عقدت حكومة الرزاز في السابق أكثر من خلوة وزارية ليوم أو يومين، لم تكن كلها بنفس القدر من الأهمية. إحدى تلك الخلوات التي شارك فيها خبراء من خارج الحكومة، كانت مفصلية لجهة توجيه استراتيجيات المرحلة اقتصاديا.
لكن الخلوة التي انعقدت بالأمس تكتسب أهمية خاصة، نظرا لطبيعة الظروف غير المسبوقة التي تمر فيها البلاد، بعد مواجهة قاسية مع جائحة كورونا التي تسببت بإغلاق عام وجزئي لأكثر من ثلاثة أشهر، وشلل اقتصادي طال قطاعات حيوية، وخضوع السياسة العامة لأوامر الدفاع لتنظيم شؤون المواطنين.
أطاحت تلك الظروف بكل فرضيات الموازنة وخطط الحكومة على كافة الصعد، وفرضت واقعا صعبا، استدعى إجراءات استثنائية.
قبل نحو ثلاثة أسابيع تقريبا، أعلنت الحكومة أن الأردن دخل مرحلة التعافي من الأزمة، وهي مرحلة انتقالية حذرة للغاية، تسعى السلطات المختصة من خلالها لاستعادة إيقاع الحياة الطبيعية وسط تدابير صحية محدودة.
عنوان السياسة الحكومية في النصف الثاني من العام الحالي سيكون”إنقاذ ما يمكن إنقاذه” من برامج تنموية وخطط اقتصادية ومشاريع خدمية، وتحفيز النشاط الاستثماري، وتشغيل القطاعات المختلفة، بهدف الحد من نسب البطالة المرتفعة، وتحقيق شيء من النمو الاقتصادي، والسيطرة على مؤشرات العجز والمديونية.
ولهذه الغاية لا بد من مراجعة فرضيات الموازنة، وأوجه الإنفاق لما تبقى من السنة المالية، وإعادة النظر بخطط وبرامج الوزارات والمؤسسات الحكومية، وفق تصور جديد كليا. والأهم إطلاق حزمة من البرامج التحفيزية المحدثة، وخطط العمل لتحريك قطاعات تنافسية في المجالات الصناعية والزراعية، وخطة وطنية للتشغيل، تعيد الزخم لبرنامج حكومي سابق تعثر بفعل الأزمة.
لكن خلوة وزارية ليوم واحد ليست سوى مقدمة ضرورية لتحقيق هذه الأهداف، إذ لا بد من فتح حوار مواز مع ممثلي القطاع الخاص والخبراء من خلال المجلس الاقتصادي الاستشاري الذي تشكل مؤخرا، والفعاليات المعنية من غرف صناعة وتجارة، وقطاع زراعي، وأصحاب أعمال رياديين، ووسائل إعلام.
وفي هذا الصدد ليس مطلوبا من الحكومة أن”تكبر حجرها” وتغرق في تخطيط طويل الأمد،لأن المرحلة لا تحتمل نظرة بعيدة في عالم ما يزال يشهد متغيرات وحالة عدم اليقين بسبب استمرار الجائحة، ولاعتبار آخر أيضا يتصل باستحقاقات المرحلة السياسية، والتوجه لإجراء انتخابات نيابية قبل نهاية العام الحالي.
صحيح أن من واجب الحكومة التخطيط والعمل كما لو أنها باقية لفترة أطول، لكننا ما نزال في مرحلة إدارة الأزمة، وهذا يتطلب خططا مرنة وقصيرة قابلة للتطوير والاستجابة للمتغيرات.
والشارع الأردني على وجه العموم مهتم أكثر بالأجوبة على الأسئلة اليومية الملحة، ويأمل بحلول لمشاكل راهنة، تخص حياته ومعيشته وما يتصل فيها من قضايا تفاقمت بفعل أزمة كورونا.
وعلى صعيد السياسة المالية، يتعين على الحكومة تقديم إجابات شافية وشفافة حول المسائل المتعلقة بزيادة المديونية والاقتراض، وسياسة الطاقة في الأشهر المقبلة، وخططها للتعامل مع ملف التهرب الضريبي في الأشهر المقبلة، والكيفية التي ستنفق فيها ما تبقى من أموال صندوق همة وطن وبرنامج الحماية الاجتماعية للمرحلة المقبلة.
برنامج مكثف وزاخر بالمهمات، لكن الحكومة لن تبدأ من الصفر لديها رصيد من الخبرات التي تراكمت في إدارة الأزمة يمكن البناء عليها لنمضي هذا العام بأقل قدر ممكن من الخسائر.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي