تشير الأنباء الدولية ذات المصداقية، إلى أن الأردن والامارات واسرائيل سيوقعون مشروعا ثلاثيا ضخما للطاقة والمياه، تولد بموجبه طاقة كهربائية من الطاقة الشمسية في الأردن، بتمويل اماراتي، لتباع لإسرائيل، وتدفع هذه الاخيرة بالمقابل 180 مليون دولار للأردن والامارات مناصفة، وتبيع الأردن من مياه محلاة على شواطئ البحر المتوسط.
المشروع يعد من الاضخم وتجسيدا حقيقيا لمبدأ “الاعتماد المتبادل Complex Interdependence”، الذي طالما اعتبر الضمان الحقيقي للسلام بين اسرائيل وجيرانها، بعد ان نجح ذات المبدأ بخلق السوق الاوروبية المشتركة التي جلبت السلام والاستقرار لأوروبا بعد حربين عالميتين دمويتين.
المشروع يمثل ايضا، تجسيدا وتطبيقا للرؤية والمنطق الأردني، الذي اصر دوما على التبادلية بالمنافع، ورفض بقوة وثبات مبدأ الاعتمادية دون تبادلية لهذه الاعتمادية.
فالأردن رفض طرح نتنياهو الذي وقف بوجه مشروع قناة البحرين، مصرا على استبداله ببيع الأردن مياها محلاة بثمن ارخص، وقناعة الدولة الأردنية كانت ان طرح نتنياهو يخلق حالة من الاعتمادية على اسرائيل في شأن المياه، ولا يمثل اعتمادا متبادلا، وهو ما لا يقبله الأردن أو يعتبره متسقا مع قناعته لشكل واطار العلاقة مع اسرائيل.
مشروع الطاقة والمياه الممول إماراتيا، تجسيد للاعتمادية المتبادلة، فيه منفعة لكافة الاطراف ذات العلاقة، تصب في مصلحتها، وتفي بجزء من احتياجاتها، دون ان تعطي تفوقا لأحد، او تجعل احدا معتمدا على الآخر.
المؤسف أن أيا من الرسميين في الأردن وإسرائيل، لا يفصح أو يدافع عن هكذا مشروع، وكيف انه متسق مع مصلحة بلاده، وهو كذلك، ويبدو أن ذلك نتاج لسنوات طويلة من حكم نتنياهو، انتشر فيها خطاب الكراهية والرفض لأي توجهات تعاونية يفترض انها طبيعية في مرحلة ما بعد السلام.
الرسميون يتعاملون مع الأمر وكأنهم “عاملين عملة”، كل لأسبابه، ففي الأردن الشعبوية التي لا تقبل اي خطاب مصالحي عقلاني لأي شيء مع إسرائيل، حتى لو كان فيه مصلحة للبلد، وفي اسرائيل الخوف من اليمين، الذي ما يزال يمعن بالهجوم على الأردن محليا ودوليا.
الاصل في هكذا مشروع، ان تشرح تفاصيله بدقة وشفافية، ويتم تفسير كيف انه في صالح الدولة التي وقعت عليه، حتى لو حظيت هذه التفاصيل بالرفض.
عديدة هي المشاريع بين الدول العربية والأردن واسرائيل، والدول لا توقع او تدخل هذه المشاريع الا اذا رأت لها مصلحة بذلك. مشروع شراء الغاز من اسرائيل مثلا، الذي يحظى برفض شعبي، دخله الأردن لقناعته انه مفيد لاقتصادنا، واليوم وبعد ارتفاع اسعار الغاز ما يزيد على خمسة أضعاف، سيوفر شراء الغاز الاسرائيلي مئات الملايين على الاقتصاد الوطني.
مشاريع اخرى في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة والنقل، كلها توقعها الدول اذا كانت في صالحها، وذلك لا يتعارض اطلاقا مع موقف الأردن السياسي السيادي من حل الدولتين، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على دولته وعلى العدالة المتأخرة، بل ان الاعتمادية المتبادلة تزيد وتقوي من فرص احقاق ذلك.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي