وسبق أن أطلقت المقاومة سلسلة عمليات "حجارة داود"، والتي كانت هي الأخرى مستمدة من الموروث القرآني، وكلا الاسمين يشير إلى إمكانية انتصار الضعيف على القوي رغم التفاوت المهول في القوة، كما يقول المحلل السياسي ساري عرابي.
وفي حين أعلن جيش الاحتلال بدء المرحلة الثانية من "عربات جدعون 2″، قال مصدر في المقاومة إن كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أطلقت "عصا موسى"، مؤكدا أنها "ستصنع المعجزات".
ووفقا للمصدر، فقد بدأت المقاومة باكورة عملياتها في حي الزيتون وجباليا بعد ساعات من إطلاق إسرائيل "عربات جدعون 2″، مضيفا أن "العدو شاهد جاهزيتنا للقتال، وما رآه كان غيضا من فيض".
وتحمل هذه التسميات -برأي عرابي- دلالة دينية واضحة وإشارة إلى تمسك الفلسطينيين بمواجهة آلة الظلم بما لديها من إمكانيات، كما واجه داود ظلم جالوت بالحجر، وكما واجه موسى عليه السلام تجبر فرعون بعصاه.
كما تشير "عصا موسى" إلى أن الفلسطينيين هم ورثة موسى في هذه الأرض وليسوا الإسرائيليين الذين بنوا وجودهم وحروبهم على أساطير لا أساس لها، وفق عرابي.
والأهم من ذلك، حسب عرابي، أن الحرب اتخذت منحى يبدو مشابها للموروث الديني، حيث تسعى إسرائيل من "عربات جدعون 2" لملاحقة الفلسطينيين بحيث يكون الجيش من خلفهم والبحر من أمامهم، كما فعل فرعون مع موسى وقومه، الذين انتصروا بمعجزة العصا.
لذلك، فإن المقصود من تسمية "عصا موسى"، من وجهة نظر المتحدث، أن المقاومة تقول بوضوح إنها لن تستسلم لهذه القوة المتجبرة، وإنها ستحارب بما لديها، معتمدة على صمود الفلسطينيين الذين يمثلون الثروة الحقيقة.
وفي الميدان، ترسل "عصا موسى" إشارة واضحة على ما ينتظر إسرائيل في مدينة غزة ووسط القطاع، لأن الأداء في القتال لا بد وأن يتماشى مع الاسم الرمزي للعملية، مما يعني أن المقاومة تعد بتحقيق معجزة، كما يقول الخبير العسكري اللواء فايز الدويري.
ومن المتوقع أن تواجه إسرائيل مواجهة عنيفة في مدينة غزة التي تضم أنفاقا أكثر بكثير من تلك التي كانت في المناطق التي دخلتها قوات الاحتلال خلال الشهور الـ22 الماضية، برأي الدويري.
وإلى جانب الأنفاق، فإن كثرة المنازل وطبيعة الشوارع ستعيق حركة الآليات وستضع قوات الاحتلال في مواجهة حرب شوارع، يعتقد الخبير العسكري أنها ستكبدها خسائر أكبر بكثير مما تتوقع.
فقد غيرت المقاومة طريقة حربها بشكل كامل في الشهور الأخيرة، وبعد أن كانت تعتمد الصدام المباشر والمواجهات المفتوحة، أصبحت -وفق الدويري- تعتمد على الكمن والإغارة وتنفيذ العمليات بأقل عدد ممكن من المقاتلين حتى تقتصد في قوتها التي تراجعت بسبب الضربات الإسرائيلية وطول فترة الحرب مع غياب الإمداد.
ويمكن القول، إن الكمائن التي جرت أخيرا في الزيتون وجباليا وخان يونس، كانت رسالة بما ستواجهه إسرائيل خلال "عربات جدعون 2".
وحتى خروج قوة النخبة من تحت الأرض خلال عمليات تبادل الأسرى "لم يكن إلا رسالة لإسرائيل على نوع المقاتلين الذين سيواجهونها في مدينة غزة، التي لن يكون دخولها نزهة على الأرجح"، برأي الدويري.
ويحمل إعلان "عصا موسى"، دلالة مهمة في توقيته لأنه سيزيد الانشقاق الإسرائيلي بشأن احتلال مدينة غزة، وسيعزز خوف الإسرائيليين من خسارة مزيد من الجنود والأسرى، كما يقول المحلل السياسي عادل شديد.
فكما تحاول إسرائيل تخويف المقاومة والفلسطينيين بالدعاية الإعلامية الكبيرة المصاحبة لعربات جدعون 2، تحاول المقاومة، وفق شديد، أيضا تعريف الإسرائيليين بأن الجميع سيتفاوض تحت القصف، وأن الخسائر لن تقتصر على الجانب الفلسطيني فقط.
ويستمد هذا الإعلان أهميته، حسب شديد، من أن الشارع الإسرائيلي لم يعد يشكك في ما تقوله المقاومة التي توثق كل شيء، وقد زادت هذه الثقة أخيرا بشكل كبير، مما يعني أن الجانب الفلسطيني يحاول تغذية الغضب الإسرائيلي ضد الحكومة بإقناعهم أنهم على وشك تكبد مزيد من الخسارة التي يمكن تجنبها بالتوصل لاتفاق.
ولأنهم يخافون على الجنود والأسرى وليس على حياة الفلسطينيين، فمن الممكن أن يتفاعل الإسرائيليون مع هذا الإعلان بإظهار مزيد من الرفض لعربات جدعون 2، المستمدة من أسطورة دينية بعدما أطلقت المقاومة "عصا موسى" التي تحمل هي الأخرى دلالة دينية مهمة لدى اليهود، كما يقول شديد.
الجزيرة
-
أخبار متعلقة
-
وزير المالية الإسرائيلي: سنفرض السيادة على 82% من الضفة الغربية
-
شهيد برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة في نابلس
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى وينفذون جولات استفزازية
-
صحة غزة: 6 شهداء بينهم طفل نتيجة المجاعة وسوء التغذية
-
5 شهداء بقصف على شقة بمدينة غزة
-
الاحتلال ينسف مباني سكنية بمدينتي غزة وخان يونس
-
3 شهداء بقصف على مدينة غزة
-
المجلس الأوروبي يعرب عن قلقه إزاء حجم الكارثة الإنسانية في غزة