السبت 2024-11-23 10:58 م
 

الصحة الحكومية توقظ شهوة النقد لدى الاف المراجعين

66662222
02:16 م

يقضي كركي خمسيني وزوجته وطفلهما ذو السنوات العشر ليلتهم في السيارة جوار مستشفى الجامعة الاردنية، ليفوز الطفل بصورة طبقية تستدعيها حالته الصحية، اذ لا يوجد في محافظة الكرك مثل هذا الجهاز.

في غور الصافي المشهور بفقره، يحمل بعض الفقراء بطاقة تأمين صحي، لكنها لم تشفع لشاب باسمال بالية مسافة طويلة، ليصل المركز الطبي في الساعة الحادية عشرة، إلا أن الطبيب المتخصص لم يكن موجودا، فالبرنامج الاسبوعي يلزمه بالدوام يومين فقط.

أما في الشونة الجنوبية، فتكاد عيادات الاطباء في مركز الرامة الصِّحي تخلو منهم، فهم يتسامرون في مجموعات في أحد المكاتب، أو تحت اشعة الشمس الدافئة، غير عابئين بالمرضى المنتظرين. أبرز ما يلفت الانتباه في المكان، تهالك أرضيته وتكسّر وحدات الدرج فيه، وصدأ وعفونة غزت بعض جدرانه.

ففي الشونة الجنوبي ادعت مندوبة وكالة الانباء الاردنية(بترا) بانها تعاني من دوار في الرأس، فاستقبلها موظف نادى بدوره على الممرضة لقياس ضغطها، فتم تشخيص الضغط بانه مرتفع نسبيا، وبعد ان خرجت الى مركز صحي في المنطقة ابلغوها بان الضغط طبيعي، وكل ذلك تم دون فتح ملف طبي.

في العيادة ذاتها، ظهر الطبيب بعد تلكؤ وهو لا يحمل أي بطاقة تعريفية، فبادر بأسئلة لا علاقة لها بالمرض، مثل سبب زيارة المندوبة للشونة ورأيها بالمواصلات، إلى أن وصل للحديث عن شكواها المرضية، فطلب اليها إجراء تحاليل مخبرية لا يمكن اجراؤها الا يومي الأحد والأربعاء.

وزارة الصحة وصفت عبارة "التشخيص الخاطئ" بانها تعبير غير دقيق وغير واقعي، وأن من يقوم بتشخيص الأمراض وعلاجها هم اطباء واطباء اختصاص، واذ ما كان هناك حاجة الى تشخيص متقدم لا تتوفر سبله في المستشفى وهو أمر معروف عالميا فيتم تحويل المرضى الى المستشفيات التحويلية التي تتوفر فيها سبل التشخيص والعلاج المتقدم.

"سلطان علي" كان يراجع مستشفى الشونة الجنوبية الحاصل على الاعتمادية قال، إن المستشفى يفتقر لتخصصات العظام والاسنان والعيون والعلاج الطبيعي، وما يزيد الطين بِلّةً هو تحويل بعض مراجعي المراكز الصحية القريبة الى مستشفيي الشونة والسلط.
تتفاقم المعاناة في قسم طوارئ الشونة الذي يخلو من المسعفين والموظفين والصيادلة، فلا توجد سوى ممرضة واحدة كانت "فضّة" في تعاملها مع المراجعين حسب قولهم. أما عيادات الاختصاص في المستشفى، فيقول موظف إنها لا تستقبل المرضى الا في ايام محددة، وكانت لافتة طوابير المراجعين الطويلة، وروت إحدى المراجعات إنها لن تحظى بالدخول الى الطبيب لأن الدوام شارف على الانتهاء، رغم مجيئها باكرا.

على بوابة مركز الروضة الصحي، ملصقات إعلانية عن دروس خصوصية وبيوت للإيجار، بينما كان باب الطوارئ مغلقا بوجه المراجعين، وهناك كرسي متهالك للإنتظار، والمراجعون باختلاف أعمارهم يتكدسون قرب باب غرفة الطبيب، بانتظار الدخول.
بائع متجول على باب المركز قال إن المركز يفتح أبوابه الساعة التاسعة صباحا ويغلق في الثانية عشرة ظهرًا، مشيرا إلى أنه لا يستقبل سوى حالات الرشح والزكام، وعند سؤاله عن الاطباء قال: "طاشين". تشكو مراجعة رفقة طفلها المريض أن الطبيب لم يقم بفحصه أصلا على الرغم من انه وصف لها العلاج لكنه غير متوفر في المركز لتضطر لشرائه من الخارج.

الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة حاتم الأزرعي علق على الرقابة على كوادرها بأن الوزارة تقوم بدورها على هذا الصعيد واذا ما كانت هنالك مخالفات للقوانين والانظمة فإنها تحت المسؤولية القانونية، و هناك زيارات ميدانية وطرق لتلقي الملاحظات والشكاوى واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين سواء كانوا افرادا او مؤسسات.
في مستشفى الاميرة بسمة، تُراجع والدة اسامة المصاب بسكري الأطفال من الدرجة الأولى منذ سنتين، العيادات الخارجية شهريا لصرف الدواء، وكل 3 شهور لمراجعة الطبيب المتخصص لمتابعة حالة ابنها ذي الـ 7 سنوات، واصفة رحلتها ب"عناء" طويل لا ينتهي، تصادف بها مشكلات أبرزها عدم توفر طبيب متخصص لحالة أسامة، ويقوم "طبيب عام" بدوره، وعدم توفر الدواء اللازم وبشكل دائم، اذ يحتاج المصاب بسكري الأطفال لإبر الأنسولين والدواء على الدوام فلا حياة دونه بدونه، وبالتالي فهي تضطر لشرائه من الخارج بثمن مرتفع.
ام اسامة تقول إن المعاناة مردها الاجراءات الطويلة والمعقدة لها والفوضى أمام المحاسبة والسجل والعيادات والصيدلية، وتطلب من الوزارة تقليص الاجراءات وتعزيز مرونتها، وتوفير أطباء الاختصاص والأدوية واعتماد نوعيات ذات جودة عالية خصوصا لمرضى السكري.

اضافة اعلان


في العيادات الخارجية للمستشفى، يشكو مراجعون تردي الخدمات العامة، وعدم توفر الدواء المخصص للصرف بشكل مستمر، وعدم اعتماد آلية واضحة لتنظيم الدور بين المراجعين، إلى جانب النقص الواضح بالكوادر الطبية والتمريضية في المستشفى، واعتماد مختبر طبي لا يلبي تطلعات المرضى ولا يستوعب الأعداد "الكبيرة" منهم يومياً.


فترات انتظار طويلة يصفها مراجعون عند تلقي العلاج أو صرف الدواء، والتي تمتد لساعات فضلا عن الازدحام الشديد أمام العيادات والصيدلية والمحاسبة والمختبر والأشعة، ما يشكل عبئاً إضافياً على المرضى خصوصا كبار السن.


مريضة القلب "صفاء عبدالله" تعتبر أن واقع الخدمات الصحية المقدمة للمرضى ما تزال دون المستوى، وأن واقع الحال والشواهد العامة في المستشفيات الحكومية ولا سيما مستشفى الأميرة بسمة وعياداته الخارجية تؤكد ذلك، حيث تحتاج يوماً كاملاً لاجراء فحص دم في المختبر وغالباً لا تستطيع اجراؤه لأنه يتوقف عن استقبال العينات عند الساعة 11 صباحاً، وعليها أن تمر بسلسلة طويلة من الاجراءات الطويلة التي يتخللها الوقوف في "طوابير" لا تنتهي قبل التوجه لتسليم العينة، فضلاً عن حالات الازدحام والضغط الشديدين.

تضيف أن تكرار حالات عدم توفر الدواء أمر لا يمكن تقبله أبداً، خصوصا للمرضى المصابين بأمراض مزمنة ولا يستطيعون العيش دونها، كما أن النقص الواضح في عدد الأطباء ولا سيما أطباء الاختصاص أصبح يشكل ضغطاً إضافياً على المريض والمستشفى في آن واحد.
في مستشفى غور الصافي الحارة، يلفت الانتباه وجود الذباب بكثرة مع حديث وزارة الصحة عن مكافحة مستمرة، بينما يؤكد المراجعون ان الحال في الصيف أسوأ من ذلك بكثير.

محمد بن يحيى الرازي الملقب ب "أبو الطب" وعندما تم تكليفه باختيار موقع لمستشفى في مدينة بغداد، اختار عدة أماكن ووضع فيها قطعا من اللحم النيئ، وراقب أيُّ هذه القطع تعفنت وفسدت أولا وأخيرا، وقرر بناء المستشفى في المكان التي تعفنت فيه أخيرا، معتبرا ان مكانها هو الانقى هواء وهي المكان المناسب للبناء، وفي الأغوار المنطقة المنخفضة جدا تقول وزارة الصحة ان لديها مصفوفة معايير لاستحداث مستشفى جديد، أبرزها عدد السكان في المنطقة والبعد عن اقرب مستشفى ووجود قطعة أرض ومخصصات مالية، إضافة الى معيار توفر طبيب وممرض لكل عشرة الاف نسمة في المحافظة. كما تخص نقاط لكل معيار من هذه المعايير ويتم على ضوء مجموع النقاط تحديد اولويات بناء مستشفى جديد او توسعة مستشفى قائم في المنطقة، اذ صنفت الاولويات الى قصوى ومتوسطة او ليس ضمن الاولويات في المرحلة التي يتم فيها دراسة الواقع.

 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة