تشكو الحكومة، أي حكومة، من “ورثة” الحكومات التي سبقتها، ثم تنشغل بثلاثة واجبات لإدارة هذه “التركة” الثقيلة، تفتح، أولا، الملفات وتحاول تصحيح ما تم اتخاذه من قرارات، أو تخفيف ما تسببت به من خسائر.اضافة اعلان
تغطي، ثانيا، أمام الرأي العام، على الوعود التي أطلقها مسؤولون سابقون ولم تتحقق، وربما تضطر للصمت على أكاذيب اكتشفتها، على قاعدة عدم الجهر بالسوء.
ثم تتفرغ، ثالثا، لامتصاص غضب الشارع وردود أفعاله واتهاماته، بالدفاع عن نفسها أحيانا، أو مسايرته باتخاذ قرارات شعبوية، أو بالانكفاء على ذاتها، وعدم الإفصاح عن المعلومات الصحيحة.
معظم الحكومات تكتشف أن سابقاتها “ورطتها” في قضايا عديدة، وأن عليها أن تدفع ضريبة أخطاء الماضي، لا أحد، بالطبع، يعترف بأخطائه، المسؤولون السابقون، غالبا، حين يخرجون لمواجهة الجمهور، يتفاخرون بجردة إنجازاتهم، ويصرون على أنهم ضحية لمجتمع لا يقدر النجاح والإنجاز، أو لقوى تحالفت ضدهم.
قدر الأردنيين أن يدخلوا بهذه “المتاهة”، ويدوروا فيها، فدماء الفشل تتوزع بين الحكومات والإدارات، وغياب المساءلة والمحاسبة يسمح للجميع أن يزاود على الجميع، وعدوى الشكوى والنميمة والدسائس الاجتماعية والسياسية، تنتقل من الناس إلى المسؤولين، وبالعكس أيضا.
نحن الأردنيين، إذا، ندفع فاتورة هذه “المتاهة”، نتيجة أخطاء قرارات غير مدروسة، اتخذتها حكومات متعاقبة، وغالبا لا تتعلم من أخطائها، فتكررها أو تحاول تصحيحها، بالترقيع أو التأجيل.
وعليه يمكن أن نفهم لماذا تعمل الحكومات بنظام “المياومة” ولماذا يتبرأ المسؤولون من أفعال من سبقهم، فيبدأون عملهم من الصفر، ويضعون الملفات والإستراتيجيات التي “عثروا” عليها بتوقيع أسلافهم بالأدراج.
يمكن أن نفهم، أيضا، لماذا يتحول بعض المسؤولين المتقاعدين إلى معارضين، ويتعمدون انتقاد ما يصدر عن “خلفهم” من قرارات بقسوة وانتقام أحيانا، ولماذا يتصرفون وكأنهم ما زالوا في مواقعهم (على قيد الوظيفة)، يلاحقون أخبار المؤسسات والوزارات التي خرجوا منها، وكأنهم مكلفون بإدارتها ومتابعة أمورها، ليس بدافع الحرص أو حتى الفضول، وإنما بدافع الدس والتشويش، وربما إزاحة القائم، طمعا في العودة مرة أخرى.
لا يمكن إصلاح الإدارة العامة، وإعادة العافية إلى جسدها، بدون إصلاح “الرؤوس” الإدارية التي تحركها، أقصد طبقة المسؤولين الأولى، الإصلاح، هنا، يبدأ من آليات التعيين والاختيار، ثم المراقبة والمحاسبة، وصولا لتكريس ثقافة أخلاقيات التداول على المواقع العامة، للتحرر من الفجور في الخصومة، وتصفية الحسابات، والتغطية على أخطاء السابقين، وتفكيك منظومة الدسائس والوشايات التي تلاحق من يتبوأ المسؤولية من قبل زملائه السابقين والمتقاعدين.
ترسيخ هذه الثقافة ممكن، إذا اقتنع الأردنيون أن “ماكينة” الحكومات تتحرك على سكة العدالة والشفافية والنزاهة، وأن الوظيفة العامة خدمة عامة وتكليف، وليست مغانم توزع، على المحاسيب والمعارف، هنا وهناك.
قلت: إصلاح “رؤوس” الإدارة العامة، وذلك لسبب بسيط، وهو أنهم المكلفون والمعنيون برسم السياسات واتخاذ القرارات، تصور، مثلا، أننا ندفع، الآن، ضريبة اتفاقية للمياه مع سورية، تم توقيعها عام 1987، ولم تتضمن أي بند يعطينا حق الحصول على المياه، من هو المسؤول؟
تصور، ثانيا، أن تأجيل اتخاذ قرار إقامة مشروع وطني للمياه، عابر للحكومات، منذ أكثر من 10 سنوات، مع أنه كان ممكنا، ندفع الآن ثمنه باختناقنا مائيا، لا نعرف من هو المسؤول.
تصور، ثالثا، أن قرارا بإنشاء عشرات الهيئات المستقلة كلفنا المليارات، واحتقانات اجتماعية أيضا، والآن لا يستطيع أحد أن يلغيها، ومع اعتراف الجميع أنه كان خطأ كبيرا، نتوجه لدمج بعضها، فيما ستبقى المشكلة تلاحقنا لسنوات طويلة قادمة، وقد تم تسجيل الخطأ في خانة “مجهول”.
تصور، رابعا، أن تقديرات مسؤول لقيمة بيع الطاقة مع بعض شركات توزيع الكهرباء، كبدتنا ملايين الدنانير، واضطرت حكومات لاتخاذ قرارات صعبة أضرت بالموازنة والمواطنين، حتى جاء الآن وقت التفكير بتصحيح معادلة التسعير، هذا إذا قدر الله لها أن تنجح. أتوقف هنا، وفهمكم كفاية.
تغطي، ثانيا، أمام الرأي العام، على الوعود التي أطلقها مسؤولون سابقون ولم تتحقق، وربما تضطر للصمت على أكاذيب اكتشفتها، على قاعدة عدم الجهر بالسوء.
ثم تتفرغ، ثالثا، لامتصاص غضب الشارع وردود أفعاله واتهاماته، بالدفاع عن نفسها أحيانا، أو مسايرته باتخاذ قرارات شعبوية، أو بالانكفاء على ذاتها، وعدم الإفصاح عن المعلومات الصحيحة.
معظم الحكومات تكتشف أن سابقاتها “ورطتها” في قضايا عديدة، وأن عليها أن تدفع ضريبة أخطاء الماضي، لا أحد، بالطبع، يعترف بأخطائه، المسؤولون السابقون، غالبا، حين يخرجون لمواجهة الجمهور، يتفاخرون بجردة إنجازاتهم، ويصرون على أنهم ضحية لمجتمع لا يقدر النجاح والإنجاز، أو لقوى تحالفت ضدهم.
قدر الأردنيين أن يدخلوا بهذه “المتاهة”، ويدوروا فيها، فدماء الفشل تتوزع بين الحكومات والإدارات، وغياب المساءلة والمحاسبة يسمح للجميع أن يزاود على الجميع، وعدوى الشكوى والنميمة والدسائس الاجتماعية والسياسية، تنتقل من الناس إلى المسؤولين، وبالعكس أيضا.
نحن الأردنيين، إذا، ندفع فاتورة هذه “المتاهة”، نتيجة أخطاء قرارات غير مدروسة، اتخذتها حكومات متعاقبة، وغالبا لا تتعلم من أخطائها، فتكررها أو تحاول تصحيحها، بالترقيع أو التأجيل.
وعليه يمكن أن نفهم لماذا تعمل الحكومات بنظام “المياومة” ولماذا يتبرأ المسؤولون من أفعال من سبقهم، فيبدأون عملهم من الصفر، ويضعون الملفات والإستراتيجيات التي “عثروا” عليها بتوقيع أسلافهم بالأدراج.
يمكن أن نفهم، أيضا، لماذا يتحول بعض المسؤولين المتقاعدين إلى معارضين، ويتعمدون انتقاد ما يصدر عن “خلفهم” من قرارات بقسوة وانتقام أحيانا، ولماذا يتصرفون وكأنهم ما زالوا في مواقعهم (على قيد الوظيفة)، يلاحقون أخبار المؤسسات والوزارات التي خرجوا منها، وكأنهم مكلفون بإدارتها ومتابعة أمورها، ليس بدافع الحرص أو حتى الفضول، وإنما بدافع الدس والتشويش، وربما إزاحة القائم، طمعا في العودة مرة أخرى.
لا يمكن إصلاح الإدارة العامة، وإعادة العافية إلى جسدها، بدون إصلاح “الرؤوس” الإدارية التي تحركها، أقصد طبقة المسؤولين الأولى، الإصلاح، هنا، يبدأ من آليات التعيين والاختيار، ثم المراقبة والمحاسبة، وصولا لتكريس ثقافة أخلاقيات التداول على المواقع العامة، للتحرر من الفجور في الخصومة، وتصفية الحسابات، والتغطية على أخطاء السابقين، وتفكيك منظومة الدسائس والوشايات التي تلاحق من يتبوأ المسؤولية من قبل زملائه السابقين والمتقاعدين.
ترسيخ هذه الثقافة ممكن، إذا اقتنع الأردنيون أن “ماكينة” الحكومات تتحرك على سكة العدالة والشفافية والنزاهة، وأن الوظيفة العامة خدمة عامة وتكليف، وليست مغانم توزع، على المحاسيب والمعارف، هنا وهناك.
قلت: إصلاح “رؤوس” الإدارة العامة، وذلك لسبب بسيط، وهو أنهم المكلفون والمعنيون برسم السياسات واتخاذ القرارات، تصور، مثلا، أننا ندفع، الآن، ضريبة اتفاقية للمياه مع سورية، تم توقيعها عام 1987، ولم تتضمن أي بند يعطينا حق الحصول على المياه، من هو المسؤول؟
تصور، ثانيا، أن تأجيل اتخاذ قرار إقامة مشروع وطني للمياه، عابر للحكومات، منذ أكثر من 10 سنوات، مع أنه كان ممكنا، ندفع الآن ثمنه باختناقنا مائيا، لا نعرف من هو المسؤول.
تصور، ثالثا، أن قرارا بإنشاء عشرات الهيئات المستقلة كلفنا المليارات، واحتقانات اجتماعية أيضا، والآن لا يستطيع أحد أن يلغيها، ومع اعتراف الجميع أنه كان خطأ كبيرا، نتوجه لدمج بعضها، فيما ستبقى المشكلة تلاحقنا لسنوات طويلة قادمة، وقد تم تسجيل الخطأ في خانة “مجهول”.
تصور، رابعا، أن تقديرات مسؤول لقيمة بيع الطاقة مع بعض شركات توزيع الكهرباء، كبدتنا ملايين الدنانير، واضطرت حكومات لاتخاذ قرارات صعبة أضرت بالموازنة والمواطنين، حتى جاء الآن وقت التفكير بتصحيح معادلة التسعير، هذا إذا قدر الله لها أن تنجح. أتوقف هنا، وفهمكم كفاية.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي