في غمرة الربيع العربي، ظهرت تونس كنموذج نجح في تحويل التغييرات السياسية لمنحى ايجابي، استطاع البدء ببناء نظام سياسي تعددي اقترب من الديمقراطية اكثر من غيره. تابع الجميع تحولات تونس بشغف واعجاب، وراح كثيرون يسردون اسباب نجاح تونس ديمقراطيا. البعض اعتقد أن الاسباب تعود لقرب النخبة التونسية – بما في ذلك نخب الاسلام السياسي – من المجتمعات الاوروبية الديمقراطية، وانفتاحهم عليها، فغدوا للوهلة الاولى قابلين مؤمنين بالتعددية، ومنطقيين معتدلين في الطرح. آخرون اعتقدوا ان نجاح تونس يكمن في وجود تعددية سياسية ايديولوجية، جعلت المجتمع التونسي متوزعا بين عدد من الاطياف السياسية، وليس حبيسا لطيف واحد منظم مؤدلج، وقد تسنى ذلك بسبب عقود من الحكم العلماني الذي قوّى ومكن التيارات غير الإسلامية. فريق آخر يقول ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية التعليمية التونسية آتت أكلها، وأنتجت مجتمعا اقدر على قبول وهضم الديمقراطية والتعددية، وهذا ما يقف خلف تحول كثير من الدول للديمقراطية في ان تنمية شاملة اقتصادية تعليمية ستنتج تنمية سياسية وديمقراطية.اضافة اعلان
الأحداث الأخيرة تعد إخفاقا للنموذج التونسي، وكما أن الكثيرين عكفوا على دراسة اسباب نجاح تونس، ها هم اليوم يحاولون معرفة لماذا هذه الانتكاسة؟ وما الذي جرى؟ ومن يلام على ذلك؟ وفي غمرة تسبيب احداث تونس، تقف العقلية الاقصائية لحزب الاغلبية في البرلمان – حزب النهضة بزعامة الغنوشي – والتي كشرت عن انيابها بعد ان تربعت على السلطة، كسبب رئيس خلف توجسا ومعاداة ومحاولات الإطاحة التي مارستها القوى السياسية الاخرى ضد حزب النهضة. التفرد والاقصاء في الديمقراطيات الناشئة خطيئة كبرى ترتقي لمستوى الانقلاب على الديمقراطية، والديمقراطيات التي نجحت مارست احزابها الكبرى درجات متقدمة من الاحتواء والاشتباك والتشاركية، وكانت حريصة ألا تظهر بمظهر المتفرد بالسلطة حتى لو ان نتائج الانتخابات تقول بذلك. وبالإضافة للإقصائية، فقد برز ضعف الإنجاز، بل وانعدامه، كسبب آخر كبير خلف فشل التحول السياسي في تونس. وصل الامر حد انهيار النظام الصحي في دولة تعتبر من الاكثر تقدما وتعلما في افريقيا، دافعا ذلك جماهير التونسيين الترحم على الماضي الدكتاتوري مقابل الديمقراطي الذي لا ينجز ولم يقدم شيئا لشعبه بل أخره وأضعفه. الديمقراطية نظام تنافسي يحقق الفعالية والكفاية في الحكم، ولكنه نظام فوضوي تقسيمي اذا ما استخدم فقط للنيل من السلطة والاستحواذ عليها.
ما حدث في تونس مهم للغاية يعطينا جميعا الدروس والعبر، على رأسها اننا بحاجة لبناء ثقافة التعددية والقبول ونبذ الاقصائية والتفرد فعلا وقولا، وان التيارات الكبرى معنية بممارسة ذلك اكثر من غيرها. ويعلمنا ايضا، ان الاحزاب عليها واجبات كبيرة عظيمة تتجاوز فكرة الفوز بالانتخابات، فهذه على اهميتها غير كافية اذا لم تصاحب بالحكم بعقلية التشارك لا التفرد. نتعلم كذلك ان الفوز بالانتخابات لا يعطي الحزب الفائز كم القوة السياسية التي يحتاج ليقود، فما دامت باقي النخب المؤثرة غير متشاركة بالقرار والحكم ويتم اقصاؤها فالانتخابات تصبح غير ذات جدوى.
الأحداث الأخيرة تعد إخفاقا للنموذج التونسي، وكما أن الكثيرين عكفوا على دراسة اسباب نجاح تونس، ها هم اليوم يحاولون معرفة لماذا هذه الانتكاسة؟ وما الذي جرى؟ ومن يلام على ذلك؟ وفي غمرة تسبيب احداث تونس، تقف العقلية الاقصائية لحزب الاغلبية في البرلمان – حزب النهضة بزعامة الغنوشي – والتي كشرت عن انيابها بعد ان تربعت على السلطة، كسبب رئيس خلف توجسا ومعاداة ومحاولات الإطاحة التي مارستها القوى السياسية الاخرى ضد حزب النهضة. التفرد والاقصاء في الديمقراطيات الناشئة خطيئة كبرى ترتقي لمستوى الانقلاب على الديمقراطية، والديمقراطيات التي نجحت مارست احزابها الكبرى درجات متقدمة من الاحتواء والاشتباك والتشاركية، وكانت حريصة ألا تظهر بمظهر المتفرد بالسلطة حتى لو ان نتائج الانتخابات تقول بذلك. وبالإضافة للإقصائية، فقد برز ضعف الإنجاز، بل وانعدامه، كسبب آخر كبير خلف فشل التحول السياسي في تونس. وصل الامر حد انهيار النظام الصحي في دولة تعتبر من الاكثر تقدما وتعلما في افريقيا، دافعا ذلك جماهير التونسيين الترحم على الماضي الدكتاتوري مقابل الديمقراطي الذي لا ينجز ولم يقدم شيئا لشعبه بل أخره وأضعفه. الديمقراطية نظام تنافسي يحقق الفعالية والكفاية في الحكم، ولكنه نظام فوضوي تقسيمي اذا ما استخدم فقط للنيل من السلطة والاستحواذ عليها.
ما حدث في تونس مهم للغاية يعطينا جميعا الدروس والعبر، على رأسها اننا بحاجة لبناء ثقافة التعددية والقبول ونبذ الاقصائية والتفرد فعلا وقولا، وان التيارات الكبرى معنية بممارسة ذلك اكثر من غيرها. ويعلمنا ايضا، ان الاحزاب عليها واجبات كبيرة عظيمة تتجاوز فكرة الفوز بالانتخابات، فهذه على اهميتها غير كافية اذا لم تصاحب بالحكم بعقلية التشارك لا التفرد. نتعلم كذلك ان الفوز بالانتخابات لا يعطي الحزب الفائز كم القوة السياسية التي يحتاج ليقود، فما دامت باقي النخب المؤثرة غير متشاركة بالقرار والحكم ويتم اقصاؤها فالانتخابات تصبح غير ذات جدوى.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي