ليس الصيام أن نشعر بمزيد من الجوع من أجل تناول مزيد من الطعام، ومن المعروف أن المجاعات تضرب في بلدان فقيرة او نامية تعرضت لكارثة طبيعية أو سياسية، وأتابع فيديوهات كثيرة على الانترنت، تدفعني للإستنتاج بأن شعوب أوروبا تعيش هذه الأيام حالة مشابهة من إدارة المطبخ التقشفية، وثمة فيديو لمواطن فرنسي يقف مع الرئيس الفرنسي ماكرون، يشكو له تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على حياته، ويبين للرئيس بأنه لم يعد يستطيع قضاء إجازة نهاية أسبوع كالسابق، بسبب الغلاء، ويرجوه أن يعمل على استمرار تدفق الغاز الروسي الى اوروبا .. ويجيبه ماكرون بأن لا حل سحريا لمشكلة الغاز والنفط..
وثمة كثير من الأخبار تؤكد أن الشعوب كلها تتململ تحت سياط غلاء الأسعار، وتحاول العائلات أن توفر وتتدبر في الإنفاق..
لا أبالغ إن قلت بأن أكثر الأخبار المتداولة حول العالم وداخل المجتمعات تتعلق بالغذاء والأسعار ومتطلبات الحياة التي فلتت من عقل وعقال المألوف، لكنها في بلدنا وبمناسبة شهر الصيام تسيطر على كل اهتمام، وقد تكون هذه حالة مألوفة في المجتمعات المسلمة التي تصوم في شهر رمضان المبارك، لكنها هذه المرة تبدو حادة وربما تكون قاسية، فأسعار الغذاء فلكية، وضمائر بعض التجار مشغولة بالاستغلال الذي يشعرك بأنه استغلال غير مبرر، ويتم استخدامه بحقد وعداوة ضد الفقراء!.
عند متابعة الفيديوهات الأكثر مشاهدة في منطقتنا، فهي متعلقة بتحضير الطعام (كلها أكل)، وكأننا نعيش حالة من الترف و(فسقانين)، ولا شيء يشغلنا سوى التفنن في تحضير الموائد والأطباق، ولا أعلم ماذا يفعل الفقراء في ظل رواج هذه الثقافة، وفي ضوء غزارة الأخبار السيئة عن أسعار الغذاء وارتفاع كلفته؟.
نتساءل بهذه الأسئلة والعجب مضاعف، فلمثل هذه الأسئلة تكمن حكمة مشروعية الصيام في الدين الإسلامي، فهي باختصار تعزز الشعور بالفقراء والمساكين، الذين تكون حياتهم الطبيعية تشبه الصيام في رمضان، حيث يجوعون بسبب الفاقة وقلة المال، لكن الذي يجري منذ زمن أن غالبية عظمى من الناس يعتبرون الصيام امتناع عن الطعام في النهار ليضمنوا (تلذذا) حين يتناولونه عند الافطار وبعده، ولا أعني اللذة الطبيعية التي يشعر بها أي شخص جائع عند تناول طعام من أي نوع، بل اعني التلذذ في تنويع الطعام والإسراف فيه حتى لدى الفقراء.. يكفي القول بأن بعض الموظفين وغيرهم يستلفون من البنوك قروضا من أجل شهر رمضان، حيث يتضاعف انفاقهم عدة أضعاف عن الأيام العادية.
لا اعرف ماذا اقول أو أطلب من الناس، الذين لا مجال عندهم ولا وقت ليسمعوا أو يفهموا كيف ينفقون مالهم القليل في ظروف كهذه!.. فالدنيا من حولهم كلها (أكل بأكل).
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي