الأحداث التي شهدها مجتمعنا، خلال الأسبوع الفائت فقط، أفرزت أسوأ ما فينا، مجرد رصد لقطات “الكاميرا” التي طفحت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، تذهب بنا لعنوان واحد، وهو “الجنون”، أو، إن شئت الدقة، تدهور الجنون، وهي حالة يعرفها أطباء الأمراض النفسية، تزامن ذلك مع غياب صوت الحكماء والعقلاء، وبروز مشاهد “التوحش” لدى قطاعات مؤثرة، تتحدث في الدين والسياسة والأخلاق، لكن بمنطق مغشوش، يتعمد الانقضاض على الخصوم وإفحامهم، وتبرير الإساءة والكراهية والإقصاء.اضافة اعلان
أشير لثلاثة أحداث، المنازلة التي جرت باسم القرآن الكريم، وهو منها براء، والتسجيل الذي بثته إحدى الإذاعات لامرأة أساءت للأردنيين، وحادثة مقتل طالبة في إحدى الجامعات. لا أريد أن أدخل بتفاصيل هذه القضايا، ولا أسبابها، ألفت الانتباه، فقط، لما ترتب عليها داخل مجتمعنا من ردود أفعال وانقسامات واحتشادات، عكست بمجملها حالة الأردنيين، ومنظومتهم الاجتماعية، ودور النخب (خيباتهم: أدق) بتوجيه وترشيد الرأي العام، ثم سطوة الانفجار الإعلامي غير المنضبط، مع تراجع قدرة الدولة، بما تمتلكه من وسائل إعلامية، وغير إعلامية، على ضبط إيقاع المشهد العام بتطوراته المختلفة.
قلت: تراجع قدرة إدارة الدولة وأدواتها، هذا صحيح، لكن أسهل ما يمكن أن نفعله، كمجتمعات، هو أن نتقمص دور الضحايا الأبرياء، أو المظلومين، أو العاجزين، ثم نعلّق كل ما أصابنا، وما نفعله بأنفسنا، برقبة الحكومات، ونطمئن، بعدئذ، أننا قمنا بالواجب، وأن الأجيال المقبلة التي سنورثها أخطاءنا ستسامحنا.
لا يا سادة، نحن الأردنيين نتحمل قسطا كبيرا مما حدث ويحدث في مجتمعنا، مسؤولية الدولة والحكومات يجب ألا تحجب عنا حقيقة ما فعلنا، وما نفعله بأنفسنا، الأخطر من ذلك، أنه إذا قررنا الاستمرار بهذا الاتجاه، فإن النتيجة هي تدمير مجتمعنا بأيدينا، وأيدي غيرنا أيضا، حان الوقت لكي يصحو الأردنيون على واقعهم، ويخلعوا النظارات السوداء، ويتحرروا من العناد والمكابرة، ويتوقفوا عن إطلاق النار على أقدامهم، ثم حان الوقت لكي يعترفوا أن وطنهم (لا أقول دولتهم ولا بلدهم) يواجه زوبعة من الجنون، بفعل فاعل لا مجرد صدفة، حولتهم إلى أدوات لها، فلم نعد نسمع إلا هدير التطاحن والانقسام، والشتائم والجرائم، واللطم المتبادل، وهذه أسوأ وصفة لتدمير الذات، والأوطان التي بناها الآباء والأجداد.
ما فعلناه بأنفسنا ومجتمعنا يشبه، تماما، ما فعله الشاب القاتل الذي أطلق رصاصة مسدسه على فتاة بريئة، لا ذنب لها، ربما تقمص صورة شاب، من بلد آخر، جزّ رقبة فتاة أحبها، لكنها رفضته، هل يعقل أن يأخذنا خوفنا على بلدنا، أو يأسنا من إصلاح حكومتنا، أو تراكم الضغوطات على أعصابنا، أو أي استهانة بنا من قبل مسؤول، أو غير مسؤول، للانتقام من أنفسنا، وممارسة الجريمة ذاتها التي تورط فيها مثل هؤلاء الشباب البائسين؟
لقد أخطأنا، هذا الأسبوع تحديدا، ثلاث مرات: مرة حين رفعنا القرآن الكريم بوجوه بعضنا بعضا، وتنكرنا لتعاليمه التي تحث على الأخوة والاعتصام، والتثبت وعدم الإساءة، ثم فجرنا في الخصومة، وما نزال، ومرة ثانية حين رفعنا الكرامة الوطنية ضد من أساء للأردنيين، فأشهرنا سيوفنا للرد عليه، ووسعنا دائرة الإساءة والتجريح له ولغيره، حتى أسأنا لأنفسنا.
ثم أخطأنا، مرة ثالثة، حين انتصرنا لقيمة الحياة ضد قاتل أزهق روح فتاة بريئة، فتحولنا إلى قضاة، وانتهكنا خصوصيات الناس، وتجاهلنا حق الحياة للإنسان لننشغل بالتباسات التدين والمرأة والانفتاح، وكأننا أمة هجينة، ومجتمعات بلا هوية.
مهمة إنقاذ مجتمعنا من هذه الورطة يجب أن تكون بأيدينا، قبل أن ننتظر نزولها علينا كبركات من الحكومات، الحكماء والعقلاء هم المسؤولون عن القيام بهذا الواجب، أليس من المفارقات هنا أننا ذهبنا لتحديث ثلاث منظومات: السياسية، والاقتصادية، والإدارية، أما المنظومة الغائبة عن الإصلاح والتحديث فهي المنظومة الاجتماعية، واجب الأردنيين، كما قلت، أن يتحركوا لإصلاح هذه المنظومة، ولديهم ما يكفي من موروث، وقيم أصيلة، وطاقات إنسانية، لبناء مجالهم الاجتماعي والديني والثقافي، وإعادة صفو الوئام والمحبة والعيش المشترك لمجتمعهم، أليس كذلك؟
أشير لثلاثة أحداث، المنازلة التي جرت باسم القرآن الكريم، وهو منها براء، والتسجيل الذي بثته إحدى الإذاعات لامرأة أساءت للأردنيين، وحادثة مقتل طالبة في إحدى الجامعات. لا أريد أن أدخل بتفاصيل هذه القضايا، ولا أسبابها، ألفت الانتباه، فقط، لما ترتب عليها داخل مجتمعنا من ردود أفعال وانقسامات واحتشادات، عكست بمجملها حالة الأردنيين، ومنظومتهم الاجتماعية، ودور النخب (خيباتهم: أدق) بتوجيه وترشيد الرأي العام، ثم سطوة الانفجار الإعلامي غير المنضبط، مع تراجع قدرة الدولة، بما تمتلكه من وسائل إعلامية، وغير إعلامية، على ضبط إيقاع المشهد العام بتطوراته المختلفة.
قلت: تراجع قدرة إدارة الدولة وأدواتها، هذا صحيح، لكن أسهل ما يمكن أن نفعله، كمجتمعات، هو أن نتقمص دور الضحايا الأبرياء، أو المظلومين، أو العاجزين، ثم نعلّق كل ما أصابنا، وما نفعله بأنفسنا، برقبة الحكومات، ونطمئن، بعدئذ، أننا قمنا بالواجب، وأن الأجيال المقبلة التي سنورثها أخطاءنا ستسامحنا.
لا يا سادة، نحن الأردنيين نتحمل قسطا كبيرا مما حدث ويحدث في مجتمعنا، مسؤولية الدولة والحكومات يجب ألا تحجب عنا حقيقة ما فعلنا، وما نفعله بأنفسنا، الأخطر من ذلك، أنه إذا قررنا الاستمرار بهذا الاتجاه، فإن النتيجة هي تدمير مجتمعنا بأيدينا، وأيدي غيرنا أيضا، حان الوقت لكي يصحو الأردنيون على واقعهم، ويخلعوا النظارات السوداء، ويتحرروا من العناد والمكابرة، ويتوقفوا عن إطلاق النار على أقدامهم، ثم حان الوقت لكي يعترفوا أن وطنهم (لا أقول دولتهم ولا بلدهم) يواجه زوبعة من الجنون، بفعل فاعل لا مجرد صدفة، حولتهم إلى أدوات لها، فلم نعد نسمع إلا هدير التطاحن والانقسام، والشتائم والجرائم، واللطم المتبادل، وهذه أسوأ وصفة لتدمير الذات، والأوطان التي بناها الآباء والأجداد.
ما فعلناه بأنفسنا ومجتمعنا يشبه، تماما، ما فعله الشاب القاتل الذي أطلق رصاصة مسدسه على فتاة بريئة، لا ذنب لها، ربما تقمص صورة شاب، من بلد آخر، جزّ رقبة فتاة أحبها، لكنها رفضته، هل يعقل أن يأخذنا خوفنا على بلدنا، أو يأسنا من إصلاح حكومتنا، أو تراكم الضغوطات على أعصابنا، أو أي استهانة بنا من قبل مسؤول، أو غير مسؤول، للانتقام من أنفسنا، وممارسة الجريمة ذاتها التي تورط فيها مثل هؤلاء الشباب البائسين؟
لقد أخطأنا، هذا الأسبوع تحديدا، ثلاث مرات: مرة حين رفعنا القرآن الكريم بوجوه بعضنا بعضا، وتنكرنا لتعاليمه التي تحث على الأخوة والاعتصام، والتثبت وعدم الإساءة، ثم فجرنا في الخصومة، وما نزال، ومرة ثانية حين رفعنا الكرامة الوطنية ضد من أساء للأردنيين، فأشهرنا سيوفنا للرد عليه، ووسعنا دائرة الإساءة والتجريح له ولغيره، حتى أسأنا لأنفسنا.
ثم أخطأنا، مرة ثالثة، حين انتصرنا لقيمة الحياة ضد قاتل أزهق روح فتاة بريئة، فتحولنا إلى قضاة، وانتهكنا خصوصيات الناس، وتجاهلنا حق الحياة للإنسان لننشغل بالتباسات التدين والمرأة والانفتاح، وكأننا أمة هجينة، ومجتمعات بلا هوية.
مهمة إنقاذ مجتمعنا من هذه الورطة يجب أن تكون بأيدينا، قبل أن ننتظر نزولها علينا كبركات من الحكومات، الحكماء والعقلاء هم المسؤولون عن القيام بهذا الواجب، أليس من المفارقات هنا أننا ذهبنا لتحديث ثلاث منظومات: السياسية، والاقتصادية، والإدارية، أما المنظومة الغائبة عن الإصلاح والتحديث فهي المنظومة الاجتماعية، واجب الأردنيين، كما قلت، أن يتحركوا لإصلاح هذه المنظومة، ولديهم ما يكفي من موروث، وقيم أصيلة، وطاقات إنسانية، لبناء مجالهم الاجتماعي والديني والثقافي، وإعادة صفو الوئام والمحبة والعيش المشترك لمجتمعهم، أليس كذلك؟
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي