منذ نحو ثلاثين عاما، و”الاضطرارات” السياسية تطاردنا، العام 1994 ذهبنا لـ”وادي عربة” للتوقيع على المعاهدة، والعام 2011 بدأنا ماراثون المفاوضات حول الغاز ثم وقعنا اتفاقية الشراء بعد عامين، الآن دخلنا في “إعلان النوايا” لمقايضة الماء بالكهرباء.اضافة اعلان
السؤال: هل فعلنا ذلك فقط تحت بند الاضطرارات، سواء أكانت سياسية أو مائية أو متعلقة بالطاقة، ثم لماذا كان الحل دائما عند “تل أبيب”، هل أصبحت هي قدرنا الذي لا مفر منه، والأهم: في أي السياقات السياسية يمكن أن نفهم ما حدث، وما سوف يحدث لاحقا؟
أعرف أن إدراج الوقائع الثلاث التي أشرت لها سلفا في “سلة” واحدة، يحتاج لمزيد من التحرير؛ أولا لأن ثمة اختلافات بين أوزانها السياسية، وثانيا لأن السياقات التي تمت فيها تبدو مختلفة، وثالثا لأن ارتداداتها على الصعيد الوطني اتسمت بالرفض، لكن بشكل متفاوت.
لكن إذا اعتبرنا، مثلا، أن التوقيع على وادي عربة كان حدثا من الوزن الثقيل، وجرى في ظروف دولية وعربية (وفلسطينية تحديدا) طاردة لأي خيار آخر، وبالتالي يمكن أن تفهم في إطار الإكراهات السياسية، فإن الواقعتين الأخيرتين تختلفان تماما، وتحتاجان لسرديات أخرى أكثر إقناعا.
المسألة، ربما، بحاجة لمزيد من التوضيح، نتحدث عن حركة السياسة في إطار الخيارات والاضطرارات، وعن طرفين أحدهما الأردن والآخر إسرائيل، بكل ما تحمله العلاقة بينهما من صراعات وجراحات واستهداف وعداوة، ومعاهدة أيضا، وعن مصالح وطنية عليا يفترض أن تكون محسوبة بدقة، ولها رواية رسمية تدافع عنها وتقنع الأردنيين بها، ثم عن موقف شعبي يرفض التطبيع بالمطلق، تعززه خصوصية أردنية تتفرد عن غيرها من خصوصيات الدول الشقيقة.
يمكن أن نضيف لذلك حالتين مهمتين؛ الأولى تتعلق بالأردن وظروفه السياسية والاقتصادية، وحدود أمنه القومي وأولوياته التي أهمها الحفاظ على جبهته الداخلية، والثانية حالة الإقليم، سواء من جهة التراجع والضعف الذي أصاب العواصم الحليفة، أو من جهة بروز ثلاث قوى ومشاريع، تتصارع على “كعكة” المنطقة، إحداها إسرائيل، التي تسعى لتتويج نفسها “حاكما” إقليميا، لا مجرد شرطي، للمنطقة.
في ضوء ذلك كله، لا يمكن، بأي صيغة أو تحت أي تسويغ سياسي، أن نفهم (ناهيك عن أن نقبل)، ما فعلته الحكومات المتعاقبة تجاه إسرائيل في الواقعتين: الغاز والماء، باعتباره اضطرارات سياسية أو خارج إطار الخيارات المتاحة.
الأسباب يطول شرحها، وحتى لو افترضنا أن بلدنا أصبح مقطوعا من أي بديل آخر، فإن طلب النجدة، بما يتعلق بهذه الموارد الاستراتيجية، من إسرائيل، يشكل تهديدا مباشرا لأمننا الوطني، ومساعدة مجانية للمشروع الإسرائيلي الذي يستهدفنا، كما يستهدف إخواننا الفلسطينيين تماما، وبالتالي فإن ما حدث ليس قدرا محتوما، وإنما خيار استسهلناه، أو ربما” فخ” وقعنا فيه، أو ثمة من أوقعنا فيه.
تبقى مسألة أخرى مهمة، وهي أن سلسلة الاضطرارات لن تتوقف، كما أن السياقات التي أفرزتها ستفرز “نسخا” أخرى تشبهها، ما يعني أننا سنكون في الأعوام المقبلة أمام امتحانات أخطر، ربما تدفعنا لمزيد من التنازلات، الأمر الذي يستدعي الحذر.
نحن لا نتعامل مع “تل أبيب” وحدها، وإنما مع منظومة قوى جديدة، تتشابك مصالحها حولنا، وتعرف ماذا تريد منا، وبالتالي فإن القضية تتجاوز الماء والغاز والكهرباء، وغيرها من وصفات التطبيع الاقتصادي، كل ذلك مجرد واجهات أو مقدمات لمشروع سياسي كبير، لا مصلحة لنا أن نكون جزءا منه، أو أن يتم استخدامنا لتنفيذه.
أدرك تماما أن قدرتنا على دفع هذا “البلاء” السياسي تبدو الآن محدودة، وأن بلدنا أصبح محاصرا من كل اتجاه، وأن ما شهدناه من عروض في مجلس النواب، ودفاعات من قبل الحكومة عن “إعلان النوايا”، كان مجرد محاولة لتزيينه، أو تمريره بأقل ما يمكن من خسائر.
لكن ما أدركه، أيضا، أن إرادتنا الوطنية يمكن (لا بل يجب) أن تتحول لـ”صخرة” قوية تتحطم عليها قرون الاستهداف، مهما كانت، هذا سيحصل، فقط، اذا خلصت النوايا وصحت العزائم.
السؤال: هل فعلنا ذلك فقط تحت بند الاضطرارات، سواء أكانت سياسية أو مائية أو متعلقة بالطاقة، ثم لماذا كان الحل دائما عند “تل أبيب”، هل أصبحت هي قدرنا الذي لا مفر منه، والأهم: في أي السياقات السياسية يمكن أن نفهم ما حدث، وما سوف يحدث لاحقا؟
أعرف أن إدراج الوقائع الثلاث التي أشرت لها سلفا في “سلة” واحدة، يحتاج لمزيد من التحرير؛ أولا لأن ثمة اختلافات بين أوزانها السياسية، وثانيا لأن السياقات التي تمت فيها تبدو مختلفة، وثالثا لأن ارتداداتها على الصعيد الوطني اتسمت بالرفض، لكن بشكل متفاوت.
لكن إذا اعتبرنا، مثلا، أن التوقيع على وادي عربة كان حدثا من الوزن الثقيل، وجرى في ظروف دولية وعربية (وفلسطينية تحديدا) طاردة لأي خيار آخر، وبالتالي يمكن أن تفهم في إطار الإكراهات السياسية، فإن الواقعتين الأخيرتين تختلفان تماما، وتحتاجان لسرديات أخرى أكثر إقناعا.
المسألة، ربما، بحاجة لمزيد من التوضيح، نتحدث عن حركة السياسة في إطار الخيارات والاضطرارات، وعن طرفين أحدهما الأردن والآخر إسرائيل، بكل ما تحمله العلاقة بينهما من صراعات وجراحات واستهداف وعداوة، ومعاهدة أيضا، وعن مصالح وطنية عليا يفترض أن تكون محسوبة بدقة، ولها رواية رسمية تدافع عنها وتقنع الأردنيين بها، ثم عن موقف شعبي يرفض التطبيع بالمطلق، تعززه خصوصية أردنية تتفرد عن غيرها من خصوصيات الدول الشقيقة.
يمكن أن نضيف لذلك حالتين مهمتين؛ الأولى تتعلق بالأردن وظروفه السياسية والاقتصادية، وحدود أمنه القومي وأولوياته التي أهمها الحفاظ على جبهته الداخلية، والثانية حالة الإقليم، سواء من جهة التراجع والضعف الذي أصاب العواصم الحليفة، أو من جهة بروز ثلاث قوى ومشاريع، تتصارع على “كعكة” المنطقة، إحداها إسرائيل، التي تسعى لتتويج نفسها “حاكما” إقليميا، لا مجرد شرطي، للمنطقة.
في ضوء ذلك كله، لا يمكن، بأي صيغة أو تحت أي تسويغ سياسي، أن نفهم (ناهيك عن أن نقبل)، ما فعلته الحكومات المتعاقبة تجاه إسرائيل في الواقعتين: الغاز والماء، باعتباره اضطرارات سياسية أو خارج إطار الخيارات المتاحة.
الأسباب يطول شرحها، وحتى لو افترضنا أن بلدنا أصبح مقطوعا من أي بديل آخر، فإن طلب النجدة، بما يتعلق بهذه الموارد الاستراتيجية، من إسرائيل، يشكل تهديدا مباشرا لأمننا الوطني، ومساعدة مجانية للمشروع الإسرائيلي الذي يستهدفنا، كما يستهدف إخواننا الفلسطينيين تماما، وبالتالي فإن ما حدث ليس قدرا محتوما، وإنما خيار استسهلناه، أو ربما” فخ” وقعنا فيه، أو ثمة من أوقعنا فيه.
تبقى مسألة أخرى مهمة، وهي أن سلسلة الاضطرارات لن تتوقف، كما أن السياقات التي أفرزتها ستفرز “نسخا” أخرى تشبهها، ما يعني أننا سنكون في الأعوام المقبلة أمام امتحانات أخطر، ربما تدفعنا لمزيد من التنازلات، الأمر الذي يستدعي الحذر.
نحن لا نتعامل مع “تل أبيب” وحدها، وإنما مع منظومة قوى جديدة، تتشابك مصالحها حولنا، وتعرف ماذا تريد منا، وبالتالي فإن القضية تتجاوز الماء والغاز والكهرباء، وغيرها من وصفات التطبيع الاقتصادي، كل ذلك مجرد واجهات أو مقدمات لمشروع سياسي كبير، لا مصلحة لنا أن نكون جزءا منه، أو أن يتم استخدامنا لتنفيذه.
أدرك تماما أن قدرتنا على دفع هذا “البلاء” السياسي تبدو الآن محدودة، وأن بلدنا أصبح محاصرا من كل اتجاه، وأن ما شهدناه من عروض في مجلس النواب، ودفاعات من قبل الحكومة عن “إعلان النوايا”، كان مجرد محاولة لتزيينه، أو تمريره بأقل ما يمكن من خسائر.
لكن ما أدركه، أيضا، أن إرادتنا الوطنية يمكن (لا بل يجب) أن تتحول لـ”صخرة” قوية تتحطم عليها قرون الاستهداف، مهما كانت، هذا سيحصل، فقط، اذا خلصت النوايا وصحت العزائم.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي