شاهدت فيلما خليجيا يتحدث عن مدرب لكرة القدم يتمتع بدرجة عالية من الغرور والعنجهية، التي أدت بإدارة ناديه لإجباره على تدريب مجموعة من الصبية من ذوي الاحتياجات الخاصة. المفارقة أن هؤلاء استطاعوا في نهاية الفيلم تقويم سلوكه وتحويله إلى إنسان سوي، بعد أن نجحوا في علاجه نفسيا من المرض الذي يعاني منه.
في بعض الأحيان قد يحتاج بعض الموظفين إلى صفعة من أجل تقويم سلوكهم، ليقتنعوا أن “الأنا” التي تستوطن عقولهم وتصرفاتهم ما هي إلا داء لا علاج له سوى إشعارهم بأنهم باتوا عبئا على الدولة وشعبها، قبل لفظهم والتخلص منهم.
وأنا في طريقي إلى مكتبي يوم أمس استمعت لمداخلة مواطن من سكان إربد في برنامج الزميل الدكتور هاني البدري، وهو يشتكي من قطع الكهرباء عن منزله نظرا لتراكم الفواتير بحقه حتى بلغت القيمة المطلوبة 500 دينار. المواطن يضيف “اجتهدت في جمع مبلغ 300 دينار، وذهبت به إلى كهرباء إربد بهدف تسديده وإعادة التيار إلى منزلي، إلا أن الموظف رفض وطلب المبلغ كاملا دفعة واحدة”.
في هذا الجو ومثل هذه الحرارة المرتفعة، يرفض موظف لا شك أنه يعيش أيضا أوضاعا مالية صعبة، أخذ أكثر من نصف المبلغ المستحق على مواطن آخر، من دون أن يرأف بحاله، أو يدرك أن من أبسط حقوق الإنسان على مستوى العالم هو مراعاة الظروف المحيطة عند تطبيق القانون، إن كان حقا الهدف هو تطبيق القانون! هذا الموظف يحتاج إلى دورة تأهيل في فن الشعور مع الآخرين في الظروف الطارئة، وبالتأكيد إلى معالجة نفسية تعلمه أنه لا يتوجب ترك مواطن في هذا الجو بلا كهرباء مهما كانت قيمة الفواتير المترتبة عليه.
في وقت سابق هاتفت شركة الكهرباء لإقدامها على قطع التيار عن أحد المنازل في الساعة الواحدة من ظهر يوم الخميس، أي قبل ساعات قليلة من بدء عطلة نهاية الأسبوع. ما يعني أن هذا المنزل سيمكث لساعات طويلة دون كهرباء، فليس من المعقول أن يستطيع صاحب المنزل تدبر المبلغ المالي المطلوب منه سريعا، وإن فعل، فقد لا يتمكن من تسديده وضمان إعادة التيار بسرعة.
هل من المعقول أن نضع الناس في زاوية ضيقة بهذا الشكل؟ ما عرفته لاحقا أن مدير الشركة أصدر مشكورا تعليمات بعدم قطع الكهرباء عن الناس يوم الخميس، ولا أعلم إن نفذت هذه التعليمات أم كانت ذرا للرماد في العيون.
ومع بدء العام الدراسي، تغط الجهة المسؤولة عن مراقبة الأسعار في سبات عميق، تاركة الناس غارقة في وحل الارتفاع الكبير في أثمان المستلزمات المدرسية، فلا رقابة على الأسواق ولا تفتيش، بينما بعض التجار ينهشون لحم المواطن الذي بات في نظر المسؤول هو الحلقة الأضعف، ولا ضير في إنهاكه وانتهاكه في ذات الوقت! أين المسؤول عن المراقبين والمفتشين؟ هل هو متوفر ويدرك ما يجري. أستبعد ذلك!
في سياق ليس ببعيد، وبعد تعرضه لحادث، يوقف أحد الزملاء سيارته أمام شركة تأمين لإنجاز معاملة. السيارة بالكاد تسير وكان يبدو عليها دمار كبير لحق بها جراء الحادث. في تلك اللحظة لا يتوانى شرطي عن تسجيل مخالفة بحق هذا الزميل من دون أدنى مراعاة لحجم الخسائر المادية التي ألمت به إثر الحادث. وعندما عاتبه قال الشرطي “آسف لم أنتبه”!
نماذج بسيطة ومعدودة تؤكد أن الموظف الأردني في حاجة إلى إعادة تقويم في سلوكه وعلاقته بالمواطن، قبل أن ندفع به نحو الواجهة لممارسة عمله الذي قد يؤدي إلى احتقان الناس ودفعهم للانفجار. كما أن خطة تطوير القطاع العام لن تستقيم من دون إيجاد حلول ناجعة للعاملين بالصفوف الدنيا من موظفي الدولة، وهي الصفوف التي غالبا ما تكون على تماس مباشر مع المواطن.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي