التغيرات التي طرأت على عقولنا وثقافتنا وطقوسنا كبيرة. ولا أظن أننا التقطنا أنفاسنا أو توقفنا لنتعرف على مدى وعمق الأثر الذي تركته الجائحة على عقولنا وقلوبنا وعاداتنا وأرواحنا وأحلامنا ومخاوفنا. العالم اليوم يختلف كثيرا عما كان عليه قبل عام ونظرتنا للكون والحياة والناس والصحة ومصادر الخوف والسعادة تغيرت كثيرا.اضافة اعلان
لا أستطيع أن أحصي عدد الأصدقاء والأقارب والأحبة الذين رحلوا عن الدنيا دون وداع لائق ومن غير أن يتمكن الأهل وكل الذين افتقدوهم من التعبير عن مشاعرهم وحزنهم. المتوالية التي يسقط فيها المعارف والأحبة والأصدقاء أسهمت في تبلد مشاعرنا واجتزاء طقوس الوداع واختصار العبارات والعبرات فلم يعد بمقدور قلوبنا المتعبة الخائفة أن تعطي الكثير ولا أظن أننا تجاوزنا الخطر والخوف من أن يباغتنا الموت فيما لو عدنا لأي من الممارسات التي كانت تحتل الجزء الأهم من نشاطنا الاجتماعي.
لم أكن أعتقد أن يصبح التواصل خطرا والموت قريبا والحزن مخيما على عقول وقلوب الناس، ففي كل قرية وحارة وبلدة كان الناس يتنبأون بمن دنت مناياهم ويتهيؤون لاستقبال لحظة الرحيل ووداع الأحبة فيجتمع المئات لتقاسم الحزن وتبادل العزاء وتبديد الوحدة والتئام الجرح النفسي الذي خلفه الراحل في قلوب وأرواح العزيزين. في كل موكب عزاء يرى الأهل فقيدهم في وجوه المشاركين وتسهم البانوراما البشرية في تخفيف المصاب.
منذ أن اجتاحنا الوباء ونحن متيقظون وحابسون لأنفاسنا بانتظار من يقول لنا استأنفوا حياتكم ونشاطكم المعهود فستكونون بخير. لم يمض أسبوع واحد دون أن يرحل قريب أو صديق نتشوق لوداعه أو المشاركة في جلسات الحزن والاستذكار التي اعتدنا على افتتاحها لإسعاف أرواح الأحبة والأهالي ومساعدتهم على تجاوز صدمة الفقد وتمكينهم من استيعاب ما ألمّ بهم.
حتى أمس ومنذ تسعة شهور لم أتمكن من المشاركة في مراسيم الدفن للعشرات من الرجال والنساء الذين يصعب نسيان أثرهم وحضورهم. الأسى الذي يستولي على قلوب الأرامل والثكالى والآباء قد يستمر طويلا ما لم يجد الناس وسائل وقصصا وأفكارا وإرشادات تساعد المصابين على جبر مصابهم.
لا أعرف السبب الذي قادني لاستذكار زهير بن أبي سلمى والمتنبي وغيرهم من شعراء العرب الذين أدخلوا مفهوم الموت في أشعارهم، بعض هؤلاء الشعراء تمنى الموت والبعض الآخر استسهل حدوثه.
لقد رأى زهير فيه خلاصا لمن سئم تكاليف الحياة بعد أن طال به العمر في حين تمناه المتنبي واعتبره شافيا بعدما اعتقد أنه لن يقوى على العيش بعيدا عن سيف الدولة الذي أكرمه أيّما إكرام «كفى بك داء أن ترى الموت شافيا …. فحسب المنايا أنْ يكنَّ أمانيا». في الثقافات العالمية وبين كل الشعوب ظلت الولادة والموت حدثين مهمين يستقبلهما الأفراد والجماعة بالكثير من الإثارة ويقيمون لهما الطقوس والمراسم التي يديرها ويشرف عليها الأشخاص الأكثر أهمية واحتراما في المؤسسة الدينية.
في العقل الإنساني ارتبطت الولادة والموت بالبداية والنهاية واستقبلهما الناس بالكثير من الشكر والخوف والرجاء.
من الواضح للجميع أن الموت ووقعه على النفوس وطريقة استقباله والتعاطي معه، ومقدار الصدمة والحزن اللذين ارتبطا به تعرضا لتغير كبير تحت وقع تكراره وعشوائية حدوثه وسرعة تنقله بين البيوت والأحياء والمكاتب والأعمار ومن المهم التذكر أن الإنسان والثقافة والطقوس وعلاقتهم بالموت ستتغير فلم يعد لدى الأفراد ما يكفي من الطاقة للحزن أو التعبير عنه.
لا أستطيع أن أحصي عدد الأصدقاء والأقارب والأحبة الذين رحلوا عن الدنيا دون وداع لائق ومن غير أن يتمكن الأهل وكل الذين افتقدوهم من التعبير عن مشاعرهم وحزنهم. المتوالية التي يسقط فيها المعارف والأحبة والأصدقاء أسهمت في تبلد مشاعرنا واجتزاء طقوس الوداع واختصار العبارات والعبرات فلم يعد بمقدور قلوبنا المتعبة الخائفة أن تعطي الكثير ولا أظن أننا تجاوزنا الخطر والخوف من أن يباغتنا الموت فيما لو عدنا لأي من الممارسات التي كانت تحتل الجزء الأهم من نشاطنا الاجتماعي.
لم أكن أعتقد أن يصبح التواصل خطرا والموت قريبا والحزن مخيما على عقول وقلوب الناس، ففي كل قرية وحارة وبلدة كان الناس يتنبأون بمن دنت مناياهم ويتهيؤون لاستقبال لحظة الرحيل ووداع الأحبة فيجتمع المئات لتقاسم الحزن وتبادل العزاء وتبديد الوحدة والتئام الجرح النفسي الذي خلفه الراحل في قلوب وأرواح العزيزين. في كل موكب عزاء يرى الأهل فقيدهم في وجوه المشاركين وتسهم البانوراما البشرية في تخفيف المصاب.
منذ أن اجتاحنا الوباء ونحن متيقظون وحابسون لأنفاسنا بانتظار من يقول لنا استأنفوا حياتكم ونشاطكم المعهود فستكونون بخير. لم يمض أسبوع واحد دون أن يرحل قريب أو صديق نتشوق لوداعه أو المشاركة في جلسات الحزن والاستذكار التي اعتدنا على افتتاحها لإسعاف أرواح الأحبة والأهالي ومساعدتهم على تجاوز صدمة الفقد وتمكينهم من استيعاب ما ألمّ بهم.
حتى أمس ومنذ تسعة شهور لم أتمكن من المشاركة في مراسيم الدفن للعشرات من الرجال والنساء الذين يصعب نسيان أثرهم وحضورهم. الأسى الذي يستولي على قلوب الأرامل والثكالى والآباء قد يستمر طويلا ما لم يجد الناس وسائل وقصصا وأفكارا وإرشادات تساعد المصابين على جبر مصابهم.
لا أعرف السبب الذي قادني لاستذكار زهير بن أبي سلمى والمتنبي وغيرهم من شعراء العرب الذين أدخلوا مفهوم الموت في أشعارهم، بعض هؤلاء الشعراء تمنى الموت والبعض الآخر استسهل حدوثه.
لقد رأى زهير فيه خلاصا لمن سئم تكاليف الحياة بعد أن طال به العمر في حين تمناه المتنبي واعتبره شافيا بعدما اعتقد أنه لن يقوى على العيش بعيدا عن سيف الدولة الذي أكرمه أيّما إكرام «كفى بك داء أن ترى الموت شافيا …. فحسب المنايا أنْ يكنَّ أمانيا». في الثقافات العالمية وبين كل الشعوب ظلت الولادة والموت حدثين مهمين يستقبلهما الأفراد والجماعة بالكثير من الإثارة ويقيمون لهما الطقوس والمراسم التي يديرها ويشرف عليها الأشخاص الأكثر أهمية واحتراما في المؤسسة الدينية.
في العقل الإنساني ارتبطت الولادة والموت بالبداية والنهاية واستقبلهما الناس بالكثير من الشكر والخوف والرجاء.
من الواضح للجميع أن الموت ووقعه على النفوس وطريقة استقباله والتعاطي معه، ومقدار الصدمة والحزن اللذين ارتبطا به تعرضا لتغير كبير تحت وقع تكراره وعشوائية حدوثه وسرعة تنقله بين البيوت والأحياء والمكاتب والأعمار ومن المهم التذكر أن الإنسان والثقافة والطقوس وعلاقتهم بالموت ستتغير فلم يعد لدى الأفراد ما يكفي من الطاقة للحزن أو التعبير عنه.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي