الأحد 2024-11-10 06:23 م
 

لماذا نتخذ القرارات ونتراجع عنها؟

08:04 ص

فور تولیھ حقیبتي التربیة والتعلیم والتعلیم العالي، اصطدم الدكتور ولید المعاني بمشكلة السنة التحضیریة لطلبة الطب وطب الأسنان في جامعتین حكومیتین، وترك أربع جامعات أخرى، وھو ما خلف شعورا بعدم العدالة لدى طالب الجامعتین.  اضافة اعلان


بالنتیجة وجد الوزیر الجدید القدیم نفسھ أمام وضع لا یبدو مقتنعا في الأصل بصحتھ، على ما بدا من تصریحاتھ.

وبالفعل توافق الوزیر مع لجنتي التربیة في مجلسي الأعیان والنواب، على خطة طریق للتراجع عن القرار بعد الضجة التي أثارھا طلاب الطب وطب الاسنان، والتھدید بتصعید الاحتجاج.

ویوم أمس اضطر رئیس جامعة الیرموك إلى التراجع عن قراره بتخفیض نسب مخصصاتھم من دخل البرنامج الموازي، بعد وقفات احتجاجیة صاخبة نظمھا أساتذة الجامعة.

قبل أسبوعین تقریبا حصل موقف مشابھ في جامعة البلقاء التطبیقیة، عندما نظم مئات الطلبة اعتصاما ضد قرار الجامعة اعتماد نظام الحوسبة لاحتساب علامات الطلبة، فتراجعت إدارة الجامعة عن قرارھا بعد یومین من التصعید.
یمكن ھنا أن استذكر عددا غیر قلیل من القرارات الرسمیة في الأشھر الأخیرة التي اضطرت المؤسسات رسمیة وحكومیة إلى التراجع عنھا بعد تصاعد الاحتجاجات ضدھا.

نحن ھنا أمام أسئلة محیرة، فإذا كانت القرارات المتخذة صحیحة وتم التراجع عنھا تحت الضغط، فالمؤسسة في ھذه الحالة خسرت فرصة التطویر والاصلاح، وتراجعت عن قرارات سلیمة تخدم مصلحة المؤسسة.

أما إذا كانت القرارات من الأساس یشوبھا العوار، فالسؤال لماذا أقدمنا علیھا قبل دراستھا بشكل واف؟ ھناك دون شك مشكلة متنامیة تتمثل في تراجع ھیبة المؤسسات وعدم قدرتھا على فرض إرادتھا، ویغیر ھذا الوضع قطاعات من العاملین باللجوء إلى لغة التصعید والاعتصام لكسر القرارات وإرغام المؤسسات على التراجع عنھا.

 لكن ھناك مشكلة بالأساس في صناعة القرار أیضا، والاستعجال في تبنیھ قبل دراسة جمیع الخیارات، وتقدیر ردود الفعل المتوقعة علیھ، والتوقیت المناسب لاتخاذه، بالإضافة إلى غیاب آلیات التفاعل مع الأطراف صاحبة المصلحة ومحاورتھا قبل اتخاذ القرار.

یقول اساتذة جامعة الیرموك على سبیل المثال أنھم علموا بقرار تخفیض مخصصاتھم فقط عندما تسلموا رواتبھم ووجدوا أنھا أقل من قیمتھا المعتادة شھریا. ھذا السلوك الفوقي في التعامل مع الموظفین یخلف ردة فعل غاضبة، ویدفع إلى مواجھات مستمرة مع الإدارة.

وعندما تذعن الأخیرة تحت التھدید والتصعید، فإنھا بذلك تكرس نھج الانصیاع بحیث یصعب علیھا في مرات قادمة اتخاذ أبسط القرارات إذا كانت تمس بمصالح المستفیدین حتى لوكانت ھذه القرارات صحیحة وتخدم مصلحة المؤسسة.

إنھا واحدة من تجلیات أزمة الإدارة الأردنیة،وتراجع مكانتھا، وافتقارھا للخبرة اللازمة،وقد ساھم ذلك كلھ بتزاید حالات التنمر على الرؤساء والمدراء لدرجة صار فیھا المسؤول یبحث عن رضى موظفیھ بأي طریقة،وأصبحت القرارات تخضع لمزاج الموظفین،لا بل بات المدیرون یحرصون على عدم اتخاذ القرارات كي لایكسبوا عداء الموظفین، فیمضون سنوات خدمتھم وشعارھم“س ّكن تسلم“.
 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة