ذلك هو ما يشوب بالفعل معظم القضايا والشؤون التي تشغل بال ساحتنا الوطنية في غياب إستراتيجية واضحة المعالم في التعامل مع الأزمة الاقتصادية ، وفي إدارة القطاعات المختلفة ، وحتى لا أقع كذلك في فوضى الطرح ، فلن أنكر وجود إستراتيجيات من حيث المبدأ ، ولكنه من المؤكد أننا لا نجد لبعضها أثرا على أرض الواقع .
تبدو المسافة بعيدة جدا بين الحقائق التي
تتعامل معها الحكومة " أي حكومة " وبين ما يجول في خاطر من يعرف ومن لا
يعرف تلك الحقائق عندما يتعلق الأمر بالتعليق أو الانتقاد للأداء العام باعتباره
دون الحد الأدنى في النتائج والمخرجات ، ومع ذلك فالانطباعات العامة ليست أساسا
صحيحا للحكم على الأشياء !
هناك مقياس قد يغيب عن الذهن في غمرة القلق أو
الغضب ، وهو مقياس " تحت الصفر " أي عندما يتركز الهدف على إعادة مستوى
التراجع إلى الخلف عند نقطة الصفر ، أو بمعنى آخر معالجة شأن ما كي يعود إلى
طبيعته ، قبل أن نتمكن من دفعه إلى الأمام مرة أخرى ، وينطبق ذلك أيضا على الجهود
المبذولة لوقف حالة التراجع أو التدهور لقطاع ما حتى لا يصل إلى مرتبة الصفر ،
فكثيرون ممن يتابعون الشأن العام يسقطون من حساباتهم أهمية إنجازات من هذا النوع ،
ويقولون ببساطة ما كان ينبغي أن يحدث ذلك الخلل أصلا ، وهذا صحيح إذا تغاضينا عن
العوامل الخارجة عن إرادتنا ، أي العوامل الإقليمية والدولية ، فضلا عن العوامل
الداخلية التي لم تتمكن من الاستجابة للتطورات المتسارعة في مجالات عديدة !
لننظر إلى فوضى الطرح التي تسود الأجواء
السياسية والاقتصادية في بريطانيا على خلفية خروجها من الاتحاد الأوروبي ،
وبريطانيا لا ينقصها إستراتيجيات ولا خبرات ، وهي مثل أعلى في الديمقراطية ، وفي
التأثير السياسي العالمي ، والآن يعرف كل بريطاني أنه ربما تأثر أو سيتأثر بأزمة
يمكن اعتبارها إقليمية أو قارية ، ولكن نحن أميل في بلادنا إلى الانتقاد والاحتجاج
منا إلى التفهم والواقعية في التعامل مع أزماتنا والحديث عنها ، مما يضيع علينا
فرص معالجتها من زاوية أكثر تعقيدا حين تظل الآراء بعيدة عن الحقائق ، فلا نقدر
حتى على تصويب أخطاء الجهة التي ننتقدها .
هناك العديد من القرارات التي تتخذ بعيدا عن
تنظيم يفترض أنه مرتكز إلى رؤية عامة موضوعة ومتفق عليها بين الجهات صاحبة العلاقة
جميعها ، أو ضمن إستراتيجية جديدة تضعها الحكومة بالتنسيق مع الأطراف ذات العلاقة
، وبعض تلك القرارات ربما يتناقض أصلا مع السياق القانوني لعمل المؤسسات العامة أو
الخاصة ، أو مع أنظمة وتعليمات أخرى ، الأمر الذي يثير التساؤل والاستغراب ، ومن
ثم الجدل والخلاف ليس حول القرارات في حد ذاتها وحسب ، ولكن حول الطريقة التي تتخذ
بها أيضا ، وما ينجم عنها من أضرار آنية أو بعيدة المدى ، من هنا تبدأ " فوضى
الطرح " في كل شيء للأسف !
اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي