منذ عقدين والناس يرقبون حصول تحسن في اوضاعهم التي تتحول من سيئ إلى أسوأ. في كل عام ومع تغير الحكومات ودخول المزيد من الخبراء إلى مشهد صناعة القرار تتجدد الآمال وتنتعش الاحلام ولا شيء يتغير نحو الافضل. المواطنون في الأردن لامسوا عتبات اليأس فما أن تكلف حكومة جديدة حتى يطل عليهم رئيسها ليعدهم بأنه سيدرس الواقع ويضع الخطط ويعالج المشكلات الماثلة والقادمة.
مع بداية القرن الحالي كان الاستثمار في التعليم هو العنوان الابرز والاهم فقد جرى الحديث عنه كمدخل لتنمية الموارد البشرية وتحسين تنافسية الإنسان الأردني في الاقتصاد العالمي. بعد مرور عقدين من الزمان تحققت نجاحات محدودة لكنها أسهمت في خلخلة الأسس والثوابت التي بنيت عليها المؤسسة وأدت إلى تذبذب مخرجات العملية التعليمية وتردي نوعية وسمعة التعليم ناهيك عن ما تسبب به التوسع في التعليم الجامعي من زيادة في اعداد العاطلين عن العمل والناقمين على الدولة وسياساتها.
التعليم والخصخصة وخدمات الصحة والنقل وقطاعات الزراعة والتجارة والصناعة والمياه والبيئة والإعلام وإدارة الشأن العام وأداء المجالس المنتخبة عانى ويعاني من مشكلات متنوعة انعكست على قيم واخلاق ونوعية حياة المواطن وسمعة البلاد وصورتها في الداخل والخارج.
مع كل ذلك وبالرغم من ادراك الجميع لعقم السياسات التي جربت ومناداة الساسة والناشطين والمواطنين بضرورة احداث ثورة بيضاء في التخطيط والادارة وطرق التنظيم وتقديم الخدمة وادارة الموارد الا ان ذلك لم يحصل لأسباب مجهولة. في كل كتاب تكليف سامٍ ورد للرئيس المكلف عليه وفي صفحات كل بيان حكومي وخطاب موازنة هناك إشارات واضحة إلى اهمية إيلاء الاقتصاد وتحسين نوعية حياة المواطن اولوية قصوى ومع ذلك فلا يوجد على الارض ما يدعم ذلك.
في هذه المرة كانت توقعاتي أن تقدم الحكومة خطة لتنشيط وتحسين الاقتصاد والاستثمار بصورة تنعكس على المواطن ويلمسها الجميع. الايام السابقة على اعلان الرئيس لخطة حكومته غنية بالتخمينات فقد توقع البعض زيادة على الرواتب والأجور وخمن البعض خفضا على الضرائب والرسوم في حين توقع الجميع ان يعلن الرئيس عن إلغاء نصف الهيئات المستقلة ودمج غالبية ما يتبقى منها في الوزارات التي انفصلت عنها. مثل سابقاتها كانت الخطة عادية جدا فقد وضعت الحكومة إجراءاتها المطبقة في إطار نظري بعد ان ضافت إليه مسميات واجراءات جديدة.
في العرض الموجز لرئيس الوزراء تحدث بإسهاب عن التسهيلات للقطاع العقاري وحوافز للصناعة والزراعة والزامية رياض الاطفال كمدخل لتحسين الخدمات وأسس الوظيفة العامة ودراسة الهيئات المستقلة لتحديد أسس الدمج والإلغاء. العرض الحكومي تجميعي وبصيغ لا توحي بوجود تصور واضح للأولويات التي يتوقعها المواطن والقادرة على احداث التحفيز.
لا أحد يتوقع ان تسهم الخطة الحكومية في تحفيز للقطاع العقاري فقد سبق ان أسهمت منافسة الدولة للقطاع العقاري في تدهور اوضاعه كما ان الركود العقاري مرتبط بضعف النمو الاقتصادي وقلق المواطن على مصير استثماراته ومنها العقارية. البعض لم يرَ جديدا في الحزمة كونها تشتمل على قرارات مطبق بعضها أصلا ومنذ سنوات. الكثير ممن حضروا اللقاء الحواري لم يجدوا في طرح الحكومة ما يمكن اعتباره محفزا باستثناء بعض التسهيلات الممنوحة للصناعيين والقطاع الزراعي.
خطة الرئيس لتحفيز المستثمر وتنشيط الاقتصاد وتحسين نوعية الخدمات والتطوير الاداري لم تلقَ الصدى الذي تتوقعه الحكومة ولم تلب طموحات الشارع المتطلع إلى القشة التي قد تنقذه من الغرق. الطرح الحكومي مهم في التوقيت فقد جاء في اعقاب زيارة الملك لرئاسة الوزراء وتوجيهاته للحكومة كما أسهم في خلق احساس لدى المواطن بأن الدولة غير غافلة عن معاناة المواطن. الغريب في طرح الحكومة يتمثل في كونها لم تحدد بعد الهيئات التي يمكن الاستغناء عنها وأنها ما تزال بحاجة إلى دراسة. على شفاه كل مواطن سؤال حول ما تقوم به وزارات التطوير المؤسسي وبرنامج تحسين الاداء الحكومي أوليس هناك بيانات ونتائج تقييم يمكن الركون اليها.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي