السبت 2024-11-23 02:37 م
 

بالنسبة للثقة

04:13 م
 
جلسة التصويت على الثقة تكون محسومة سلفا في جميع الديمقراطيات لأن الحكومة لا تذهب الى التصويت الا بعد ان تكون قد أمنت اغلبية نيابية إما لأن حزبا واحدا فاز بأغلبية المقاعد أو لأن ائتلافا من كتل تملك اغلبية المقاعد توافقت على تشكيل الحكومة. وبالعادة يكون معروفا بالضبط عدد الذين سيعطون الثقة وهو مجموع اصوات الحزب او الائتلاف الحاكم.اضافة اعلان


جلسة الثقة أكثر اثارة عندنا لأن الحكومة موجودة سلفا ولم تفاوض احدا على تشكيلها وسيقرر كل نائب فرديا في جلسة الثقة نفسها اذا كان يريد اعطاء الثقة او يحجبها. والمؤكد ضمنا ان الحكومة ستحصل على الثقة لكن التكهنات تبقى حول عدد الأصوات ويتمسمر المهتمون أمام الشاشات يتابعون التصويت بل ونغمة الصوت عند كل نائب حيث يقولها البعض بالصوت العالي وبعضهم يقولها بصوت خفيض على خجل وربما يصحبها بحركة ما من يده ولكل نغمة دلالات واحيانا تظهر في نبرة الصوت الحاجبة التحدي والرسالة المبطنة بالزعل والعتب. وبالمحصلة فجلسة الثقة عندنا هي حدث مثير بذاته وليست مناسبة شكلية برتوكولية تعقب اتفاقا حسمته المفاوضات المضنية لتشكيل الفريق ووضع برنامجه.

جرت محاولة يتيمة للاقتراب من مفهوم الحكومة البرلمانية بعد انتخابات البرلمان السابع عشر عندما طلب جلالة الملك تنسيب المجلس باسم رئيس وزراء مقترح ولم تنجح التحربة حيث إن الكتل كانت تفتقر لتكوين سياسي وتناغم داخلي فما بالك ان تتفاوض بينها لتشكيل اغلبية حول اسم رئيس وزراء مقترح. وفي الجوهر – كما كنت اشعر – لم يأخذ النواب دورهم الجديد هذا على محمل الجد اي انهم  مخولون فعلا باختيار رئيس الوزراء، حتى ان بعض الكتل اعادت الكرة للديوان بالاستنكاف عن التسمية. ومع ذلك وتحت اصرار الديوان الملكي قامت كل كتلة بالتصويت على اسم وكان بالأغلبية اسم رئيس الوزراء الموجود د. عبدلله النسور والذي كان مضمرا في اذهان الأغلبية أنه الرئيس المطلوب. بعد ذلك امتنع الرئيس المكلف عن التفاوض مع النواب حول اسماء الفريق واكتفى بلقاءات شكلية حول البرنامج وهمس انه تلقى فرديا مئات الأسماء المقترحة من نواب ومن وراء ظهر كتلهم لتوزير قريب أو حسيب وكذلك امتنع عن اخذ نواب للوزارة بداعي الحرص على وحدة الكتل حتى لا تتفجر من الداخل.

هاجم نواب في ماراثون الخطابات في الايام الفائتة طريقة تشكيل الحكومة وتساءل البعض عن معايير اختيار الوزراء والحال ان هذه الحكومة لم تختلف طريقة تشكيلها عن كل حكومة سابقة ولا جدوى من نقد هذه الطريقة «الغامضة» بينما لا نتوفر على اي طريقة بديلة. ومن المفهوم ان البديل الوحيد هو وجود أحزاب برلمانية رئيسة تتوافق على الحكومة تشكيلا وبرنامجا، والى حين أن يصبح لدينا – بعد عمر طويل -  أحزابا برلمانية سيقى النمط الحالي لتشكيل الحكومات .. الا اذا .. ! قررت الكتل الموجودة  انها لا تقبل الا ان تناقش تشكيل الحكومة والاتفاق مع الرئيس على تثبيت او تغيير اي عدد من الوزراء ودون ذلك ستحجب الثقة!  لكن هل تملك اي كتلة تلك الروح المؤسسية والالتزام لتناقش الأمر وتتوافق وتقرر ماذا تريد؟ وما هي الوزارات التي تعترض عليها؟ وماهي الاسماء البديلة التي تقترحها ؟!

حصلت الحكومة على 88 صوتا وكان ذلك ضمن التوقعات والتقديرات أن ثقة كاسحة ليست شيئا ايجابيا لا للحكومة ولا للنواب. وهذا لا يعني ان الحجب جرى بترتيب مسبق بل ضمن ممارسة النواب لقناعاتهم دون التعرض لضغوط زائدة لضمان ثقتهم.
 
 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة