يحتاج قطار التحديث السياسي الى “سكة” اقتصادية لكي يسير عليها، هذا -بالطبع- مفهوم في السياق الإنساني العام، إذ لا يمكن المقايضة بين الرغيف والحرية، كلاهما مهم، لكن “الرغيف” أولى، أما في السياق الأردني فالمسألة لا تتعلق بحاجة المجتمع -فقط- الى السياسة والاقتصاد، وإنما بحاجة الدولة إليهما معاً للاستمرار والاستقرار، وبالتالي فإن استدعاءهما هو دفاع عن الوجود، وليس عن الحدود فقط.اضافة اعلان
هذه ليست مبالغة، يكفي أن ندقق في تقارير التنمية البشرية الأخيرة عن أوضاع “الدولة” في عالمنا العربي، لنكتشف أن عنوان “الدولة الفاشلة” أو “الهشة” تمدد فوق أكثر من سبع عواصم عربية، ما يعني أننا بحاجة للتفكير بأحوالنا على المدى البعيد، فلا ضامن لأي دولة في هذه المنطقة “المفخخة” بالحروب والمكائد السياسية، والصراع على تخوم “القوميات” والمصالح وتقاسم النفوذ والموارد، إلا باجتراح “وصفة” النجاح الداخلي، وهي وصفة وطنية بامتياز.
أول من أمس (الخميس)، أمضيت أكثر من خمس ساعات مشاركاً في حوارين؛ أحدهما مع رئيس لجنة التحديث السياسي، سمير الرفاعي، والآخر مع وزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر شريدة، الأول تحدث عن ملامح المسار السياسي المقبل، والآخر عن برنامج الأولويات الاقتصادية (2021-2023)، لن أدخل في تفاصيل اللقاءين (على أهميتهما)، سأسجل فقط انطباعاتي في ثلاثة عناوين موجزة، آملاً من القراء الأعزاء بأن يدرجوها في سياق الفهم والنقاش، لا في سياق إثارة الهواجس وإصدار الأحكام.
عنوان استعادة “الثقة” كان حاضراً في المشهدين السياسي والاقتصادي، فالحكومة و”اللجنة” تحاولان أن تبعثا رسالة “أمل” الى المجتمع، هذه مسألة إيجابية بالطبع، لكن يبدو أن فجوة الثقة اتسعت وأن “تسليفها” يحتاج الى حركة الدولة بكل مؤسساتها، إذ لا يمكن “ترميم” هذه الثقة وإشاعة الأمل لدى الناس بالمستقبل إلا إذا تحولت النوايا والوعود الى “واقع” ملموس، واطمأن الجميع على أن “السياسة” انتصرت على البيروقراطية الإدارية في واقعة “الانتقال” نحو مرحلة جديدة لا مجال فيها لأي جهة أن تعرقل الإصلاح أو تقف في وجه مطالب الأردنيين وحقوقهم، إذا لم يحدث ذلك فإن الأمل سيتحول الى مجرد وهم، والثقة الى مزيد من الخيبات.
عنوان “التدرج” كان بمثابة مخرج لإنجاز الممكن سياسياً واقتصادياً، الحكومة -مثلاً- طرحت برنامجها الاقتصادي لمدة عامين، وهي تدرك أنه “أقل الواجب” في ضوء حاجة الاقتصاد الى جرعات ثقيلة تعيد إليه النشاط والحيوية، اللجنة أيضاً بدأت بسقوف عالية ثم اكتشفت أن “التدرج” هو الحل بعد أن اصطدمت بردود أفعال أطراف مختلفة، بعضها يخشى فقدان مكتسباته، وأخرى تتوجس من الإصلاح مهما كان نوعه.
التدرج هنا مفهوم في سياق ترسيم خطوات الإصلاح بشكل جاد ومدروس، لكي لا يكون مجرد قفزات في الفضاء، لكنه يفقد مشروعيته حين يتحرك قطار نفاد صبر المجتمع بسرعة أكبر، أو حين يتحول التدريج الى إسفنجة لامتصاص مطالب الناس، أو يعجز عن الإجابة عن أسئلتهم واحتياجاتهم.
أما العنوان الثالث فهو “الصدمة”، صدمة السياسي بأحوال المجتمع الذي تغير تماماً، لدرجة أننا أصبحنا لا نعرفه، تغير اجتماعياً وثقافياً بعد أن تعرض لتحولات عميقة أفقدته قدرته على “التوازن” وربما التماسك أيضاً، ثم صدمة الاقتصادي بالأرقام البطالة تجاوزت حدود 25 %، خط الفقر ما يزال مخفياً بقرار سياسي، ثمة نحو 500 ألف شاب عاطل عن العمل، النمو تجاوز السالب الى 3 % فقط، والصدمة الأكبر هي حالة “السوداوية” التي تكفي وحدها لإجهاض أي استثمار أو انتعاش اقتصادي.
في سباق المسافات الطويلة، تحاول الحكومة وكذلك “اللجنة” الوصول الى هدف واحد، وهو إقناع الناس بأن القادم أفضل… لكن يبدو أن “لواقط” المجتمع ما تزال بانتظار ذبذبات أخرى عالية التردد.. من أين تأتي؟ لا أدري.
هذه ليست مبالغة، يكفي أن ندقق في تقارير التنمية البشرية الأخيرة عن أوضاع “الدولة” في عالمنا العربي، لنكتشف أن عنوان “الدولة الفاشلة” أو “الهشة” تمدد فوق أكثر من سبع عواصم عربية، ما يعني أننا بحاجة للتفكير بأحوالنا على المدى البعيد، فلا ضامن لأي دولة في هذه المنطقة “المفخخة” بالحروب والمكائد السياسية، والصراع على تخوم “القوميات” والمصالح وتقاسم النفوذ والموارد، إلا باجتراح “وصفة” النجاح الداخلي، وهي وصفة وطنية بامتياز.
أول من أمس (الخميس)، أمضيت أكثر من خمس ساعات مشاركاً في حوارين؛ أحدهما مع رئيس لجنة التحديث السياسي، سمير الرفاعي، والآخر مع وزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر شريدة، الأول تحدث عن ملامح المسار السياسي المقبل، والآخر عن برنامج الأولويات الاقتصادية (2021-2023)، لن أدخل في تفاصيل اللقاءين (على أهميتهما)، سأسجل فقط انطباعاتي في ثلاثة عناوين موجزة، آملاً من القراء الأعزاء بأن يدرجوها في سياق الفهم والنقاش، لا في سياق إثارة الهواجس وإصدار الأحكام.
عنوان استعادة “الثقة” كان حاضراً في المشهدين السياسي والاقتصادي، فالحكومة و”اللجنة” تحاولان أن تبعثا رسالة “أمل” الى المجتمع، هذه مسألة إيجابية بالطبع، لكن يبدو أن فجوة الثقة اتسعت وأن “تسليفها” يحتاج الى حركة الدولة بكل مؤسساتها، إذ لا يمكن “ترميم” هذه الثقة وإشاعة الأمل لدى الناس بالمستقبل إلا إذا تحولت النوايا والوعود الى “واقع” ملموس، واطمأن الجميع على أن “السياسة” انتصرت على البيروقراطية الإدارية في واقعة “الانتقال” نحو مرحلة جديدة لا مجال فيها لأي جهة أن تعرقل الإصلاح أو تقف في وجه مطالب الأردنيين وحقوقهم، إذا لم يحدث ذلك فإن الأمل سيتحول الى مجرد وهم، والثقة الى مزيد من الخيبات.
عنوان “التدرج” كان بمثابة مخرج لإنجاز الممكن سياسياً واقتصادياً، الحكومة -مثلاً- طرحت برنامجها الاقتصادي لمدة عامين، وهي تدرك أنه “أقل الواجب” في ضوء حاجة الاقتصاد الى جرعات ثقيلة تعيد إليه النشاط والحيوية، اللجنة أيضاً بدأت بسقوف عالية ثم اكتشفت أن “التدرج” هو الحل بعد أن اصطدمت بردود أفعال أطراف مختلفة، بعضها يخشى فقدان مكتسباته، وأخرى تتوجس من الإصلاح مهما كان نوعه.
التدرج هنا مفهوم في سياق ترسيم خطوات الإصلاح بشكل جاد ومدروس، لكي لا يكون مجرد قفزات في الفضاء، لكنه يفقد مشروعيته حين يتحرك قطار نفاد صبر المجتمع بسرعة أكبر، أو حين يتحول التدريج الى إسفنجة لامتصاص مطالب الناس، أو يعجز عن الإجابة عن أسئلتهم واحتياجاتهم.
أما العنوان الثالث فهو “الصدمة”، صدمة السياسي بأحوال المجتمع الذي تغير تماماً، لدرجة أننا أصبحنا لا نعرفه، تغير اجتماعياً وثقافياً بعد أن تعرض لتحولات عميقة أفقدته قدرته على “التوازن” وربما التماسك أيضاً، ثم صدمة الاقتصادي بالأرقام البطالة تجاوزت حدود 25 %، خط الفقر ما يزال مخفياً بقرار سياسي، ثمة نحو 500 ألف شاب عاطل عن العمل، النمو تجاوز السالب الى 3 % فقط، والصدمة الأكبر هي حالة “السوداوية” التي تكفي وحدها لإجهاض أي استثمار أو انتعاش اقتصادي.
في سباق المسافات الطويلة، تحاول الحكومة وكذلك “اللجنة” الوصول الى هدف واحد، وهو إقناع الناس بأن القادم أفضل… لكن يبدو أن “لواقط” المجتمع ما تزال بانتظار ذبذبات أخرى عالية التردد.. من أين تأتي؟ لا أدري.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي