السبت 2024-11-23 07:17 ص
 

جهود وزارة الزراعة فوق الشبهات والمناكفات

04:38 م
حديث التعامل بين الأردن والكيان الصهيوني غارق بالمغالطات المقصودة، وتاليا بعض الحقائق:
الحقيقة الأولى التي يتجاوز عنها المعارضون لاتفاقية السلام مع «العدو» الإسرائيلي، متعلقة بالمنطق، فالدول التي توقع معاهدات سلام، تتعامل بديبلوماسية كاملة، تتبادل التمثيل الديبلوماسي وتجري العلاقات الاقتصادية بشكل طبيعي، وهذا هو القانون والمنطق السياسي، وفي حالة الاتفاقية التي تجمعنا مع عدونا، فهي كاملة بين الدولتين سياسيا، لكنها منعدمة على الصعيد الشعبي، وهذا ليس في يد الحكومة ولا في يد غيرها، لأننا نعيش في بلد ديمقراطي، ولا يمكن لأية جهة أن ترغم مواطننا على التطبيع مع كيان يعتبره عدوا ومجرما، وفي حال قيام جهة شعبية أو جهة استثمارية اردنية بالتعامل مع الكيان الصهيوني، فهو قرارها، وهو بالطبع لا يحظى باحترام الأردنيين، لكن لا يوجد قانون يجرم هذا التعامل، وبناء على هذه الحقيقة، لا تتحمل الحكومة ولا أية جهة سياسية رسمية قيام تجار ومزارعين بتصدير منتجاتهم لأية سوق، حتى وإن كانت السوق الإسرائيلية، لكن للحكومة ومن خلال وزارة الزراعة دور آخر، وهو إجراء عام تقوم به الوزارة باعتباره واجبها الرسمي، وهو حماية القطاع الزراعي الأردني، ومنتجاته المحلية، وتأمين تسويق مناسب لها، وضمان عدم منافستها من قبل منتجات أخرى مستوردة من الخارج، وفتح باب تصديرها إلى الخارج، في حال وجود وفرة في انتاجها، لضمان سعر مناسب يحقق مردودا للمزارعين، وفي الوقت نفسه تضطلع الوزارة والحكومة كلها ومن خلال عدة مؤسسات، بحماية المستهلك «المواطن» من تغول الأسعار، بفتح باب الإستيراد من الخارج حين يقل المنتج المحلي.. وهي إجراءات عامة يحميها قانون وزارة الزراعة وقوانين لمؤسسات رسمية أخرى، كوزارة الصناعة والتجارة، ومؤسسة المواصفات والمقاييس، والمؤسسة العامة للغذاء والدواء.اضافة اعلان

والحقيقة الثانية تكمن في أن الحكومة الأردنية، ومنذ أن انخرطت في اتفاقيات التجارة العالمية ضمن حوالي (160) دولة، تخلت عن مفهوم ان تكون طرفا في التجارة والاستثمار، بما فيها الاستيراد والتصدير، وهذا محور اتفاقيات التجارة العالمية، لتعمل الحكومات على تخفيف القيود تنقل السلع بحرية عبر الحدود، وضمان تنافسية في الأسواق، بل والتخفيف من الأعباء الجمركية على شكل يضمن حرية تدفق السلع بين الدول، وهذه الحقيقة توضح لنا أن مسألة استيراد او تصدير السلع إلى أسواق الكيان الصهيوني، تقوم به جهات خاصة وليست حكومية ولا رسمية، فالحكومة ليس لديها استثمارات زراعية، ولا تمنع أي تاجر أن يستورد أو يصدر إلى سوق معينة، مادام ملتزما بالقوانين والاشتراطات، وما دام مسموح استيراد او تصدير ذلك المنتج، ولا ينافس منتجا محليا.
اما الحقيقة الثالثة فالتجار او المزارعون الأردنيون، وحين يستوردون أو يصدرون شيئا لسوق الكيان المحتل، فغالبا يتم الأمر عن طريق وسيط أو تاجر فلسطيني، حيث لا بدائل بالنسبة للفلسطينيين، وهم مرغمون على التعامل مع الكيان المحتل، فيبيعونه محاصيلهم، ويستوردون منه ما يحتاجون، ولا قيود على المستثمرين الفلسطينيين ولا حتى بدائل لهم، فهم يتعايشون مع قبضة الإحتلال وسطوته وبدائله وخياراته وإملاءاته كل هذه السنوات، علما أنه وكما أسلفنا لا يوجد قانون يمنع الأردني من التعامل مع أي إسرائيلي.

والحقيقة الرابعة، متعلقة بوزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، أو بأداء الوزارة حول هذا الموضوع في عهدته، وثمة هنا حقيقتان يجب أن يعلمهما من يريد توجيه الاتهام له، بل ثلاث حقائق:
الأولى أنه وزير في حكومة أردنية، والأردن دولة وقعت اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، وتتمتع بعلاقات ديبلوماسية كاملة معها، ولا يمكن لوزير في الحكومة أن يعلن معارضته لاتفاقيات دولية موقعة بين الأردن وأية دولة أخرى، فعدم التعامل مع الكيان حقه الشخصي لو لم يكن عضوا في الحكومة.
وثانيا، تتحدث ارقام الاستيراد والتصدير للمنتجات الزراعية من وإلى دولة الاحتلال خلال تولي المهندس الحنيفات حقيبة وزارة الزراعة، حيث انخفضت قيمة صادراتنا الزراعية للسوق الاسرائيلية إلى أقل من النصف خلال الأعوام 2017 و 2018 ، وعام 2021، وهي الاعوام التي تولى فيها المهندس الحنيفات حقيبة وزارة الزراعة، أما عن الإستيراد من السوق الإسرائيلية في هذه السنوات، فهي تؤول إلى الصفر.
والحقيقة الثالثة المتعلقة بوزير الزراعة الحنيفات وبالحكومة الحالية، هي النقلة النوعية التي حدثت على صعيد تسويق المنتجات الزراعية في الأردن وفلسطين، حيث أسست الحكومتان (الأردنية والفلسطينية) شركة للتسويق الزراعي، والتي ستكون علامة فارقة في تسويق المنتجات الزراعية في البلدين، وازالة كثير من العقبات والتحديات التي تواجه الزراعة في البلدين، والتي ستشكل تهديدا حقيقيا للمستفيدين من الوضع القائم (بمن فيهم بل على رأسهم الكيان الاسرائيلي المحتل، الذي يتحكم بالزراعة والماء والهواء في فلسطين)، والحقيقة التي بات الجميع يعرفها ان وزير الزراعة الحنيفات قد بذل جهدا كبيرا لوجود مثل هذه الشركة، التي تعتبر الهيكل الرئيسي والأساسي من أجل بنية تحتية زراعية متينة في البلدين، لا تعمل على تجاوز التحديات الزراعية فحسب، إنما تفتح آفاقا دولية كبيرة للتصنيع الغذائي وسائر الخدمات اللوجستية والخدمات المتعلقة بالقيمة المضافة، التي لم يتجرأ أحد على محاولة تذليلها في القطاعين الزراعيين في البلدين الشقيقين.
نقول هذا لتذكير الناس والمعارضين والمتحدثين بغير علم، بأن وزارة الزراعة تقدم جهودا جبارة وحقيقية وسيظهر أثرها الملموس حين تكتمل مراحل تنفيذ الخطة الوطنية للزراعة المستدامة التي ستنتهي بإذن الله نهاية عام 2025.. عندئذ سنكون نتحدث عن قطاع زراعي فاعل وحيوي ونشط، ومختلف تماما عما نعرفه عنه حتى اليوم.
 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة