تعكس السجون (مراكز الإصلاح والتأهيل)، في الغالب، جزءا من صورة المجتمع وحالته، أو أنها، إن شئت الدقة، أحد الشهود على رصيدنا من الفشل والخيبات، كثيرون منا لا يتعاطفون مع المساجين، باعتبارهم مجرمين يستحقون العقاب، لا يخطر ببالهم أن هؤلاء إفراز لمجتمعنا، بما فيه من خير وشر، بعضهم ضلت أقدامهم للخطأ، وبعضهم، ربما، مظلومون، الأهم من ذلك، أنهم بحاجة الى الإصلاح ليستعيدوا عافيتهم وسويتهم، ليس من أجلهم، وإنما من أجلنا أيضا.اضافة اعلان
واقع السجون ببلدنا لا يختلف كثيرا عن واقع الحياة العامة، بما فيها من مؤسسات وإدارات، سواء بالمجال السياسي أو الاقتصادي أو الإداري..الخ، فهي تعاني من مشكلات وأزمات وتراجعات متراكمة، لم تشفع كثيرا من الخطط والاستراتيجيات بإيجاد ما يلزم لها من حلول، لا داخل المراكز المعدة للتوقيف، ولا للنزلاء في مهاجعهم، ولا أيضا للمفرج عنهم العائدين لبيوتهم، بعد انقضاء مدة محكوميتهم، ناهيك عن معالجة الظروف والأسباب التي دفعتهم لارتكاب الجرائم، أو الوقوع في “فخ” القانون.
يمكن، بالطبع، أن أستدعي بعض التجارب العالمية للتذكير بها، تجربة هولندا أو النرويج أو السويد، أو حتى اثيوبيا، بعض هذه الدول نجحت بإغلاق معظم سجونها، وسرحت العاملين فيها، ثم حولتها لفنادق ومستشفيات، أخرى اعتمدت أفضل الوصفات لإصلاح نزلائها، سواء بالتعليم والتثقيف، أو التأهيل المهني، أو العلاج النفسي والديني، فيما استغنت دول عن السجن كعقوبة، وطرحت له بدائل كخدمة المجتمع، أو “الإسوارة الالكترونية”، أو غير ذلك من العقوبات غير السالبة للحرية، ونحن ما نزال نحاول ونجرب في هذا المجال.
ما علينا، نحن نريد، على الأقل، ألا نتراجع أكثر، وأن ننجح بإصلاح ما يمكن إصلاحه، لدينا نحو 18 مركزا للإصلاح، يقبع فيها 19500 نزيل (احصائيات 2022)، فيما تبلغ سعة الاستيعاب 13 ألفا فقط، أي أن نسبة الاشغال زادت بنسبة 44 %، لدينا أيضا 21 ألف موقوف اداري و35 ألف موقوف قضائي(احصائيات 2020)، وتقدر الجهات الرسمية كلفة السجين الواحد بـ750 دينارا شهريا، ما يعني أن الخزينة تدفع سنويا أكثر من 156 مليون دينار، هذا إذا استثنينا تكلفة السجناء الترانزيت الذين يتم توقيفهم لفترة، ويخرجون، وما تدفعه وزارة التنمية الاجتماعية لعائلاتهم ( نحو 180 دينارا شهريا).
لكي نتصور المشكلة بصورة أوضح، خرج من المجتمع الأردني في خمس سنوات(2013ـ2017) مليون شخص مجرم، حسب دراسة وزارة العدل، وينتظر نحو مليون من الأردنيين صدور أحكام بتوقيفهم على ذمة شيكات بلا رصيد، هؤلاء المجرمون والمتعثرون يشكلون أكثر من 30 % من عدد الأردنيين، طاقة السجون لا تستوعب أكثر من 13 ألفا، وفيما يجري التفكير ببناء سجون جديدة، فإن ملف السجناء سيتجاوز مسألة التأهيل وإصلاح المجرمين إلى استيعاب الضيوف الآخرين، الذين أوقعتهم الظروف الاقتصادية بحفرة الدائنين، من البنوك وغيرها، هذا إن لم يتم إصدار تشريع لمنع حبس المدين.
سبق أن أشرت في دراستين علميتين، إحداهما عن “مجتمع السجون في الأردن”، والأخرى عن ” صدمة ما بعد الافراج” لواقع السجون، سواء بما يتعلق بالعلاقة بين السجناء والسجانين، أو بتكرار نسبة المكررين والعائدين (تتجاوز 50 %)، او قضايا التصنيف والعزل والاكتظاظ، وسوء المعاملة والخدمات، وبرامج التأهيل والإصلاح، ثم لأزمة المفرج عنهم الذين يرفضهم المجتمع غالبا، فيقررون العودة للسجن، باعتباره بيتهم البديل، ومصدر عيشهم” الكريم”، خرجت الدراستان، آنذاك، دون أن يسألني أحد عنهما، فأدرجتهما على رفوف المكتبة.
الآن، أصبح فتح ملف السجون ببلدنا واجبا، ليس فقط من قبل جهاز الأمن العام، أو المركز الوطني لحقوق الانسان، وإنما غيرهما من الجهات الاكاديمية، ومراكز البحوث الوطنية، وهو ملف خطير اجتماعيا، ومهم إنسانيا وماليا، لا اريد أن أقول: لكي نغلق عددا من السجون كما فعل غيرنا، وهذه أمنية، وإنما لتحسين ظروف نزلائها وإصلاحهم وتأهليهم، وإدماج المفرج عنهم في بيئات تساعدهم على استئناف حياتهم الطبيعية، ثم لحماية المجتمع من تصاعد أعداد الجرائم والمجرمين.
واقع السجون ببلدنا لا يختلف كثيرا عن واقع الحياة العامة، بما فيها من مؤسسات وإدارات، سواء بالمجال السياسي أو الاقتصادي أو الإداري..الخ، فهي تعاني من مشكلات وأزمات وتراجعات متراكمة، لم تشفع كثيرا من الخطط والاستراتيجيات بإيجاد ما يلزم لها من حلول، لا داخل المراكز المعدة للتوقيف، ولا للنزلاء في مهاجعهم، ولا أيضا للمفرج عنهم العائدين لبيوتهم، بعد انقضاء مدة محكوميتهم، ناهيك عن معالجة الظروف والأسباب التي دفعتهم لارتكاب الجرائم، أو الوقوع في “فخ” القانون.
يمكن، بالطبع، أن أستدعي بعض التجارب العالمية للتذكير بها، تجربة هولندا أو النرويج أو السويد، أو حتى اثيوبيا، بعض هذه الدول نجحت بإغلاق معظم سجونها، وسرحت العاملين فيها، ثم حولتها لفنادق ومستشفيات، أخرى اعتمدت أفضل الوصفات لإصلاح نزلائها، سواء بالتعليم والتثقيف، أو التأهيل المهني، أو العلاج النفسي والديني، فيما استغنت دول عن السجن كعقوبة، وطرحت له بدائل كخدمة المجتمع، أو “الإسوارة الالكترونية”، أو غير ذلك من العقوبات غير السالبة للحرية، ونحن ما نزال نحاول ونجرب في هذا المجال.
ما علينا، نحن نريد، على الأقل، ألا نتراجع أكثر، وأن ننجح بإصلاح ما يمكن إصلاحه، لدينا نحو 18 مركزا للإصلاح، يقبع فيها 19500 نزيل (احصائيات 2022)، فيما تبلغ سعة الاستيعاب 13 ألفا فقط، أي أن نسبة الاشغال زادت بنسبة 44 %، لدينا أيضا 21 ألف موقوف اداري و35 ألف موقوف قضائي(احصائيات 2020)، وتقدر الجهات الرسمية كلفة السجين الواحد بـ750 دينارا شهريا، ما يعني أن الخزينة تدفع سنويا أكثر من 156 مليون دينار، هذا إذا استثنينا تكلفة السجناء الترانزيت الذين يتم توقيفهم لفترة، ويخرجون، وما تدفعه وزارة التنمية الاجتماعية لعائلاتهم ( نحو 180 دينارا شهريا).
لكي نتصور المشكلة بصورة أوضح، خرج من المجتمع الأردني في خمس سنوات(2013ـ2017) مليون شخص مجرم، حسب دراسة وزارة العدل، وينتظر نحو مليون من الأردنيين صدور أحكام بتوقيفهم على ذمة شيكات بلا رصيد، هؤلاء المجرمون والمتعثرون يشكلون أكثر من 30 % من عدد الأردنيين، طاقة السجون لا تستوعب أكثر من 13 ألفا، وفيما يجري التفكير ببناء سجون جديدة، فإن ملف السجناء سيتجاوز مسألة التأهيل وإصلاح المجرمين إلى استيعاب الضيوف الآخرين، الذين أوقعتهم الظروف الاقتصادية بحفرة الدائنين، من البنوك وغيرها، هذا إن لم يتم إصدار تشريع لمنع حبس المدين.
سبق أن أشرت في دراستين علميتين، إحداهما عن “مجتمع السجون في الأردن”، والأخرى عن ” صدمة ما بعد الافراج” لواقع السجون، سواء بما يتعلق بالعلاقة بين السجناء والسجانين، أو بتكرار نسبة المكررين والعائدين (تتجاوز 50 %)، او قضايا التصنيف والعزل والاكتظاظ، وسوء المعاملة والخدمات، وبرامج التأهيل والإصلاح، ثم لأزمة المفرج عنهم الذين يرفضهم المجتمع غالبا، فيقررون العودة للسجن، باعتباره بيتهم البديل، ومصدر عيشهم” الكريم”، خرجت الدراستان، آنذاك، دون أن يسألني أحد عنهما، فأدرجتهما على رفوف المكتبة.
الآن، أصبح فتح ملف السجون ببلدنا واجبا، ليس فقط من قبل جهاز الأمن العام، أو المركز الوطني لحقوق الانسان، وإنما غيرهما من الجهات الاكاديمية، ومراكز البحوث الوطنية، وهو ملف خطير اجتماعيا، ومهم إنسانيا وماليا، لا اريد أن أقول: لكي نغلق عددا من السجون كما فعل غيرنا، وهذه أمنية، وإنما لتحسين ظروف نزلائها وإصلاحهم وتأهليهم، وإدماج المفرج عنهم في بيئات تساعدهم على استئناف حياتهم الطبيعية، ثم لحماية المجتمع من تصاعد أعداد الجرائم والمجرمين.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي