هل تفاجأنا باتفاق إعلان النوايا لمقايضة الكهرباء بالماء بيننا وبين إسرائيل؟ بالتأكيد لا، ليس لأن أخباره وصلتنا من الإعلام الأجنبي قبل أسبوع وأكثر، ولا لأن الحوار الإستراتيجي بين البلدين، لتقرير التعاون الإقليمي، لم ينقطع، وخاصة في مجال الطاقة والمياه، وإنما لأن ما حدث كان مجرد “فاتورة” من فواتير سياسية مستحقة، دفعناها، وسندفعها، في سياق ما جرى من تحولات في عالمنا العربي، وبلدنا أيضا، خاصة بعد أن تحولت العلاقة بين معظم “العرب” وتل أبيب من علاقة “محرمة” (باردة ومخفية) إلى تطبيع، وربما أكثر.اضافة اعلان
لكي نفهم أن ما جرى جاء في سياق سياسي، وليس إجراء فنيا، أو بحثا عن بدائل، أو بإطار التعاون المشترك (الاقتصادي تحديدا)، سأشير لعدة ملاحظات، الأولى أننا لسنا بحاجة لهذا التعاون المائي، يؤكد ذلك ما ذكره قبل يومين وزير المياه الأسبق، منذر حدادين، حول وجود طبقة مياه عذبة في المملكة تكفي لمدة ٥٠٠ عام، حيث تم حفر ٨ آبار من هذه الطبقة الممتدة بين الأردن ودول الجوار، وهي – كما قال- موجودة وعاملة، وبالتالي كان يمكن أن نحفر مئات الآبار (هذه من عندي) لسد ما ينقصنا من مياه، بالإضافة إلى مشروع الناقل الوطني، وعندها لن نحتاج لشراء الماء من الآخرين.
الملاحظة الثانية هي أن إعلان النوايا الذي جرى التوقيع عليه، كان حلقة من سلسلة حلقات “المفاوضات المائية” بين الأردن وإسرائيل، فمنذ توقيع المعاهدة (١٩٩٤) شهد هذا الملف تجاذبات ومحاولات للتفاهم، في عام ٢٠١٥ مثلا وقع الطرفان مذكرة تفاهم لتحلية مياه البحر المتوسط، لكنها لم تنفذ، هذا العام أيضا وقع الطرفان اتفاقية لتزويد الأردن ب ٥٠ مليون متر مكعب من المياه، زد على ذلك “مفاوضات الطاقة” التي انطلقت عام ٢٠١٤ وتمخضت عن اتفاقية الغاز الذي وصلنا قبل نحو عام ونصف.
الملاحظة الثالثة أن ما حدث لا يتعلق فقط بالعلاقة بين الأردن وإسرائيل، وإنما له امتدادات في واشنطن وأبو ظبي، ففي لقاء للسفير الأميركي بعمان (هنري ووستر) مع صحيفة الغد (كنت حاضرا مع عدد من الزملاء الصحفيين) لاحظت مدى اهتمامه بقضية المياه في الأردن، وكأنها أولوية للسياسة الأميركية بالمنطقة، (المقابلة الكاملة منشورة)، كما لاحظت أن صفقة القرن التي ذكر السفير أنه لا يوجد لها مسمى بهذا الاسم في قاموس إدارة بايدن، تحولت إلى عنوان آخر أكده السفير أيضا، وهو “الاندماج الاقتصادي” الإقليمي من خلال الكهرباء والمياه والتجارة، وعلى أساسه، كما يبدو، جاء حضور المبعوث الأميركي للمناخ (جون كيري) توقيع الاتفاقية.
الملاحظات التي ذكرتها سلفا جاءت في سياق فهم جزء من المعادلة السياسية التي خرج منها “إعلان النوايا”، وهي معادلة معقدة وملتبسة ومحفوفة بالهواجس والمحاذير، وإن كانت- في تقديري- اضطرارا سياسيا على المستوى الرسمي، فإنها مرفوضة على الصعيد الشعبي، ناهيك عن تداعياتها على “الأمن الوطني”، لكن الأهم الآن هو الإجابة على سؤال مركزي: كيف نتجاوز (على الرغم مما حصل) “حتمية” الاعتماد على تل أبيب في ملفات إستراتيجية تتعلق بأمننا المائي تحديدا وأمننا الوطني عموما؟
الإجابة التي أقصدها لها علاقة بشقين، أحدهما إداري وفني مرتبط بما لدينا من موارد وإمكانيات، سواء في قطاع المياه أو الطاقة أو الغذاء.. الخ، والآخر، وهو الأهم، سياسي يتعلق بسلة خياراتنا وأدوارنا، وتحالفاتنا في المنطقة والعالم، كما يتعلق بترتيب أوراقنا الداخلية، سياسيا واقتصاديا وإداريا.
أعرف أن حركتنا في الشق الخارجي تبدو الآن مقيدة نسبيا، لاعتبارات ندركها، لكن لا بد أن نضع حدودا لهذه الحركة تتوافق مع مصالحنا العليا، ويفترض أن لا نتجاوزها، فيما تظل مهمة ترتيب بيتنا الداخلي وإدارة مواردنا والحفاظ على متانة الجبهة الداخلية، والاستناد عليها وعدم الاستهانة بمواقفها وردودها، مصلحة وضرورة وطنية، وهي ممكنة عمليا، ولا يجوز تجاوزها أيضا.
لكي نفهم أن ما جرى جاء في سياق سياسي، وليس إجراء فنيا، أو بحثا عن بدائل، أو بإطار التعاون المشترك (الاقتصادي تحديدا)، سأشير لعدة ملاحظات، الأولى أننا لسنا بحاجة لهذا التعاون المائي، يؤكد ذلك ما ذكره قبل يومين وزير المياه الأسبق، منذر حدادين، حول وجود طبقة مياه عذبة في المملكة تكفي لمدة ٥٠٠ عام، حيث تم حفر ٨ آبار من هذه الطبقة الممتدة بين الأردن ودول الجوار، وهي – كما قال- موجودة وعاملة، وبالتالي كان يمكن أن نحفر مئات الآبار (هذه من عندي) لسد ما ينقصنا من مياه، بالإضافة إلى مشروع الناقل الوطني، وعندها لن نحتاج لشراء الماء من الآخرين.
الملاحظة الثانية هي أن إعلان النوايا الذي جرى التوقيع عليه، كان حلقة من سلسلة حلقات “المفاوضات المائية” بين الأردن وإسرائيل، فمنذ توقيع المعاهدة (١٩٩٤) شهد هذا الملف تجاذبات ومحاولات للتفاهم، في عام ٢٠١٥ مثلا وقع الطرفان مذكرة تفاهم لتحلية مياه البحر المتوسط، لكنها لم تنفذ، هذا العام أيضا وقع الطرفان اتفاقية لتزويد الأردن ب ٥٠ مليون متر مكعب من المياه، زد على ذلك “مفاوضات الطاقة” التي انطلقت عام ٢٠١٤ وتمخضت عن اتفاقية الغاز الذي وصلنا قبل نحو عام ونصف.
الملاحظة الثالثة أن ما حدث لا يتعلق فقط بالعلاقة بين الأردن وإسرائيل، وإنما له امتدادات في واشنطن وأبو ظبي، ففي لقاء للسفير الأميركي بعمان (هنري ووستر) مع صحيفة الغد (كنت حاضرا مع عدد من الزملاء الصحفيين) لاحظت مدى اهتمامه بقضية المياه في الأردن، وكأنها أولوية للسياسة الأميركية بالمنطقة، (المقابلة الكاملة منشورة)، كما لاحظت أن صفقة القرن التي ذكر السفير أنه لا يوجد لها مسمى بهذا الاسم في قاموس إدارة بايدن، تحولت إلى عنوان آخر أكده السفير أيضا، وهو “الاندماج الاقتصادي” الإقليمي من خلال الكهرباء والمياه والتجارة، وعلى أساسه، كما يبدو، جاء حضور المبعوث الأميركي للمناخ (جون كيري) توقيع الاتفاقية.
الملاحظات التي ذكرتها سلفا جاءت في سياق فهم جزء من المعادلة السياسية التي خرج منها “إعلان النوايا”، وهي معادلة معقدة وملتبسة ومحفوفة بالهواجس والمحاذير، وإن كانت- في تقديري- اضطرارا سياسيا على المستوى الرسمي، فإنها مرفوضة على الصعيد الشعبي، ناهيك عن تداعياتها على “الأمن الوطني”، لكن الأهم الآن هو الإجابة على سؤال مركزي: كيف نتجاوز (على الرغم مما حصل) “حتمية” الاعتماد على تل أبيب في ملفات إستراتيجية تتعلق بأمننا المائي تحديدا وأمننا الوطني عموما؟
الإجابة التي أقصدها لها علاقة بشقين، أحدهما إداري وفني مرتبط بما لدينا من موارد وإمكانيات، سواء في قطاع المياه أو الطاقة أو الغذاء.. الخ، والآخر، وهو الأهم، سياسي يتعلق بسلة خياراتنا وأدوارنا، وتحالفاتنا في المنطقة والعالم، كما يتعلق بترتيب أوراقنا الداخلية، سياسيا واقتصاديا وإداريا.
أعرف أن حركتنا في الشق الخارجي تبدو الآن مقيدة نسبيا، لاعتبارات ندركها، لكن لا بد أن نضع حدودا لهذه الحركة تتوافق مع مصالحنا العليا، ويفترض أن لا نتجاوزها، فيما تظل مهمة ترتيب بيتنا الداخلي وإدارة مواردنا والحفاظ على متانة الجبهة الداخلية، والاستناد عليها وعدم الاستهانة بمواقفها وردودها، مصلحة وضرورة وطنية، وهي ممكنة عمليا، ولا يجوز تجاوزها أيضا.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي