لن يفنى العالم بسبب قنبلة نووية، ولا بسبب حروب أو أوبئة، بل سيفنى بسبب الابتذال والإفراط في “البلادة”، التي ستحول العالم لطرفة سخيفة. هكذا تكلم الروائي الإسباني العالمي كارلوس زافون صاحب الرواية ذائعة الصيت “ظل الريح” التي بيعت منها ملايين النسخ.اضافة اعلان
في ذات السياق كتب الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دنو، والذي يعد من فلاسفة ما بعد الحداثة، الذين نقدوا بلسان سليط، مادية الرأسمالية المتوحشة حيث ألف كتابا ملفتا للنظر، بعنوان “نظام التفاهة”، وأعتقد أن الترجمة الأقرب لمفهوم هذا الكتاب هو “نظام البلادة” أو “نظام السطحية”، وهو نظام فكري صاحب انتشار الرأسمالية المتوحشة، يعمد إلى تتفيه الظاهرة الإنسانية بتحويلها إما إلى اآية لتكوين الثروة الشخصية، أو أداة تكوين ثروة للآخرين.
درس دكتور آلان التحولات الجذرية التي دخلت على قيم ومفاهيم حضارية كانت قد تراكمت في رحلة التطور الحضاري الانساني، لتنحى باتجاه التسطيح والابتذال والبلادة بعيدا عن تشكل الحضارة ورقي الإنسان، وبعيدا عن الاشتباك مع المفاهيم الكبرى التي شكلت ومجدت الإنسان المعاصر كظاهرة حضارية أولا وإخيرا، فمثلا طرأ تغيير على مفهوم العمل في مساحات الرأسمالية المتوحشة.
حيث تحول العمل من مفهوم الحرفة بما يحمله من شغف وتخصص، وما يحيط به من بيئة ثقافية قيمية إنسانية أساسها الاتقان وشرف التعامل، الى مفهوم الوظيفة والوصف الوظيفي الذي يقوم على فكرة انجاز المهام بهدف توفير قوت الموظف أو العامل، وخلق هذا التحول أنماط تعامل “غير إنسانية”، فليس مهما لبائع الصحف أن يعرف ما ورد بها، وليس مهما إذا كان عامل المطعم الفاخر لا يقوى على أي وجبة في ذات المطعم، وليس لدينا الوقت لنفكر بذلك، همنا فقط أن ننجز متطلبات الوظيفة!
الأخطر ما لاحظه الفيلسوف آلان في كتابه، هو التحول في دور الجامعة، التي تنازلت عن دورها التنويري العلمي الثقافي التطويري، وتخلت عن دورها في تخريج مثقفين نقديين يتصدون للقضايا الثقافية والاجتماعية والعلمية الكبرى، إلى تخريج “أشباه خبراء”- على حد قوله- يحاولون دائما إضفاء الشرعية على العوار الاجتماعي والاقتصادي الذي يسود العالم.
“نظام البلادة” هو انسحاب من مادة التفكير والفكر العميق، في تشكيل ماهية الانسان بإنتاج القيم الإنسانية السامية الى تسطيح “أدائي” في النشاط الإنساني يهتم بالنتيجة والتسليع لماهية الإنسان دون الاهتمام بالصيرورة والسيرورة الثقافية والحضارية التي تعنى بالقيم الإنسانية السامية.
في مجال الفن والثقافة يشير آلان الى سيطرة “البلداء في ساحة الثقافة والفن، وسيطرة اصحاب الذوق السطحي حتى اخترعنا عالميا، قانونا “للتفاهة” الثقافية الفنية ينص على ان “الجمهور عايز كده”، لا أبدا “التجار عايزين كده”، أما الجمهور فإنه في أغلبه ينحى أو على الأقل مستعد لتطوير قيم إنسانية سامية اجتماعيا وإنسانيا وثقافيا وفكريا.
أزيد على ما قاله الفيلسوف آلان، إن البلادة والسطحية هي كسل؛ كسل فكري واجتماعي وإنساني، قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي لعبت فيه دورا عظيما، إن التواصل الدائم الذي توصله هذه الوسائل مع الخارج حرمنا من لحظات أو سويعات تواصل مع الذات ومع الفكر والعقل والقيم!
تصوروا أن الفيلسوف يتكلم عن الحضارة الأوروبية، وهي حضارة متقدمة ماديا، وفيها إنجازات ثقافية وفنية مهمة، ولكنه لاحظ مع ذلك التسطيح والبلادة التي تكلم عنها، تفكر معي للحظة في واقعنا العربي والإنسان العربي، الذي أبدع ـ في كثير من الأحيان ـ في تسطيح المسطح وابتذال المبتذل، قد يكون في هذا جلد للذات يزعج البعض، وقد يكون معهم حق، ولكن اعتبرها صرخة مرعوب من واقع مرير، وانتبه للعلم والتعليم والثقافة وتطوير ذهن البشر، فتلك طريق النجاة، إذا فاهم علي جنابك؟!
في ذات السياق كتب الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دنو، والذي يعد من فلاسفة ما بعد الحداثة، الذين نقدوا بلسان سليط، مادية الرأسمالية المتوحشة حيث ألف كتابا ملفتا للنظر، بعنوان “نظام التفاهة”، وأعتقد أن الترجمة الأقرب لمفهوم هذا الكتاب هو “نظام البلادة” أو “نظام السطحية”، وهو نظام فكري صاحب انتشار الرأسمالية المتوحشة، يعمد إلى تتفيه الظاهرة الإنسانية بتحويلها إما إلى اآية لتكوين الثروة الشخصية، أو أداة تكوين ثروة للآخرين.
درس دكتور آلان التحولات الجذرية التي دخلت على قيم ومفاهيم حضارية كانت قد تراكمت في رحلة التطور الحضاري الانساني، لتنحى باتجاه التسطيح والابتذال والبلادة بعيدا عن تشكل الحضارة ورقي الإنسان، وبعيدا عن الاشتباك مع المفاهيم الكبرى التي شكلت ومجدت الإنسان المعاصر كظاهرة حضارية أولا وإخيرا، فمثلا طرأ تغيير على مفهوم العمل في مساحات الرأسمالية المتوحشة.
حيث تحول العمل من مفهوم الحرفة بما يحمله من شغف وتخصص، وما يحيط به من بيئة ثقافية قيمية إنسانية أساسها الاتقان وشرف التعامل، الى مفهوم الوظيفة والوصف الوظيفي الذي يقوم على فكرة انجاز المهام بهدف توفير قوت الموظف أو العامل، وخلق هذا التحول أنماط تعامل “غير إنسانية”، فليس مهما لبائع الصحف أن يعرف ما ورد بها، وليس مهما إذا كان عامل المطعم الفاخر لا يقوى على أي وجبة في ذات المطعم، وليس لدينا الوقت لنفكر بذلك، همنا فقط أن ننجز متطلبات الوظيفة!
الأخطر ما لاحظه الفيلسوف آلان في كتابه، هو التحول في دور الجامعة، التي تنازلت عن دورها التنويري العلمي الثقافي التطويري، وتخلت عن دورها في تخريج مثقفين نقديين يتصدون للقضايا الثقافية والاجتماعية والعلمية الكبرى، إلى تخريج “أشباه خبراء”- على حد قوله- يحاولون دائما إضفاء الشرعية على العوار الاجتماعي والاقتصادي الذي يسود العالم.
“نظام البلادة” هو انسحاب من مادة التفكير والفكر العميق، في تشكيل ماهية الانسان بإنتاج القيم الإنسانية السامية الى تسطيح “أدائي” في النشاط الإنساني يهتم بالنتيجة والتسليع لماهية الإنسان دون الاهتمام بالصيرورة والسيرورة الثقافية والحضارية التي تعنى بالقيم الإنسانية السامية.
في مجال الفن والثقافة يشير آلان الى سيطرة “البلداء في ساحة الثقافة والفن، وسيطرة اصحاب الذوق السطحي حتى اخترعنا عالميا، قانونا “للتفاهة” الثقافية الفنية ينص على ان “الجمهور عايز كده”، لا أبدا “التجار عايزين كده”، أما الجمهور فإنه في أغلبه ينحى أو على الأقل مستعد لتطوير قيم إنسانية سامية اجتماعيا وإنسانيا وثقافيا وفكريا.
أزيد على ما قاله الفيلسوف آلان، إن البلادة والسطحية هي كسل؛ كسل فكري واجتماعي وإنساني، قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي لعبت فيه دورا عظيما، إن التواصل الدائم الذي توصله هذه الوسائل مع الخارج حرمنا من لحظات أو سويعات تواصل مع الذات ومع الفكر والعقل والقيم!
تصوروا أن الفيلسوف يتكلم عن الحضارة الأوروبية، وهي حضارة متقدمة ماديا، وفيها إنجازات ثقافية وفنية مهمة، ولكنه لاحظ مع ذلك التسطيح والبلادة التي تكلم عنها، تفكر معي للحظة في واقعنا العربي والإنسان العربي، الذي أبدع ـ في كثير من الأحيان ـ في تسطيح المسطح وابتذال المبتذل، قد يكون في هذا جلد للذات يزعج البعض، وقد يكون معهم حق، ولكن اعتبرها صرخة مرعوب من واقع مرير، وانتبه للعلم والتعليم والثقافة وتطوير ذهن البشر، فتلك طريق النجاة، إذا فاهم علي جنابك؟!
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي