ثمة شعور بالحيرة والعجز في أوساط القرار الرسمي حيال ما يمكن اعتماده من تعديلات على قانون الانتخاب، بعد التوجيه الملكي للحكومة بإعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية.
مرد هذه الحالة أمران رئيسان، الأول، أن الأردن ومنذ عودة الحياة البرلمانية قبل ثلاثين عاما، جرب معظم الأنظمة الانتخابية، ولم توفر كلها علاجا شافيا لمعضلات الحياة السياسية والبرلمانية.
الأمر الثاني، ان الهوة شاسعة بين طروحات الأحزاب السياسية من جهة ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، إذ تنظر المؤسسات إلى طروحات الأحزاب، بشأن اعتماد قائمة حزبية على مستوى الوطن مناصفة مع التمثيل الفردي، على أنها قفزة في المجهول، في وقت تعاني فيه البلاد من ضعف مستعص للحياة الحزبية، ناهيك عن الإشكال الدستوري في مسألة القوائم الحزبية.
أقرب الأفكار للتداول اقتراح باعتماد النظام البريطاني، والقائم على نائب واحد لدائرة واحدة يخصص لها مقعد واحد، أي تقسيم دوائر المملكة بعدد مقاعد مجلس النواب مع احتساب الكوتات.
في نظر الكثيرين، هذا الاقتراح هو ببساطة عودة لنظام الصوت الواحد الذي حكم الحياة البرلمانية منذ العام 1993 وحتى 2013. ونال من النقد ما نال، قبل أن يحتفل الأردنيون بدفنه، فهل يمكن خلق التوافق الوطني حول نظام انتخابي صار جزءا من الماضي؟
ذلك ممكن في حالة تطبيق النموذج البريطاني بحذافيره، أي اعتماد الترشح الحزبي كأساس للانتخابات، وهذا احتمال غير وارد كما يبدو.
الحكومة وعدت قبل يومين بحوار واسع حول تعديلات قوانين الحياة السياسية بالشراكة مع مجلس الأمة بشقيه، والأحزاب السياسية والفعاليات الوطنية. لكن حوارا مفتوحا بلا قواعد تحكمه أو منطلقات واضحة، يعني الوصول إلى نفس النتيجة التي انتهت إليها جولات سابقة من الحوار.
في اعتقادي ان أبرز المبادئ التي ينبغي تثبيتها قبل أي حوار، هي على النحو التالي، التمسك بربط تعديلات القانون بزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان، كما قال جلالة الملك في مقابلته مع”بترا”. ثانيا استبعاد كل نظام انتخابي تم تجريبه سابقا،لأن من غير المعقول تجربة أنظمة انتخابية سبق تطبيقها ولم تحقق النتائج المرجوة. ثالثا، التمسك بمبدأ التمثيل النسبي، كأساس لأي نظام انتخابي مقترح. رابعا، الاتفاق مسبقا على ضرورة خفض عدد أعضاء مجلس النواب، ودمج حصة النساء بالنظام الانتخابي بدلا من الكوتا بالصيغة الحالية. خامسا،الحرص على أن يؤدي تطبيق القانون الجديد إلى وضع الأردن على طريق الوصول لحكومات برلمانية في المستقبل.
لا بأس من تنظيم لقاءات مفتوحة لمناقشة التعديلات المقترحة على القانون، لكن هذا النوع من الحوارات لا يمكن التعويل عليه كثيرا، ولا بديل عن تأليف لجنة مشتركة من ممثلي الحكومة والأحزاب، يشارك فيها عدد من الأعيان والنواب المهتمين وخبراء الأنظمة الانتخابية، لبلورة حزمة من المقترحات، قبل الفصل النهائي فيها من طرف أصحاب القرار، وعرضها على مجلس الأمة كمحصلة للتوافق الوطني.
لن يكون مستهجنا على الإطلاق اخضاع قانون الانتخاب للتعديل والتطوير بعد دورتين أوثلاث دورات انتخابية، عديد من الدول في العالم تفعل هذا الشيء، خاصة التي تمر في مراحل تحول ديمقراطي طويلة، وتقتضي ظروفها السياسية وتركيبتها الديمغرافية مراجعة التشريعات لمواكبة المتغيرات والاستجابة لضرورات الاصلاح والتقدم.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي