا أن نعظم أيام الله تعالى وأن نقف على سرِّها، وأن نتعرض لنفحات الله تعالى فيها، وأن نحث على ذلك أهلنا وأبناءنا. وقد جعل الله تعالى لصيام هذا اليوم أجراً عظيماً، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» صحيح مسلم. وقد ذكر العلماء أن أفضل كيفية للصيام، أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، وإلا صام يوماً قبله أو بعده، والتاسع أفضل، وإلا صام عاشوراء وحده، لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع» مسند الإمام أحمد، قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: «فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» صحيح مسلم، وفي ذلك دلالة على أن هذه الأمة وإن كانت تمثل امتداداً لما سبقها من الشرائع، إلا أن لها استقلالاً وإرادة وتميزاً عن غيرها. وقد وكان الصحابة رضي الله عنهم يدربون صبيانهم فيه على الصيام، تعويداً لهم على الفضل، فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد، ونصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار» صحيح البخاري.
يعلمنا يوم عاشوراء أن من كان الله تعالى معه فلا يضيره ظلم الظالمين وكيد الكائدين، وكما وقف موسى عليه السلام واثقاً بربه عز وجل، بعد أن أدركه فرعون وجنوده بجيشهم، ورأى أصحابه أنهم هلكى، كما أخبر سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ الشعراء: 61، ولكن سيدنا موسى أجابهم إجابة الواثق بالله عز وجل:﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ الشعراء: 62، وهو ما يذكرنا بيقين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لصاحبه الصديق أبي بكر رضي الله عنه، وهما في غار ثور يوم الهجرة حين احتفت بهم الخطوب وتكاثرت عليهم الأخطار: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ التوبة: 40،
الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران : 102.
عباد الله : وإن من الأحداث المؤلمة التي يستذكرها المسلمون في يوم عاشوراء، ما جرى من مقتل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما ومن معه على يد فئة لم تراعِ حرمة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تحترم أصحابه رضي الله عنهم ، ولم تزِد هذه الحادثة آلَ البيت والصحابة رضي الله عنهم إلا شرفاً وكرامةً في مسيرة تعظيمهم لأمر الله تعالى ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ودفاعهم عن قضايا الأمة وصيانةِ الإنسانية، فهنيئاً لسيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه الشهادة في سبيل الله تعالى، إنها الشهادة التي هي أعظم صفة يرتحل بها مسلم إلى الله تعالى .
وهنيئاً لنا بتضحيته ورجولته وبسالته ودفاعه عن الحق، ولأننا أمة حيةٌ وذات رسالة سامية فلا بد من الاستفادة من كل الذكريات لنشر الخير والمحبة والرحمة والهداية للناس جميعاً كما أرادها النبيون والصديقون والشهداء والصالحون معتصمين دائماً بحبل الله المتين، وبمحبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه أجمعين، وفي هذه المناسبة نجدد محبتنا لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومحبة ذريته وأزواجه وآل بيته الأطهار في بلدنا المبارك، وكذلك نجدد الحب لكل صحابته صلى الله عليه وسلم محبة به صلى الله عليه وسلم ولا تنسوا أن تذكروا الله تعالى كما ذكَرهُ سيدنا يونس  حيث قال:  لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (الأنبياء،21 :87) 40 مرة كل يوم إن كنتم مرضى، يَغفر الله لكم ذُنوبكم أو تدخلوا الجنة. (رواه الحاكم). وَقُولوا ((سبحان الله وبحمده)) 100 مرة كل يوم تُحط عنكم خطاياكم ولو كانت مثل زَبَد البحر، (رواه البخاري).
سائلين الله تعالى أن يحفظ جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله وأن يوفقهما لما فيه خير العباد والبلاد ، إنه سميع مجيب
والحمد لله رب العالمين


 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة