السبت 2024-11-23 03:14 م
 

صناعة القرار و المشهد السياسي

08:57 ص
ما أن انتهت الانتخابات النصفية الأميركية بعودة الحزب الديموقراطي الأميركي لسلطة اتخاذ القرار حتى توالت بتسارع الأحداث وبرزت مناخات جديدة لمعطيات سياسية كانت «قيد التنفيذ» عندما طالت فرض حلول تاريخية لقضايا مركزية وتم الشروع بتعميد محاورها الأساسية على الصعيد الاقليمي وترسيم نهجها الذي بات جاهزا للتطبيق في المستقبل وبدأ التجهيز للاعلان عن الصورة النهائية مع بداية العام القادم.اضافة اعلان


لكن مع عودة حالة الاتزان لصناعة القرار الأميركي كما يصف ذلك بعض المتابعين حتى بدأت متغيرات سياسية عديدة طالت بريطانيا وحكومة تريزا ماي ومناخات أخرى جنحت باتجاه الرياض بتسييس قضية الخاشقجي واتجاهات ثانية استهدفت انهاء حالة العنف في اليمن هذا اضافة لحالة الردع العسكري الاقليمي في غزة ومدى انعكاسها على شكل المشهد العام الاسرائيلي وتشكيلة المربع الحكومي في تل أبيب ومآلات ذلك على أجندة البيت الأبيض بقضاياها وتداعياتها.

وقد نقرأ، والمنطقة تعيش أجواء متغيرة مع حالة الاستقطاب الاقليمي، قراءة تحملها مآلات القضايا المركزية وحالة الوضع الأمني وجوانب الاستثمارات التنموية حيث يمكن أن تأخذ بواسطته مدى قدرة هذه التحالفات الجديدة على احقاق العدالة وبسط حالة الاستقرار وتجسير التباينات بين الشعوب وترسيخ القواعد التشاركية في اطار طاولة القرار»المستديرة المستنيرة»باعتبارها احد المتطلبات الأساسية في تكوين المعادلة السياسية القادمة، الأمر الذي سيظهر على العيان بعد انتهاء مرحلة المخاض السياسي في المنطقة وثبات مراكز التموضع الجيواستراتيجية في الاقليم لكن ذلك بحاجة إلى وقت أكبر حيث يبدو أن مناطق النفوذ الاقليمي لم ترسمل بعد، مع بقاء بعض المجتمعات خارج الأطر الثلاثة المشكلة للتحالفات المحورية الاقليمية.

وهذا ما قد يدخل مناخات»الاحتواء الاقليمي»ونظريتها التي نعيش في تجاذبات اقليمية تقوم على الاستقطاب الضمني داخل الجغرافيا السياسية في المجتمع الواحد بهدف ترسيم مناطق النفوذ أو تثبيت أماكن وجودها الجغرافي الأمر الذي سيهدد الحالة المجتمعية السائدة لبلدان المنطقة وطبيعة العقد الاجتماعي الذي كانت تقوم عليه مستقراتها الوطنية حيث كانت معرفة معلومة بقواعدها وأسسها وضوابط ارتكازها المحورية والأفقية.

لكن اذا ما دخلت المنطقة في البيئة الاقليمية الجديدة فإن الكثير من هذه المفاهيم بحاجة إلى اصلاح واعادة ارتكاز لاسيما وأن المؤشرات تشير على اقتراب مناخات تشكيلها بسبب عدم وجود مقاومة حقيقية تعمل على ارجائها عن طريق مجابهة برنامجها ذاتي بديل لكن الراهن ما زال معقودا للمتغير الموضوعي على تبدل الكراسي السياسية في صناعة القرار العالمي لكن هذا يتوقف على حجم الارادة السياسية في هذا الاتجاه أو ذاك وعمق تأثير هذه الجهة أو تلك في الاعلان عن انتهاء مرحلة المخاض السياسي والدخول في مرحلة جديدة.

من هنا تأتي أهمية الاستجابة للانخراط بالتحالفات الموجودة بهدف ايجاد تلك الحماية السياسية اللازمة للأمن وتكوين تلك الروافع التنموية المنشودة لدفع عجلة الاقتصاد فإن التباطؤ في الدخول يقوم على محظورات سياسية يمثلها عنوان الدخول وسياساته والايدولوجية التي يقوم عليها ومدى ملاءمتها للمناخات الأهلية وكما أن الاسراع في الدخول واعلان موقف واضح يندرج في اطار حجم المكتسبات التي قد تجنى نظير المساهمة في التأسيس ومدى القرب في صناعة القرار بجسم التحالف.

و مع أن مجمل الصورة للمحاور الاقليمية باتت بالعموم معلومة وما زالت تنتظر اظهار تفاصيل الروافد التنموية ومسار جريان القضايا المركزية ومتطلبات البرنامج السياسي، لذا يتنبأ بعض السياسيين أن يحمل المستقبل المنظور مناخات سياسية تحمل طابع المسجات أحياناً وطابع الاحتدام السياسي والاستخباري في أحياناً أخرى على قواعد يقول مطلعها أن الخارج من هذه المحاور إلى محور آخر هو خروج معدوم إن كانت دولة أو حزب أو حتى تيار كما أن البقاء خارج هذه التحالفات أمر يشوبه المخاطر والبقاء خارجها لن يجعله يحظى في العوائد التنموية والاستثمارية.

من هنا تبرز اسئلة مشروعة تبرزها مسألة تبديل مراكز دول القرار في استبدال الاتحاد الروسي بالأوروبي وتبينها مسألة تعميد مراكز الدول الاقليمية إن كان هنالك ثمة تبديل في الربع ساعة الأخيرة على الخطة المرسومة ازاء تحديد مناطق النفوذ! أم أننا نعيش نظرية الثبات السياسي التي تقوم على ما تم تغييره يجري ترسيمه؟ واذا كان الأمر كذلك فما مدى انعكاس هذه المتغيرات على حالة التحالفات الاقليمية المبلورة، وان كانت باتت معلومة لكنها بقيت غير معلنة بسبب عدم الانتهاء من بلورة الشكل النهائي لمدى المد الجغرافي لمناطق النفوذ ومقدار التوسع الديموغرافي للشمول السياسي لإطار محاور الحمايات الاقليمية! كما أن هنالك استفسارات تندرج أيضاً في اطار شكل علاقة المحاور الاقليمية مع بعضها البعض؟ وطبيعة عمل الدول المشكلة لتلك المحاور على الصعيد السياسي والتنموي وذلك للوقوف عند ماهيته الأرضية التي تقوم عليها شكل وطبيعة حركة المجتمعات في اطار المحور الواحد؟.

اذن المنطقة وكتل محاورها والتي يجري ترسيمها وفق قواعد جديدة وتوافقات سياسية استراتيجية ينتظر أن تهضم الاشكالات العرقية والقضايا المركزية في اطار تكوينات وتحالفات جديدة مبنية على عقائد مذهبية وأمنية وتشكل حالة جديدة للتكونات المحورية القادمة بحيث يأمل من ورائها ايجاد حلول دائمة للقضايا الجوهرية المستعصية بواسطة نظرية»الاحتواء الاقليمي»والتى كان قد بينها كتاب»الأوراق الملكية رؤية استراتيجية» في الباب الأول بعد الانتهاء من مرحلة التغيير الناعم والتغيير الفض فهل ستنجح هذه النظرية للوصول بالمنطقة إلى الشكل النهائي وهو السؤال الذي سيبقى برهن اجابة قدرة المرسوم على الترسيم؟.

وأمام هذا المشهد السياسي العميق إن صحت قراءته يقف صانع القرار للتعامل مع قضايا مصيرية وتاريخية فيها من التعقيدات الكثير وفيها الكثير من الأبواب التي ليست فقط بحاجة لأدوات تقوم بفتحها، لكنها بحاجة أولاً لحسن تقدير في اختيار أي الأبواب الاقليمية أسلم للدخول، وهي تقديرات دقيقة بسبب كثرة المنزلقات وقلة الروافد التي باتت بمجملها ماطرة لصالح هذا التوجه أو ذاك الاتجاه أو تلك الفئة من هنا تندرج طبيعة التحديات الموضوعية التي تواجه صناعة القرار.

الأمين العام لحزب الرسالة الأردني

 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة