حتى الآن لم تنجح عملية إعادة سورية إلى الحالة العربية الكلية والسبب الرئيس ان بعض الدول العربية المهمة ترفض التطبيع مع الدولة السورية مع وجود ايران ونفوذها الكبير في مفاصل سورية، لكن علاقات مهمة استعادتها سورية بمستويات مختلفة مع دول عربية واقليمية مثل الإمارات والاردن والبحرين…وتواصل مع تركيا التي تريد قيادتها التطبيع المتسارع مع دمشق لأسباب تتعلق بمصالحها الأمنية في ملف الأكراد وملف اللاجئين السوريين وانتخابات تركيا هذا الصيف.
الوجود الإيراني في سورية يبدو عقبة مهمة إمام عودة بعض الدول إلى دمشق، لكن هل من الممكن خروج ايران في ظل المعطيات الحالية ؟
المعطيات تقول ان ايران ونتيجة الحرب الروسية الاوكرانية تعزز وجودها العسكري في سورية وانها تتمدد في المساحات الجغرافية التي تراجع فيها الحضور الروسي، وان ايران تعمل بشكل دؤوب لصناعة حضور طويل الأمد لها في سورية ليس في الجانب العسكري والقواعد وأنواع الميليشيات بل أيضا ثقافيا وطائفيا واقتصاديا، فهي لاتريد ان تكون قوة عسكرية مباشرة او غير مباشرة جاءت لهدف ومن الممكن أن تغادر تحت أي ظرف او تغير ميزان القوى في سورية.
ايران وجدت في سورية كما هو وجودها في دول عربية أخرى ضمن مشروع التوسع الفارسي في الإقليم، ووجودها في سورية كان لحفظ مصالحها في بقاء النظام السوري وبقاء الهلال الفارسي الممتد من ايران للعراق وسورية ولبنان مع طموحات للتواجد في دول أخرى.
تدرك ايران ان تفكيك اي حلقة من حلقات الهلال الفارسي عبر فقدان ادواتها أو الخروج من الدول التي لها فيها سيطرة سيلحق الضرر الكبير بمشروعها الفارسي، وسيفقدها اوراقا مهمة في التنافس على النفوذ مع إسرائيل وتركيا، ولهذا فإن الحرب في سورية كانت فرصة كبرى لإيران لتدخل سورية كما كان الاحتلال الأمريكي للعراق فرصة كبرى لايران لتوسيع نفوذها في العراق وايضا نفوذها القديم في لبنان.
حتى لو استقرت الامور في سورية فإيران لن تخرج لكنها قد تعيد التموضع فسورية اليوم تمدد ايران في كثير من مفاصلها الاقتصادية والسياسية والثقافية والسكانية، بل ان مصلحة ايران ان تبقى الازمة السورية مفتوحة بلا حل، ومن مصلحتها ان يبتعد العرب عن سورية.
ايران بذلت الكثير حتى استطاعت بناء الهلال الفارسي وامتلاك الطريق من طهران إلى بيروت، ولن تضحي بهذا النفوذ بل ستعمل على إفشال اي جهد لأخذ سورية عربيا او دوليا، فالنفوذ الإيراني جاء نتيجة ازمات في دولنا العربية وبقاء الازمات مصلحة ايرانية لإبقاء النفوذ والحضور الإيراني في ملفات الإقليم.
ايران لن تغادر ميليشياتها عواصم العرب إلا إذا تغيرت موازين القوى في سورية مثلا بشكل جذري وهذا مستبعد جدا الان، أو تغيرت معادلتها الداخلية والضغط الداخلي على النظام الإيراني بشكل كبير جدا بحيث تضطر لتغيير اولوياتها في الإنفاق المالي واستخدام قواتها العسكرية في الداخل، وكلما زادت الازمات في المحيط العربي وجدت ايران لها موطئ قدم جديدة.. فعلينا ألا ننتظر المعجزات…
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي