أثبتت السلطوية في العالم العربي مرونتها الفائقة في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية في بلدانها وإعادة اختراع نفسها بوسائل شتى لإبقاء استحواذها على السلطة وعدم مشاركة أي قوى سياسية في عملية صنع القرار. ولعل هذه النتيجة متوقعة تماما حين منعت هذه السلطوية أي تطوير جاد لمؤسسات الدولة عدا المؤسسة الأمنية، وبذلك ضمنت عدم إمكانية ملء الفراغ الذي قد تولده أي احتجاجات شعبية إلا من المؤسسة الوحيدة القادرة على ذلك، أي المؤسسة الأمنية. اضافة اعلان
شهد العالم العربي أمثلة عديدة على ذلك، فالمؤسسة العسكرية في مصر سيطرت على الدولة منذ العام 1952 وبأشكال متعددة ظاهرها مدني وحقيقتها أمنية، وحتى حين أدت الاحتجاجات في 2011 إلى الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، عاد العسكر إلى الحكم وبسلطوية اعلى مما كانت عليه قبل العام 2011.
غياب المؤسسات في ليبيا وسورية واليمن أدى لفراغ هائل في السلطة ولحروب داخلية ولمطالبة البعض بعودة السلطوية حماية لهذه البلدان، في تجاهل واضح لحقيقة ان هذه السلطوية شكلت السبب الرئيس في الانفجارات التي كان لا بد في تسببها بالفراغ طالما أن السلطة تقصدت عدم قيام مؤسسات فاعلة تحمي هذه البلدان وتضمن عودة الاستقرار بسرعة.
وحدها تونس من تعلمت الدرس منذ اللحظة الأولى وشرعت في بناء مؤسساتها التشريعية والحزبية حتى لا يُخلق فراغ يؤدي إلى الفوضى. لكن السلطوية في عالمنا العربي ترفض استيعاب هذا الدرس، بل تتجاهله لأن إقرارها به إقرار بفشلها في تنمية بلدانها.
هل تعني هذه “المرونة” قوة السلطوية في الوطن العربي؟ على العكس، فإن تطورات العقد الماضي قد أظهرت هشاشة السلطوية العربية، ففي حين أظهرت هذه السلطوية قدرة فائقة على القمع، فقد أظهرت ايضا وبنفس المقدار فشلا ذريعا في تقديم الحلول الناجعة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه شعوبها. وبذلك، لم تعد حجة “نحن أو الفراغ” بذات درجة إقناعها السابق. وأصبح لسان حال المواطن العربي وللأسف يفضل الفراغ احيانا على إعادة تدوير السلطوية بحلل جديدة تنتج نفس الإخفاقات القديمة.
ما يحدث في الجزائر والسودان اليوم أمثلة حية على شعوب لم تعد تقبل بالحجج القديمة التي تبقي أنظمة تحتكر صناعة القرار وتحتكر الفشل ايضا، وتحتمي بغياب المؤسسات التي تسببت هي بعدم تطويرها، وبدأت تدرك هذه الشعوب ان ثنائية السلطوية أو الفراغ دوامة لا تنتهي ولا تؤدي إلى استقرار أو ازدهار. لم يعد الشعبان الجزائري والسوداني يقبلان بالحل العسكري حتى مع ضعف مؤسساتهما المدنية.
بعد انتهاء عاملي الخوف العام 2011 والمال الريعي العام 2014 باتت هشاشة السلطوية في الوطن العربي ماثلة للعيان، فقد نضبت عوامل استدامتها بينما تعرت عوامل فشلها في معالجة مشاكل شعوبها. هي إذن سلطوية هشة يمكن للغضب الشعبي تهديدها في أي لحظة، كما أظهرت ذلك مصر وتونس واليمن وليبيا وسورية والجزائر والسودان.
ما هو الدرس المستخلص؟ بكل بساطة، السلطوية ليست حلا مستداما، وقد أصبحت معرضة للاهتزاز في أي لحظة، ما يعني أن تأجيل الإصلاح السياسي بانتظار ظروف أفضل لم تعد حجة تقنع شعوبا محبطة وغاضبة، كما ان ترف الوقت اللامتناهي يتلاشى يوميا. الحل المستدام يكمن في بناء المؤسسات التي تضمن توسيع قاعدة صنع القرار، ففي ذلك وحده حماية للأنظمة والبلاد.
لقد تغير العالم بدرجة كبيرة في العقود الماضية، ولا يعقل ان يستمر الإصرار على التقوقع وانماط التفكير المستهلكة، ففي ذلك تذكرة للخروج من دورة التاريخ.
شهد العالم العربي أمثلة عديدة على ذلك، فالمؤسسة العسكرية في مصر سيطرت على الدولة منذ العام 1952 وبأشكال متعددة ظاهرها مدني وحقيقتها أمنية، وحتى حين أدت الاحتجاجات في 2011 إلى الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، عاد العسكر إلى الحكم وبسلطوية اعلى مما كانت عليه قبل العام 2011.
غياب المؤسسات في ليبيا وسورية واليمن أدى لفراغ هائل في السلطة ولحروب داخلية ولمطالبة البعض بعودة السلطوية حماية لهذه البلدان، في تجاهل واضح لحقيقة ان هذه السلطوية شكلت السبب الرئيس في الانفجارات التي كان لا بد في تسببها بالفراغ طالما أن السلطة تقصدت عدم قيام مؤسسات فاعلة تحمي هذه البلدان وتضمن عودة الاستقرار بسرعة.
وحدها تونس من تعلمت الدرس منذ اللحظة الأولى وشرعت في بناء مؤسساتها التشريعية والحزبية حتى لا يُخلق فراغ يؤدي إلى الفوضى. لكن السلطوية في عالمنا العربي ترفض استيعاب هذا الدرس، بل تتجاهله لأن إقرارها به إقرار بفشلها في تنمية بلدانها.
هل تعني هذه “المرونة” قوة السلطوية في الوطن العربي؟ على العكس، فإن تطورات العقد الماضي قد أظهرت هشاشة السلطوية العربية، ففي حين أظهرت هذه السلطوية قدرة فائقة على القمع، فقد أظهرت ايضا وبنفس المقدار فشلا ذريعا في تقديم الحلول الناجعة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه شعوبها. وبذلك، لم تعد حجة “نحن أو الفراغ” بذات درجة إقناعها السابق. وأصبح لسان حال المواطن العربي وللأسف يفضل الفراغ احيانا على إعادة تدوير السلطوية بحلل جديدة تنتج نفس الإخفاقات القديمة.
ما يحدث في الجزائر والسودان اليوم أمثلة حية على شعوب لم تعد تقبل بالحجج القديمة التي تبقي أنظمة تحتكر صناعة القرار وتحتكر الفشل ايضا، وتحتمي بغياب المؤسسات التي تسببت هي بعدم تطويرها، وبدأت تدرك هذه الشعوب ان ثنائية السلطوية أو الفراغ دوامة لا تنتهي ولا تؤدي إلى استقرار أو ازدهار. لم يعد الشعبان الجزائري والسوداني يقبلان بالحل العسكري حتى مع ضعف مؤسساتهما المدنية.
بعد انتهاء عاملي الخوف العام 2011 والمال الريعي العام 2014 باتت هشاشة السلطوية في الوطن العربي ماثلة للعيان، فقد نضبت عوامل استدامتها بينما تعرت عوامل فشلها في معالجة مشاكل شعوبها. هي إذن سلطوية هشة يمكن للغضب الشعبي تهديدها في أي لحظة، كما أظهرت ذلك مصر وتونس واليمن وليبيا وسورية والجزائر والسودان.
ما هو الدرس المستخلص؟ بكل بساطة، السلطوية ليست حلا مستداما، وقد أصبحت معرضة للاهتزاز في أي لحظة، ما يعني أن تأجيل الإصلاح السياسي بانتظار ظروف أفضل لم تعد حجة تقنع شعوبا محبطة وغاضبة، كما ان ترف الوقت اللامتناهي يتلاشى يوميا. الحل المستدام يكمن في بناء المؤسسات التي تضمن توسيع قاعدة صنع القرار، ففي ذلك وحده حماية للأنظمة والبلاد.
لقد تغير العالم بدرجة كبيرة في العقود الماضية، ولا يعقل ان يستمر الإصرار على التقوقع وانماط التفكير المستهلكة، ففي ذلك تذكرة للخروج من دورة التاريخ.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي