مثل كثيرين غيري من الأردنيين، لم أعد أفهم ما يجري اليوم بشأن ما يحيط بفيروس كورونا من تصريحات رسمية متعددة المصادر والمضمون، وأوامر دفاع تناقض الواقع، ورفض شعبي واسع للوصول إلى قناعة تامة أن الأجواء اليوم لم تعد مواتية للتردد والاجتهاد بضرورة الحصول على المطعوم والالتزام بإجراءات السلامة العامة.
نشعر أن “مسبحة قد فرطت حباتها”؛ فلا الحكومة قادرة على التعاطي مع خطورة هذا الوباء بقرارات منطقية ومعقولة، ولا هي، في الوقت ذاته، قادرة على إقناع الناس بضرورة التعامل بجدية مع هذا الملف الذي يؤرق الدولة منذ عام ونصف العام، ولا هي ضامنة لمراقبة تطبيق إجراءات السلامة. ومع زيادة نسبة الإصابات الإيجابية المؤرقة في الآونة الأخيرة، ما تزال نسبة كبيرة من الأردنيين، وللأسف الشديد، تواصل العيش في حالة الرفض التام لكل شيء يصدر عن الحكومة.
القرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة بهذا الشأن، واجهت انتقادات كثيرة، خصوصا السماح بتنظيم الحفلات والمهرجانات الجماهيرية التي أقيمت بالبلد في الفترة الأخيرة. من ناحية صحية قد يكون هذا الانتقاد مبررا، لكن يجب أن يكون الناس أكثر واقعية بحيث يرون أنه لا مفر من ذلك، فألم الاقتصاد كبير، والبلد لا تحتمل مزيدا من الإغلاق الذي خنق الجميع سابقا، فقمنا نطالب بالتخلص منه.
نعم، هناك زيادة في نسبة الفحوصات الإيجابية، وهي زيادة متوقعة سارعت الحكومة إلى تفسيرها بسبب الانفتاح الكامل وعودة المدارس، فيما يرى الناس أن هناك تقصيرا حكوميا بالتعاطي الجاد مع الملف، فهم يرون أنه ليس صعبا على الجهات المعنية تنظيم هذا الانفتاح بدلا من تركه للصدفة والظروف.
المنطق يقول إنه لا خيار أمامنا إلا باستمرار الانفتاح وعدم العودة إلى الإغلاق التام أو الجزئي، فمصالح الناس وأعمالهم ومعيشتهم تتطلب ذلك، كما أن الوضع الاقتصادي للدولة لا يمكن فصله عن العالم الذي بات منفتحا بشكل شبه كامل. ليس من المعقول أن يتحرك العالم من حولنا ونحن ما نزال عالقين في وحل هذا الفيروس.
المنطق، كذلك، يقول إنه من الضروري استمرار تواجد الطلبة على مقاعدهم الدراسية بدلا من حالة الجهل التي نخرت عقولهم طيلة العامين الماضيين، وقد رأينا تراجع مستوياتهم المعرفية والفكرية، حتى خلال انتظامهم في الدراسة الوجاهية، فما بالك حين يكونون مضطرين إلى الدراسة عن بعد التي ثبت عدم جدواها، وجعلتنا نتيقن أن الفاقد التعليمي خلالها كان كبيرا ومن الصعب تعويضه.
المعادلة الصحية في البلد وما يترتب عليها من أبعاد اجتماعية واقتصادية ومعيشية، لا تحتمل خصمين يتبادلان الاتهامات والتنمر، بينما يحاول كل طرف منهما رمي كرة المسؤولية باتجاه الطرف الآخر، ما يحيلنا إلى حقيقة أن جميعنا نفشل في إدارة الأزمة والتعاطي معها.
في الطرف الأول، نرى أن الحكومة ليست جادة في كثير من عناوين هذا الملف المهم، وهي تفقد البوصلة في التعامل مع وباء كورونا، ولم تنجح، في ذات الوقت، في إدارة خطابها مع المواطنين وبالتالي يضعف التأثير بهم ودفعهم إلى الحصول على المطاعيم، والانتباه لخطورة سرعة انتقال الفيروس. على رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أن يعلم جيدا أن أوامر الدفاع يجب أن تكون منطقية، وأن تراعي جميع الاعتبارات المحيطة بها، ومن جميع الزوايا، وأن تطبق على الجميع وفي كل الأماكن.
على الجانب الثاني من المعادلة، هناك نسبة كبيرة من الأردنيين الذين لا يفعلون شيئا سوى ممارسة النقد الهدّام تجاه الحكومة وإجراءاتها وقراراتها وسلوكها، وقد بلغوا مرحلة مَرَضية من السلبية والسوداوية والعدمية، فهم لا يريدون فعل شيء، وفي المقابل لا يقبلون بأي شيء من أي طرف.
الصورة القاتمة القائمة اليوم، تقودنا إلى حالة استعصاء خطيرة، وإذا أردنا أن نغادرها فيتوجب علينا أن نضع مصلحة البلد في إطار عملنا، وأن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس. نحن لا نريد العودة إلى الإغلاق الذي أنهك اقتصادنا ومعيشتنا، وفي الوقت نفسه نريد قرارات وإجراءات منطقية تكفل الحكومة تنفيذها بعدالة وحزم. هذا كل ما في الأمر.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي